برنامج الحكومة.. تحولات جذرية لتغيير الواقع نحو الأفضل
تأتي حكومة التغيير والبناء كرمز لتحقيق الأمل الذي طالما انتظره الشعب اليمني بفارغ الصبر، إذ وضعت القيادة الثورية والمجلس السياسي الأعلى نصب أعينها تحقيق أهداف هامة تسعى إلى إعادة بناء الوطن. ومن المؤكد أن هذه الحكومة لن تُجسد مجرد طيف من التغيير، بل ستعمل بجد لتحقيق تحولات جذرية تسهم في تحسين واقع اليمن نحو الأفضل.
استحدثت حكومة التغيير والبناء من خلال دمج عدد من الوزارات لتفادي الازدواجية وتنظيم العمل بشكل أكثر كفاءة. وتضم الحكومة مجموعة من الكفاءات من جميع المناطق اليمنية، مما يعكس شراكة وطنية حقيقية تضمن تمثيل مختلف الفئات والمكونات. يهدف هذا التشكيل إلى معالجة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الحالية، ومواجهة التحديات الناتجة عن الظروف الصعبة التي يواجهها الوطن جراء العدوان.
وتضمن البرنامج الذي تقدمت به الحكومة إلى مجلس النواب للظفر بثقته ستة محاور رئيسة، تشمل: تعزيز الصمود في مواجهة العدوان الأمريكي السعودي البريطاني الإماراتي الصهيوني ومعالجة آثاره، والتطوير الإداري والإصلاح المؤسسي، والسياسات الاقتصادية والمالية والتنموية، بالإضافة إلى تحسين الخدمات العامة والبنية التحتية، وتعزيز السياسة الداخلية والخارجية، وتأكيد مبادئ العدالة وحقوق الإنسان.
لقاء حكومة التغيير والبناء بالسيد القائد
وقبل أيام التقى قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي رئيس ونواب وأعضاء حكومة التغيير والبناء مؤكدا أن هذه الحكومة تأتي في ظروف حساسة واستثنائية وأن الأعداء يتربصون بها.
قائد الثورة أكد أن مهمة ودور الحكومة الجديدة يختلف عن كل ما قد مضى وأن الشعب ينتظر ماذا ستقدم له، وشدد على أن عنوان التغيير والبناء كعنوان للحكومة يبين ما هو منوط بها من مهام ومسؤوليات جسيمة، وإزاء هذه المسؤولية دعا قائد الثورة إلى أن يتحلى الطاقم الحكومي بتقوى الله واستشعار المسؤولية في خدمة الشعب كأعظم قربة إلى الله.
كما شدد على أهمية فهم واستيعاب أن أمانة المسؤولية من أكبر الأمانات ما يتطلب الاستعانة بالله والتوكل عليه والأخذ بالأسباب للتوفيق في القيام بالمسؤولية، بالإضافة إلى الصبر والتحمل ورحابة الصبر، والحذر من الشح والحرص على المصالح والمكاسب الشخصية باعتباره أكبر وأخطر عائق في طريق النجاح، ونوه بأهمية الالتزام بالنزاهة الأخلاقية والمالية وأهمية المعرفة بالوضع الراهن لمؤسسات الدولة ومشاريعها وبرامجها والاستفادة من منجزات المرحلة الماضية وتجاربها المفيدة.
ولفت إلى أهمية الرشد في النفقات والتكاليف في ظل صعوبة الظروف ومحدودية الإيرادات في مرحلة الحرب الشاملة، آملا أن يكون التفكير للحلول إبداعيا وفي نطاق ما هو متوفر من إمكانات وفرص لمعالجة المشاكل وتجاوز العوائق وأن يسود التعاون والتكامل والعمل كمنظومة واحدة من خلال تظافر وتنسيق الجهود وما لها من نتائج مهمة وكبيرة مهيبا بالجميع عدم تجاوز الصلاحيات وما ينتجه من تضارب وتداخل في الأعمال والسعي للمبادرة والإنجاز بعيدا عن الروتين والتأخير والتطويل في الوزارات والهيئات والمؤسسات.
وتوقف قائد الثورة عند أهمية الالتزام بالدوام الرسمي والقرب من الناس، والعناية بالإصلاح الإداري نظرا لما يعتريه من علل ومشاكل وتعقيدات من خلال السعي للأتمتة، كما دعا إلى أهمية العناية بالرقابة المصاحبة والمراجعة الداخلية ومحاربة الابتزاز والاستغلال وأسلوب المماطلة في المعاملات، وأكد قائد الثورة على أهمية السعي الجاد من الحكومة بكل وزاراتها ومؤسساتها للتكامل مع الشعب سواءً عبر تشجيع وتحريك ودعم المبادرات المجتمعية أو تفعيل القطاع الخاص للمشاركة في بناء البلد.
وحذر من التوجهات الفردية في العمل من خلال تفهم أهمية العمل الجماعي والتكامل مع رفاق العمل والجهات الاستشارية، كما شدد على أهمية الوعي بأن البلد في حالة حرب شاملة مع الأعداء ويتعرض لحملة دعائية كبيرة بهدف التشويه والتزييف للحقائق، تتطلب جبهة إعلامية تواجه ذلك بالتصحيح وتوضيح الحقائق وتفنيد الشائعات، كما دعا إلى الانضباط الإعلامي وخاصة من الوزراء وبقية المسؤولين.
كما أكد قائد الثورة على أهمية التركيز على إصلاح الوضع الاقتصادي بالاستفادة من الاستثمارات وتفعيل القطاع الخاص والعناية بالاقتصاد المجتمعي، والحرص على تكامل الأدوار في مختلف الجهات الاقتصادية.
الحكومة في خطاب القائد
في خطاب للسيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي بمناسبة ذكرى ثورة 21 سبتمبر، أكد السيد القائد على جهود الأحرار في الحكومة وتحملهم للمسؤولية رغم الظروف الصعبة. ومع ذلك، أشار إلى أن الإشكالات الموروثة من الأنظمة القديمة، والسياسات والفساد، قد أثرت سلبًا على أداء مؤسسات الدولة، مما يعيق التنمية وتقديم الخدمات.
وهو الخطاب الذي، حظي باهتمام العديد من المتابعين بمضامينه، واعتبروه، في حينه، ولايزال بمثابة برنامج عمل الحكومة الجديدة. يتوجب على الحكومة الاستجابة إلى تنفيذها للتغلب على السلبيات المشار إليها، وإن ثقلت حجم المسؤوليات، لكن ليس بالمستحيل على فريق حكومي تم اختياره بعناية تغيير الواقع والانتقال بحال البلاد إلى آفاق المستقبل المنشود.
وبالنظر إلى الوضع الحالي المتدهور، يتطلب من الحكومة اتخاذ خطوات جسيمة للبدء في عملية إعادة البناء وتحقيق تغييرات جذرية في جميع المجالات. يراهن المواطنون على أن البحث عن حلول منصفة لقضايا رواتب الموظفين، وتحسين الخدمات الأساسية خاصة في مجالي الصحة والتعليم، سيكون بمثابة المعيار الرئيسي لنجاح حكومة التغيير.
خطوات جريئة
مع ذلك، تواجه حكومة التغيير والبناء تحديات جسيمة تتطلب استجابة سريعة وحازمة. يشهد اليمن، الذي تعرض على مدار 9 سنوات لقصف تحالف عدوان غاشم قادته طال كل مقدرات البلاد من البنية التحتية والمصانع والشركات الخاصة والعامة، وتسبب في إدخال البلاد في واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث يعاني المواطنون من نقص حاد في الغذاء والمياه والخدمات الصحية والتعليم.
ونتيجة للعدوان المستمر، يعاني الاقتصاد اليمني من انهيار شامل، مع غياب الرواتب وتدمير البنية التحتية. لذا، يتعين على الحكومة استعادة الوضع الاقتصادي ومحاربة الفساد وتحقيق استقرار مالي تمثل تحديات أساسية أمام حكومة التغيير والبناء.
كما يتعين عليها أن تتخذ خطوات جريئة لتحسين هذه الأوضاع، من خلال العمل تفعيل العمل التشاركي الحكومي المجتمعي بهدف استغلال كامل قدرات الأمة المتاحة في مسارات الزراعة والتمكين الاقتصادي الهادف إلى بناء اقتصاد مجتمعي مقاوم.
وبالتزامن مع العمل على توجيه الجهود نحو مواجهة العدوان وإنهائه بالخيارات الاستراتيجية التي تضمن لليمن الظهور بمركز القوة التي تقهر العدوان وتجبره على القبول بما تفرضه إرادة الشعب اليمني في حقه بناء دولته المستقلة على كامل ترابه الوطني، دولة تمتلك السيادة الكاملة على بره وجوه وبحره.
التركيز على التنمية المحلية
إن المرحلة الراهنة تتطلب استجابة فورية وفعالة للتحديات المستعصية التي يواجهها المواطن اليمني. إذ إن إرساء العدل الاجتماعي وتوفير الخدمات الأساسية مثل التعليم والرعاية الصحية هي من الضروريات التي لا يمكن تجاهلها. وبالفعل، فإن كل خطوة تتخذها الحكومة يجب أن تكون موجهة لتحقيق هذه الأهداف وتكون مبنية على واقع المواطن ومعاناته اليومية.
ولعل من أبرز السمات المميزة لهذه الحكومة هو التركيز غير المسبوق على التنمية المحلية، وذلك من خلال إعادة هيكلة البرامج التنموية لتستهدف المناطق الريفية التي عانت لعقود من إهمال التنمية. فإيجاد فرص عمل محلية وتحسين مستوى المعيشة في هذه المناطق، لن يساهم فقط في تقليص الهجرة الداخلية، بل سيعزز من انتماء المواطنين لأرضهم ويعمل على بناء مجتمع متماسك.
تعتبر الحكومة الجديدة جزءًا من مسار طويل نحو الإصلاح الإداري، حيث تم الإعلان عن خطة تكاملية لمراجعة المنظومة الحكومية واستهداف التضخم الوزاري. إن هذا التوجه يعزز من كفاءة الأداء الحكومي ويزيد من شفافيتها، مما يزيد من ثقة المواطنين في قدرة الحكومة على تلبية احتياجاتهم.
إن الشراكة بين الحكومة والشعب تمثل أحد المحاور الهامة لنجاح الحكومة في إرساء الأمن والاستقرار. فالتعاون بين الطرفين يجب أن يكون مبنياً على أساس من المسؤولية المشتركة، حيث ينبغي على المجتمع المدني أن يلعب دوراً محورياً في دعم السياسات والإجراءات الحكومية، لضمان تحقيق الأهداف المرجوة.
التحديات والفرص المتاحة
بالرغم من التحديات الكبرى التي تواجه حكومة التغيير والبناء، بدءاً من تقطّع الأوصال نتيجة الحصار الاقتصادي، إلا أن انطلاق العمل الحكومي تحت قيادة رئيس الوزراء أحمد غالب الرهوي قد يوفر فرصة فريدة لصياغة مستقبل أكثر إشراقاً. تنبع هذه الفرصة من التعاطي بواقعية مع المعوقات وتحديد الأولويات بوضوح، مما يعزز من فعالية الخطط الحكومية.
تشكل العلاقات الدولية أحد التحديات الرئيسية، إذ يحتاج الحكومة الجديدة إلى استعادة التواصل مع المجتمع الدولي وكسر العزلة المفروضة. ومن المؤكد أن هناك حاجة لتنسيق فعال بين وزارة الخارجية والوفد الوطني المفاوض حول العديد من الملفات العالقة في حدود الشروط المرجعية التي يحملها المفاوض اليمني.
إن انتعاش اليمن لا يعتمد فقط على جهود الحكومة، بل يتطلب أيضاً تعزيز العلاقات المتكافئة مع الإقليمي والدولي. والذي من الضروري أن تعمل الحكومة على صياغة آليات تسويق تتناسب وما يجعل قضايا اليمن تظهر بصورة إيجابية في المحافل الدولية، وفتح أفاق جديدة للإسهام في إعادة تأهيل الاقتصاد والبنية التحتية وفق خطط وتطلعات الإرادة اليمنية المستقلة والقادرة على إدارة الطبيعية والبشرية بما يحقق لها النهوض الاقتصادي والاجتماعي والبيئي الذي يليق بها كأملة مسلمة لها خصوصياتها المتفردة، وخاصة في التشريع المناسب لكل مجال من مجالات الحياة.
آفاق المستقبل
في الختام، تشكل حكومة التغيير والبناء فرصة تاريخية لليمنيين لبناء مستقبل زاهر يحقق تطلعاتهم. ويتطلب النجاح في هذا المسعى تضافر الجهود من جميع الأطراف، وتجاوز الصعوبات والمعوقات وسد الفجوات لمواجهة المزيد من التحديات بروح الوحدة الوطنية. بهذه الطريقة، ستتمكن هذه الحكومة من إدارة دفة التغيير والبناء نحو الاتجاه الصحيح، لبناء يمن جديد يسوده الأمن والازدهار.