أي دور لمسيّرات المقاومة في مواجهة العدو “الإسرائيلي؟” قراءة عسكرية ميدانية
|| صحافة ||
من الواضح أن دور وتأثير سلاح المسيرات بشكل عام، يأخذ حيزاً واسعاً من الاهتمام العالمي اليوم على صعيد الحروب التي تدور في كل الساحات الدولية، ومنها بعض الأمثلة: الحرب الروسية – الأطلسية في أوكرانيا، أو الحرب بين أذربيجان وأرمينيا، والتي حُسمت سريعاً لمصلحة الأولى بفضل سلاح المسيرات (التركية والإسرائيلية)، أو الحرب في ليبيا والتي كان للمسيرات التركية الداعمة لحكومة طرابلس الغرب بمواجهة جيش حفتر دور فاصل في فرض ستاتيكو معين أوقف الحرب الداخلية … إلخ.
اليوم، يدور الحديث بقوة عن الدور اللافت الذي تلعبه مسيّرات المقاومة الإسلامية في لبنان بمواجهة العدو الإسرائيلي، فكيف يمكن الإضاءة على دور هذه المسيرات في المعركة وعلى تأثيراتها في العدو في عدة جوانب ، والأهم على ما استطاع حزب الله أن يفرضه عبر هذا السلاح على صعيد المواجهة القاسية التي يخوضها اليوم ضد وحدات العدو.
بداية، من الضروري الإضاءة على أسباب تميز سلاح المسيرات لدى المقاومة والتي يمكن تلخيصها بالآي:
– المسيرات بشكل عام وبسبب نوعية المواد التي يتكوّن منها هيكلها، وبسبب حجمها الصغير إجمالاً وبسبب الشكل المدروس الذي يوفر انزلاقاً سريعاً للإشعاعات التي تستهدفها من الرادارات، تملك بصمات رادارية ضعيفة، تجعلها عصية بنسبة غير بسيطة على أن تلتقطها رادارت الدفاع الجوي العدوة، وأيضاً، بسبب كون محركاتها ( بأغلبها تقريباً) هي كهربائية، حيث لا وجود لاحتراق وقود وبالتالي ليس لديها البصمة الحرارية التي تجذب بالعادة الصواريخ التي تعمل على الأشعة ما دون الحمراء.
– الناحية الأخرى التي تعطي أفضلية لمسيرات المقاومة هي ناحية ميدانية جغرافية، حيث قواعد إطلاقها قريبة بنسبة كبيرة من أهدافها، الموجودة في المناطق الحدودية أو الموجودة داخل فلسطين المحتلة، مما يقصّر بنسبة كبيرة مدة مسيرها في الجو قبل وصولها لأهدافها، الأمر الذي يضيق هامش الوقت الكافي لمنظومات رادارات العدو ولمنظومة إطلاق صواريخها الاعتراضية للتفاعل والاستجابة والتدخل لمواجهتها.
– ويبدو أيضاً أن مسيرات حزب الله هي من النماذج المتطورة والتي تملك خاصيات جديدة، تعطيها إمكانيات أوسع لتجاوز منظومات القبة الحديدية والدفاع الجوي الأخرى للعدو.
بالعودة إلى دور هذه المسيرات في المواجهة، يمكن الإشارة إلى أن مناورة القتال فيها، تتوزع على ثلاثة مستويات قتالية هي:
أولاً، في المواجهة المباشرة على الحد الأمامي، حيث تستهدف مسيرات المقاومة الانقضاضية مجموعات العدو التي تحاول تنفيذ عمليات الاختراق والتوغل القريب، وهذا الأمر حصل ويحصل على كامل جبهة المواجهة، وكان له – مع الصواريخ الموجهة – دور فعال في إسقاط عدد كبير من الإصابات للعدو في اللبونة ورأس الناقورة وفي مثلث عيتا الشعب- راميا- القوزح وفي شرق مارون الراس، وفي بليدا وميس الجبل والعديسة ومؤخراً في الخيام، حيث اضطر العدو بسبب خسائره البشرية الضخمة لسحب وحداته من جنوب وشرق البلدة .
ثانياً في مواجهة مواقع العدو الحدودية، وهنا تؤدي مسيرات حزب الله الانقضاضية دوراً أشبه بالدور الذي تلعبه الطوافات عادة في المواجهات، حيث تستهدف هذه المسيرات الانقضاضية، وبالتعاون مع منظومة رصد ناجحة، أغلب تجمعات العدو، والتي تكون مكلفة بمهمات الدعم المباشر لوحداته المتقدمة على الحدود الأمامية، الأمر الذي يشتت هذه الوحدات بنسبة غير بسيطة، ويمنعها من أن تكون بوضعية مرتاحة لتنفيذ الدعم المباشر، بالإضافة للخسائر التي تسقط لهذه الوحدات.
ثالثاً على صعيد دور الاستهداف الأبعد داخل عمق الكيان .
وهنا يمكن القول إن مسيرات حزب الله ، بالإضافة لتأثيراتها المباشرة في إسقاط إصابات مؤكدة وقاتلة في مناطق بعيدة عن الحدود داخل عمق الكيان ، فهي أصبحت تشكل هاجساً قاتلاً للجانب العسكري الذي يفشل في منعها ، ولداخل الجبهة الداخلية العدوة بشكل عام، حيث نمط الحياة فقد توازنه، اقتصادياً وتعليمياً واجتماعياً، وأصبحت مساحة كبيرة من الكيان ، بما تحضن من مدن ومستوطنات ، تعيش أجواء الحرب بشكل كامل وعلى المستويات كافة.
من هنا، وبسبب هذه التأثيرات الضخمة لمسيرات حزب الله على معركة الكيان العدوانية على لبنان وعلى غزة أيضاً، وفي الجوانب العسكرية والميدانية والاجتماعية والاقتصادية كافة، وبسبب العجز الواضح عن مواجهتها أو على الأقل عن مواجهة جزء غير بسيط منها، والاعتراف بذلك، لم يعد مستبعداً أن يكون لتأثيرات هذه المسيرات في العدو دور مساهم وبقوة في دفعه لإيقاف عدوانه ولإعادة النظر في متابعة هذا العدوان، والذي بدأت خسائره تلامس الحد الذي لا يمكن تجاهله أو تجاوزه.
العهد الاخباري: شارل أبي نادر