بايدن، وكاميلا أو ترامب.. “جدة الكلاب واحدة”
موقع أنصار الله . إسماعيل المحاقري
مع كل انتخابات رئاسية أميركية، تتفاعل دول الشرق والغرب مع حملات المرشحين المحصورين في الحزبين الجمهوري والديمقراطي، وتتجه أنظار العالم نحو النتائج، وكأن هذه الانتخابات شأن داخلي لكل من يتحالف مع أميركا أو يناهض سياستها، وهي كذلك؛ لاستفراد الأخيرة بالقرارات الدولية وتحكمها بالاقتصاد العالمي “ربط العملات بالدولار بدلاً من الذهب”, ولتأثيرها الأمني والعسكري والسياسي على غالبية الأنظمة وعلى وجه الخصوص العربية منها والإسلامية.
في الأوساط العربية يكثر الجدل، بشأن المرشحين الأمريكيين، كل أربع سنوات، ومع الجولة الأولى من سباق الوصول إلى البيت الأبيض تبدأ سلسلة غير متناهية من التحليلات والتأويلات ما بين مؤيد ومفضل فوز الديمقراطيين على الجمهوريين أو العكس، والمسألة لم تعد ترتبط بمن يميل أكبر من الزعماء الأمريكيين إلى دعم ما أطلقوا عليه مبادرة “السلام العربية”, وهي مبادرة الاستسلام والتي تتمحور حول “حل الدولتين” وتغيير السياسة القائمة على فرض الحصار والعقوبات وإثارة النزاعات والحروب إن بشكل مباشر أو غير مباشر، فثمة مخططات أكبر تتجاوز حد تصفية القضية الفلسطينية إلى تغيير خريطة وشكل الشرق الأوسط لمصلحة كيان العدو الإسرائيلي والتسابق محموم من أجل هذا الهدف بين حمار الديمقراطيين، وفيل الجمهوريين.
********
في تسعينات القرن الماضي سألوا الفقيد الراحل السيد العلامة إسماعيل بن عبدالملك المروني – وهو من كبار علماء اليمن – عن رأيه في الانتخابات الأمريكية وأيهما الأسوأ من المرشحين والأخطر على قضايا الأمة, فرد عليهم بإجابة مقتضبة واضحة المعنى عميقة الدلالات “جدة الكلاب واحدة” ويقصد بذلك أن سياسة البيت الأبيض الداعمة لكيان العدو ثابتة ولن تتغير برحيل “جورج بوش” الأب ولا مجيء “بل كلينتون” الكل سواسية بما يضمرونه من عداء للعرب والمسلمين أو بما يظهرونه، ولا تعويل إلا على الجهاد ومقارعة الطغيان والاستكبار.
الأمر ينطبق على اليمين الصهيوني واليسار، قبل أن يتشابها فيما يظهرانه من حقد وإجرام في قتل الشعبين الفلسطيني واللبناني, وارتكابهما أبشع جرائم حرب الإبادة والتدمير, وسبق لشهيد الأمة والإنسانية السيد القائد حسن نصر الله، بمعنى كلامه “أن مواجهة اليمين المتطرف بخططه التآمرية الواضحة على الطاولة أهون من مواجهة اليسار الذي يخادع ويناور ويبيع للعالم وهم السلام.
ينتظر من ترامب في الأوساط الصهيونية، أن يُطلق لقادة العدو العنان لضم الضفة الغربية المحتلة والتمهيد للسيطرة الكاملة على القدس الشريف، مع تقديم كل وسائل الدعم العسكري والسياسي والأمني في مواجهة إيران وما يسمونه “محور الشر”؛ لإنهاء التهديد الذي يحيط بالكيان الصهيوني من “لبنان، سوريا، العراق، اليمن، وهذا المخطط يحتاج إلى إلحاق السعودية بدول التطبيع, وإشراكها المعلن في التحالفات الأمنية والعسكرية براً وبحراً بقيادة كيان العدو الإسرائيلي.
********
في الواقع الرئيس جو بايدن لم يتخلف يوماً عن دعم كيان العدو لتحقيق هذه الأهداف, ولم يبخل بالمال والسلاح لإدامة حرب الإبادة في غزة ولبنان ,ولا بخوض معارك بين الحروب لمنع التهديدات اليمنية والعراقية، ومع ذلك لم يحظ بدعم اللوبي الصهيوني اللازم في الانتخابات لتخسر المرشحة الديمقراطية هاريس أمام ترامب رغم الوعود بتقديم المزيد من الدعم لحكومة نتنياهو.
عربياً وفي أعقاب هذه النتيجة ذهب البعض في اتجاه الترويج بأن الفترة المتبقية من ولاية بايدن قد تشهد انفراجه في غزة ولبنان عن طريق ممارسة الإدارة الحالية الضغوط فيما تبقى لها من فترة للتوصل إلى صفقة لتبادل الأسرى ومطالبة نتنياهو بتنازلات مثل الانسحاب من محور فيلادلفيا ونحوه، وذلك انتقاماً من موقف نتنياهو وتحالفه المتخاذل من دعم الديمقراطيين ودعمهم ترامب، لكن الرد كان صاعقاً للمخدوعين في سياسة البيت الأبيض إذ جدّد بايدن دعمه المطلق لكيان العدو، وقال لنظيره الصهيوني إسحاق هرتسوغ بعد الإعلان عن خسارتهم الانتخابات: إن “التزامنا تجاه إسرائيل لا يتزعزع” وجدد مقولته المعروفة “لا داعي لأن يكون الشخص يهودياً ليصبح صهيونياً” وهي مقولة ترددت كثيراً على لسان هذا الرئيس ومسؤوليه, وسنسمعها كثيراً من ترامب وفريقه العنصري.