العدو يحصد الفشل واليوم التالي للعدوان ترسمه المقاومة
موقع أنصار الله . تقرير | وديع العبسي
بين النصر والهزيمة، كل المعطيات تقود إلى انتصار المقاومة الفلسطينية، وانكسار شوكة العدو الإسرائيلي، إذ تُبين النتائج أن لا هدف استراتيجي نجح العدو في تحقيقه، إلا مزيدا من التدمير والقتل في قطاع غزة وهي سياسة اعتاد ممارستها في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ أكثر من (75) عاما. وفي لحظة التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، تجلت الهزيمة أكثر للعيان، ففضلا عن الرضوخ لشروط المقاومة للإفراج عن الأسرى الصهاينة الذين استمات النتنياهو في ممارسة الوحشية لإعادتهم، فشل العدو في فرض إرادته بشأن التواجد العسكري الصهيوني داخل غزة ومحور “فيلادلفيا”، فكيف وهو الذي تبادل مع الهرِم الأمريكي بايدن ووزير خارجيته بلينكن الضحكات وهم يحاولون تخيل اليوم التالي للعدوان على غزة من دون المقاومة، إذ استمرت المقاومة حتى اللحظة الأخيرة التي سبقت دخول الاتفاق حيز النفيذ بتلقين العدو دروسا في الثبات والاستبسال.. يقول الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد النخالة “فرضنا على العدو ما حددناه من اليوم الأول من العدوان رغم الخسائر”.
تركيبة العدو المخادعة
ولا يبدو مع كل ذلك أن العدو في وارد الالتزام بوقف إطلاق النار، لأسباب بسيطة بعضها مرتبطة بتركيبة العدو القائمة على الخداع والكذب، ومساعيه لترويض الأمة لتقبل مشاهد القتل والتدمير، وأخرى كشفت عنها الأيام التي سبقت وتلت التوقيع على الاتفاق إذ كثف الكيان الدخيل على منطقتنا من غاراته وشن هجمات واسعة بعضها كانت تخلف أكثر من (100) شهيد خلال (24) ساعة، والسبت فقط وقبل يوم واحد من بدء سريان الاتفاق شملت عمليات القصف جميع مناطق غزة تقريبا، منها: بلدة بيت حانون، ومنطقة النزلة غرب جباليا، وشمال وشرق مخيم البريج، وساحل مدينة غزة، وغرب حي الزيتون، ومخيم جباليا، ومنطقة الصفطاوي شمالا، ومناطق شرق القطاع، هذا إلى جانب اقتحام مخيم شعفاط في القدس المحتلة.
ظهور المعتوه ترامب في المشهد
وإلى ذلك من المؤشرات على نوايا خبيثة لكيان العدو، تمهيد النتنياهو للعودة إلى العدوان وبشكل ربما يكون أكثر بشاعة بقوله لـ”حكومته” إن المعتوه ترامب “سيدعم -بشكل قطعي- عودة إسرائيل للحرب بشكل كامل في حال انتهاك الاتفاق”، حسب قوله.. وقال أيضا في اجتماع حكومة العدو إن “ترامب بعد تنصيبه سيفرج عن جميع الأسلحة التي تم تعليقها”، وربما هذا ما أراد ترامب الإشارة إليه بقوله لشبكة إن بي سي السبت “إذا احترمونا سيستمر وقف إطلاق النار وإذا لم يحترمونا ستنفجر الأمور”، ترامب كما يبدو لم يغادر حالة العظمة التي يتلبّسها، ليقول بالمناسبة إن هذا الاتفاق الذي وصفه بـ “الملحمي” “لم يكن ليحدث إلا “نتيجة لانتصارنا التاريخي في نوفمبر” وفق تعبيره، في إشارة إلى فوزه في الانتخابات الرئاسية الأمريكية.
كما تأتينا المعطيات بحالة جامحة من عدم القبول والرضى من قبل “أحزاب الائتلاف” الحاكم في الكيان الاسرائيلي والتي عبرت عن شعورها بالخيبة من الاتفاق واعتبرته هزيمة، بعد كل هذا المسار من الخسائر الفادحة من أرواح في أوساط “جيش” العدو والمستوطنين الصهاينة، فضلا عن الخسائر المادية.. في هذا السياق، لم يصوت “وزير مالية حكومة” نتنياهو “بتسلئيل سموتريتش”، لصالح الاتفاق، وقال “نحن نعارض بشكل قاطع الصفقة، وقد بذلنا كل ما في وسعنا لمنعها؛ لأنها سيئة وتهدد “إسرائيل”، وأضاف “للأسف وافق نتنياهو على صفقة سيئة وكارثية تهدد أمننا القومي وستؤدي إلى إهدار إنجازات الحرب”، فيما وصف “وزير خارجية” الكيان “جدعون ساعر” اتفاق وقف إطلاق النار في غزة مقابل الرهائن بأنه “خيار مؤلم بين السيئ والأسوأ”،
من جهته صاحب “خطة الجنرالات”.. الجنرال في “جيش” العدو “غيورا أيلاند” أكد أن “حماس انتصرت و”إسرائيل” هُزمت وفشلت فشلاً مدوياً” حسب تعبيره، فيما قال عضو حركة “القادة من أجل أمن إسرائيل”: الجنرال غادي شمني “الحرب التي يخوضها الجيش منذ خمسة عشر شهرا يدفع فيها جنوده حياتهم ثمناً لحرب استنزاف بلا أمل، وهذا الوضع القاتم ليس نتيجة لفشل عسكري فحسب، بل لفشل قيادي أيضاً، لأنه رغم التعبئة العسكرية الكاملة، لكن أهداف الحرب الرئيسية المحددة في البداية لم تتحقق بعد خمسة عشر شهراً من بدئها”.. من جهته المحلل والكاتب الإسرائيلي “ألون مزراحي” قال: “حماس أسطورة لأجيال قادمة ولقد انتصرت علينا بل على كل الغرب وصمدت في المواجهة”.
على ذات السياق أيضا، أكد “معهد دراسات الأمن القومي” الصهيوني، السبت، أنه تم استنزاف “جيش” العدو الصهيوني في مهام لم يكن لها تأثير على شروط إنهاء الحرب على قطاع غزة.. وقال “معهد الأمن القومي” الإسرائيلي: إن “اتفاق وقف إطلاق النار يعني أن إسرائيل لن تدمر حماس لأنها لم تكن قادرة على ذلك”، وأضاف أن “إصرار إسرائيل على مواصلة الحرب كان لأسباب سياسية أو بسبب قصر النظر، والحقيقة الأساسية أن حركة حماس ستتعافى أكثر وقيادتها المستقبلية ستغادر السجون”، وأشار إلى أن قرارات المجرم نتنياهو و”حكومته” و”المؤسسة الأمنية” كانت على حساب حياة “الجنود والرهائن”، وفقًا للمعهد.
النزول من الشجرة الملطخة بالدماء
في يونيو الماضي، شهد الجانب الاسرائيلي صدور عديد التقارير التي تفيد بقرب الإعلان عن تحقيق القضاء على حركة المقاومة الإسلامية حماس والانتصار في الحرب التي يشنها على قطاع غزة، وهو ما دفع الكاتب الإسرائيلي البارز “جدعون ليفي” للسخرية، راسما حينها حقيقة تفاصيل المشهد الذي تفيد بأن الكيان قد غرق فعليا في غزة دون أن ينجح في تحقيق أي هدف وأن النصر المتاح هو أن ينجح في الخروج من القطاع.
المشهد الذي يأخذ مساره اليوم هو ما توقعه ليفي، فالظروف التي بعيشها الكيان لم تتبدل حيث وقد مر عام وأربعة أشهر دون أن يتمكن العدو من تحقيق نصر استراتيجي لا على صعيد التأثير في قدرات حماس ولا استعادة الأسرى الصهاينة أكانوا أحياء أو جثثا.. ووفقا لـ “ليفي”: “إن كل يوم يمر على إسرائيل لن يفضي سوى إلى مزيد من الغرق في مستنقع غزة”. قائلا “هب أنك سحقت كل كتائب حماس في رفح، التي كانت تبعدنا شعرة عن تحقيق نصر تام، فعليك أن تُخفي كل ما حدث لإسرائيل من الداخل والخارج وما يحول دون إعلان النصر، لأن الأهم هو مغادرة غزة”، وقال “من الواضح أن إسرائيل لم ولن تحقق أي نصر في غزة، وكان عليها أن تتظاهر بالنزول من الشجرة الملطخة بالدماء التي تسلقتها، وهي شجرة لم يكن عليها أن تتسلقها أصلا”.
وأضاف “جدعون ليفي” ساخرا أن من “الأفضل لإسرائيل أن تتصنع النصر”، مضيفا أن “حماس رغم تلقيها ضربة عسكرية إلا أنها انتصرت دبلوماسيا واجتماعيا وأخلاقيا واقتصاديا”، وقال الكاتب إن “وضع إسرائيل نهاية الحرب أسوأ بكثير مما كان عليه في بدايتها”، واصفا الحرب بأنها “لا لزوم لها” وأنه “لم يكن هناك مبرر لها”، موضحا أن الحروب “تقاس بنتائجها وأن نتائج حرب غزة كانت معروفة سلفا حيث تجلت في تورط لا جدوى منه، وسفك دماء الفلسطينيين وكأنها ماء، وكل ذلك من أجل لا شيء”.
هذا الحال هو ما يعيشه الكيان اليوم ولذلك سنراه يرتكب الكثير من الخروقات، لتهدئة الرافضين للاتفاق الذي يرون فيه تحطيما أكثر لكبريائهم
الفظائع في غزة أمريكية
(470) يوما تقريبا من العدوان الصهيوني الأمريكي البربري على سكان قطاع غزة، وحصيلة حرب إبادة قاربت الـ 47 ألفاً شهيدا غالبيتهم من النساء والأطفال، وأكثر من 110 آلاف جريح، ودائما ما كانت واشنطن تختفي عن المشاركة المباشرة، وتدعي بوقوفها ضد الهجمات العشوائية وقتل المدنيين فيما كانت الوقائع تفضح دائما زيف هذا الادعاء، فضلا عن إقرار قيادات أمريكية بأن بلادهم تقول ما لا تفعل، والسبت ادعى العجوز الأمريكي المنتهية ولايته جو بايدن – أنه طلب من النتنياهو ضبط الهجمات بما لا يستهدف المدنيين وقال: “قلت لنتنياهو لا يمكنك قصف هذه المجتمعات بالقصف العشوائي”، هذا الادعاء نسفه السيناتور الأمريكي بيرني ساندرز في ذات اليوم بالقول: “الولايات المتحدة ساعدت في ارتكاب الفظائع الجماعية في غزة من خلال إمدادات الأسلحة إلى نتنياهو”.
جبهة اليمن ترصد
الطبيعي أن جبهة الإسناد اليمنية ستتفاعل بشكل إيجابي مع وقف إطلاق النار، وإن كان من المتوقع أن يكون لها موقف متفاعل أيضا مع أي خروقات يمكن أن يرتكبها العدو الإسرائيلي أثناء مراحل الاتفاق.
يقول السيد القائد في كلمة له اليوم الاثنين، ” نحن الآن نرصد مراحل تنفيذ الاتفاق بكلها وجاهزون للتصعيد في أي مرحلة يعود العدو الإسرائيلي إلى التصعيد وينكث بالاتفاق ونحن في جهوزية مستمرة والأيدي على الزناد وعملياتنا مرتبطة بمدى تنفيذ العدو للاتفاق.
وأضاف: ” مستعدون ونعمل باستمرار للاستعداد للجولات الآتية الحتمية في كل المجالات من أجل أداء أقوى من هذه الجولة بإذن الله تعالى على كل المستويات أيضا وسنتصدى لكل محاولات الأعداء ولكل أجندتهم الرامية إلى إزاحة شعبنا عن موقفه وتوجهه بمختلف الأساليب التي يستخدمها الأعداء”، لافتا إلى أن الأعداء لهم أجندتهم لهذه المرحلة التي سيتحركون فيها سواء ضد الشعب الفلسطيني ومجاهديه الأعزاء أو ضد جبهات الإسناد ومنها جبهة اليمن.
ومن المهم أيضا في هذا الجانب الانتباه إلى الموقف الأمريكي الذي لم يصدر منه ما يشير إلى حلّ تحالفه المُسمى بـ”حارس الإزدهار”؛ الذي شكّله للعدوان على اليمن إسنادا للعدو، ما يُبين إلى حد كبير بنوايا مبيّته لاستمرار هذا العدوان خصوصا مع ذهاب المراقبين إلى أن الوضع ربما يشهد تحركا أمريكيا لتشكيل تحالف جديد تدخل فيه الدول المشاطئة للبحر الأحمر بما في ذلك الكيان الصهيوني بزعم حماية البحر الأحمر، وحدوث ذلك لا يعني إلا العودة مرة أخرى إلى عسكرة البحر وخلق حالة من التوتر لا يبدو أنه سيكون مقبولا، فأمريكا لا شأن لها بالمنطقة عموما، هذا فضلا عن كون الهدف من هذا كله لن يكون سوى حماية العدو الصهيوني. دول البحر الأحمر هي المعنية بحمايته، أما أمريكا وبريطانيا فعودتهما إلى هذه الممارسات يعني أنهما سيجرّان الوضع إلى حالة من عدم الاستقرار.
أمريكا تراهن في هذا السياق على دور قرار من مجلس الأمن، ضد أي تحرك يمكن أن يستهدف التحالف الجديد، بالاستناد إلى وقف الحرب على غزة، إلا أن هذا لا يعني القبول بمساس هذه الكائنات الاستعمارية بسيادة وأمن دول المنطقة وسيكون مجلس الأمن مطالبا بالتعاطي مع مصالح الدول بعين متساوية وعدم الرضوخ لرغبات البيت الأبيض.
تحذير القوات المسلحة
القوات المسلحة اليمنية بدورها حذرت بصريح العبارات من أي حماقات يمكن أن يرتكبها العدو الأمريكي، وجددت التأكيد على أن لا خطوط حمراء يمكن أن تحول دون الدفاع عن السيادة الوطنية من أي انتهاك غير محسوب العواقب.
وفجر الأحد حذرت القوات اليمنية “القوات المعادية في البحرِ الأحمر من مغبةِ أي عدوانٍ على بلدِنا خلال فترةِ وقفِ إطلاقِ النارِ في غزةَ” وقالت في بيان على لسان متحدثها العميد يحيى سريع “سنواجه أي عدوانٍ بعملياتٍ عسكريةٍ نوعية ضدَ تلك القواتِ بلا سقفٍ أو خطوطٍ حمراء”.