سوريا..  توسع العدو الصهيوني في الجنوب وتمدد رقعة مذابح التكفيريين في الساحل

موقع أنصار الله . تقرير يحيى الشامي

كشفت إذاعةُ “جيش” العدو الإسرائيلي، في إفصاحٍ صارخٍ عن نوايا التوسع الاستيطاني، عن مخططٍ لإنشاء موقعين عسكريين جديدين فوق قمم جبل الشيخ المُحتل جنوب غرب سوريا، مُعلنةً بدء العمل بهما الأحد المقبل بعمالةٍ من أبناء الطائفة الدرزية في الجولان السوري المحتل. جاء الإعلان كتأكيدٍ لسياسة الكيان الصهيوني الرامية إلى تمزيق النسيج السوري عبر استغلال الانقسامات الطائفية، وترسيخ وجوده العسكري كسرطانٍ يزحف على الأراضي العربية، بالتوازي مع صفقاتٍ مريبةٍ تُبرم خلف الكواليس مع مليشيات محلية تُسَهِّل التمدد الصهيوني مقابل صمتٍ دوليٍ مُريب.

وفقًا للإذاعة الصهيونية، يُجري الاحتلال تحضيراتٍ لتحويل الموقعين العسكريين إلى قاعدةٍ دائمة للسيطرة على المنطقة، مدعيةً أن أحد الموقعين “مهجورٌ” وتستولي عليه قواتها، بينما تُحافظ على وجودٍ لقوات نيبالية تتبع للأمم المتحدة دون أي مواجهة. لكنّ الحقيقة الأكثر خطورةً تكمن في توسع الاحتلال ليشمل “شريطًا أمنيًا” بعرض 15 كم داخل الأراضي السورية، مع سيطرةٍ مُطلقة على مصائر أكثر من 40 ألف مواطن سوري داخل المنطقة العازلة المحتلة، والتي حوّلها الكيان إلى ساحةٍ لتصفية الحسابات مع المقاومة اللبنانية عبر اتهاماتٍ واهية بتهريب الأسلحة.

 

صفقات مريبة وتنازلات مُجرّمة 

تبرزُ مليشياتُ الجماعات التكفيرية المسلحة التابعة للمجرم الجولاني والمنصّب بصفة رئيس، كأحد أذرع التواطؤ مع المشروع الصهيوني، فبدلاً من أولويات الدفاع عن السيادة السورية أمام أكبر عدو وتهديد للأمن القومي السوري بل والوجود السوري، توجه الجماعات المسلحة أسلحتها صوب الجماعات المسلحة منفّذةً أفظع جرائم التطهير العرقي، تبدي هذه الجماعات المسلحة بأساً شديدة وغلظة ضد أبناء الساحل السوري في الوقت الذي تتجاهل تماماً وتغض الطرف عن الانتهاكات والاعتداءات الإسرائيلية الأكبر والأخطر في تاريخ الدولة السورية، الأمر الذي يكشف عن صفقات مبرمة بين الطرفين بدأ العمل عليها منذ اللحظة الأولى لاجتياح الجماعات التكفيرية المدن التي كان يسيطر عليها نظام الأسد الأمر الذي أكده مسؤولون صهاينة أكدوا وجود تنسيق قديم جرى تجديده حديثاً تسمح للكيان بابتلاع المزيد من الأراضي السورية، مقابل ضمان بقائها في المناطق التي تسيطر عليها عبر دعمٍ لوجستيٍ مُشترك.

وجدّد ما يسمى وزير الدفاع الإسرائيلي المواقف التي أعلنها سابقا بشأن استمرار السيطرة على جبل الشيخ وما وصفها بالمنطقة الآمنة جنوب سوريا وأكد كاتس أثناءَ زيارته لجبل الشيخ الذي يبعد عن العاصمة دمشق 40 كم، أن “جيشه” يستعد للبقاء في سوريا لزمن غير محدود، وأضاف أنهم سيستمرّون في سيطرتهم على ما أسماها المنطقةَ الآمنةَ داخل الأراضي السورية واعداً بأن يكون جنوب سوريا منزوع السلاح، وكشف الوزير الصهيوني عن مهاجمتهم لأكثر من 40 هدفا عسكريا في جنوب سوريا لإحباط ما أسماها التهديدات.

وكانت طائرات العدو الصهيوني شنت مساء الاثنين، غارات عنيفة استهدفت مستودعات أسلحة ودبابات ومعدات عسكرية تابعة للجيش السوري في محافظة درعا الجنوبية، في استمرارٍ لسياسة تدمير قدرات سوريا الدفاعية ومقدّراتها العسكرية، وجدد كاتس التأكيد على استعداد الكيان لحماية الدروز، هذا ولم تبدي الجماعات المسلحة التي تسيطر على سوريا أي ردّة فعل تجاه الاعتداءات والتوغلات الإسرائيلية في الأراضي السورية.

خريطة التوغل من الجولان إلى جبل الشيخ 

منذ احتلال الجولان عام 1967، لم تتوقف آلة التوسع الصهيونية، لكنها تسارعت بعد انهيار نظام الأسد عام 2024، حيث احتل العدو الإسرائيلي جبل الشيخ الاستراتيجي بالكامل، وتوسعت خارج المنطقة العازلة، مدمرةً مئات المنشآت العسكرية السورية عبر غاراتٍ جوية همجية. بينما يُحاول العدو استثمار ورقة جرائم التكفيريين الذين أثبتوا أنهم ليسوا رجال دولة وغير قادرين حتى على تقمص الدور، لتقديم نفسه كحامٍ لأبناء الطائفة الدرزية ما يكشف فعلاً عن نواسيا استراتيجية للتوسع أكثر في العمق السوري وتكريس حالة الانقسام الداخلي.

ليس ثمة أفق واضح ينهي المذبحة في الساحل ويوقف التوسع الصهيوني من الجنوب السوري خاصة مع غياب أي تحرك دولي ينهي أو يضغط باتجاه وقف التمزق السوري الجاري على أشده، وهل تُدرك المليشيات المتواطئة أنها مجرد أداةٍ مؤقتة في لعبةٍ كُبرى ستنتهي بابتلاع الكيان الصهيوني لما تبقى من أرضٍ سورية؟.

التوغل الصهيوني في الجنوب السوري أطماعٌ لا تتوقف

كأن التاريخ يعيد نفسه بدمٍ جديدٍ فوق أرض الجولان السورية، في العام 1967أطبق العدو الإسرائيلي على هضبة الجولان واستمر في السيطرة عليها، واليوم يمد أذرعه إلى جبل الشيخ عام 2024، مُستغلاً فراغًا أمنيًا خلَّفه انهيار نظام الأسد. لم تكن سيطرة الاحتلال على الجبل مجرد عملية عسكرية عابرة، بل خطوةٌ مدروسةٌ في مشروعٍ توسعيٍ يهدف إلى تفكيك سوريا جغرافيًا وديموغرافيًا. فالجبل، بارتفاعه الشاهق (2,814 مترًا)، لم يعد مجرد نقطة مراقبة، بل تحول إلى قاعدة عسكرية متقدمة تُطل على العاصمة دمشق من مسافة 40 كم، وتُسيطر على الحدود السورية-اللبنانية، وتُضع المنطقة تحت قبضة الرقابة وفي حكن السيطرة المهدِدة للأمن القومي العربي.

لم تكتفِ آلة الحرب الصهيونية بتدمير البنى التحتية للجيش السوري عبر مئات الغارات الجوية، بل شرعت في تهجير آلاف المدنيين من قرى الجبل، مستبدلة إياهم بمستوطنين يهود في خطوةٍ تكرس سياسة “التطهير الجغرافي”.

 وفي الوقت ذاته، حوَّلت العدو الإسرائيلي ينابيع المياه العذبة في الجبل إلى مساراتٍ تخدم مستوطناته، مهددا بجفافٍ يضرب جنوب سوريا، بينما تنهب موارد الأرض وتُجرب أسلحةً متطورةً في مختبرات سرية حفرتها تحت الأرض. 

توسع العدو الإسرائيلي لم يعد مجرد احتلالٍ لأرضٍ، بل محاولةٌ لتحويل الجنوب السوري إلى كيانٍ منفصلٍ تُديره “تل أبيب”، مدعومًا بانفصاليين دروز ومسلحين خونة. والمشهد الأكثر قتامةً هو الصمت العربي القبيح على جرائم تستمرُ حتى اللحظة دون أدنى موقف واضح رسمي أو حقوقي، يجري هذا بينما يستفيد منه العدو الإسرائيلي الذي يعمل على توسيع وجوده وترسيخه كـ “إمبراطورية” تمتد من النقب إلى جبل الشيخ. 

يُصارع السوريون اليوم على جبهتين احتلالًا خارجيًا يقتطع الأرض بنهم المحتل الطامع ومليشيات داخلية تذبح الشعب بشبق التكفيري وعطش سكاكينه التي تحولت اليوم إلى دولة بمال الخليج ودعم الغرب.

 

قد يعجبك ايضا