موقع أنصار الله - متابعات - 28 ذو القعدة 1446هـ

حذّر مركز الدراسات السياسية والتنموية، من كارثة زراعية غير مسبوقة في قطاع غزة، جراء التدمير الممنهج الذي تعرّضت له الأراضي الخصبة والبنية الزراعية منذ اندلاع العدوان الصهيوني في أكتوبر 2023، وحتى مايو 2025.

وأصدر المركز اليوم الإثنين، ورقة جاءت بعنوان: "التدمير الممنهج لأرض غزة الخصبة: تداعيات بيئية وغذائية كارثية"، والتي أبرزت أن العدوان ألحق دمارًا هائلًا بنحو 60% من الأراضي الزراعية في القطاع، بما في ذلك الحقول، الآبار، مزارع الدواجن، والبيوت البلاستيكية.

واعتبرت الورقة أن هذا الاستهداف "ليس نتيجة عرضية للحرب، بل سياسة متعمدة تهدف إلى تقويض أسس الحياة في غزة".

 

انهيار السلة الغذائية لغزة

وقال المركز، إن الإحصاءات أشارت إلى أن قطاع غزة كان يعتمد على الزراعة لتوفير أكثر من 60% من احتياجاته الغذائية، عبر مساحة مزروعة تزيد عن 170 ألف دونم قبل الحرب.

وأضاف: "لكن العدوان الأخير دمّر هذه القاعدة بالكامل، حيث اختفت بعض المنتجات الأساسية كالليمون والبصل من الأسواق، فيما قفزت أسعار البطاطا والبندورة بنسبة تزيد عن 300%".

 

دمار واسع وتأثيرات بيئية خطيرة

وأشارت الورقة، إلى أن عمليات التدمير شملت: "تجريف أكثر من 102 ألف دونم من الأراضي الخصبة، وتدمير ما لا يقل عن 40 بئرًا رئيسية للري، خاصة في رفح وخان يونس، وحرائق ضخمة نتيجة استخدام القنابل الفوسفورية، ما أدى إلى إتلاف التربة وتحويلها إلى أراضٍ غير صالحة للزراعة".

وتابعت الورقة، أن عمليات التدمير شملت أيضًا: "استخدام المركبات العسكرية الثقيلة في الحقول، ما دمّر التربة السطحية وشبكات الري، وتسبب بتصحر موضعي دائم في مناطق زراعية حيوية".

 

75% من السكان في مرحلة المجاعة

وبيّن المركز، أن الورقة استندت إلى بيانات من برنامج الأغذية العالمي ومنظمة الأغذية والزراعة، والتي أكدت أن نحو 75% من سكان غزة يعيشون اليوم في المرحلة الخامسة من انعدام الأمن الغذائي، وهي أعلى درجات الخطر.

وأوضح أن القطاع سجل انخفاضًا في الإنتاج الزراعي بنسبة 70%، ما أجبر السكان على الاعتماد شبه الكامل على المساعدات الإغاثية من الأونروا والمنظمات الدولية.

 

خسائر اقتصادية بالملايين

ولفتت الورقة إلى أن الخسائر الاقتصادية للقطاع الزراعي خلال العدوان، تُقدّر بأكثر من 150 مليون دولار، مع خروج أكثر من 20 ألف مزارع وعامل زراعي من سوق العمل، وتدمير مزارع الدواجن والحليب، ومراكز التخزين والتوريد.

 

توصيات عاجلة أمام المجتمع الدولي

ودعت الورقة إلى تشكيل لجنة تحقيق دولية لتوثيق جرائم التدمير البيئي والزراعي، وإنشاء "صندوق غزة الأخضر" لإعادة تأهيل البنية التحتية الزراعية، بتمويل دولي وعربي.

وطالبت الورقة، برفع الحصار الزراعي والسماح بدخول مستلزمات الإنتاج بشكل فوري، وإطلاق برنامج وطني للزراعة الذكية لمعالجة التربة وتحقيق إنتاج في مساحات محدودة.

وحثت الورقة على تمويل مشاريع زراعية مجتمعية؛ لدعم المزارعين المتضررين وتوفير فرص عمل، ودمج إعادة الإعمار الزراعي في الخطط الدولية، مع تخصيص 20% من ميزانيات الإعمار لهذا القطاع الحيوي.

 

دعوة للتحرك العاجل

وأكد المركز في ختام ورقته، أن ما تشهده غزة من تدمير ممنهج لقطاع الزراعة "يفتح الباب أمام كارثة إنسانية شاملة تمس الغذاء والماء والاقتصاد والبيئة"، داعيًا إلى تحرك فلسطيني موحد وضغط دولي فاعل لإنقاذ ما تبقى من الأرض والحياة في القطاع المحاصر.