المقاومة الخيار الأصيل وليس البديل
موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية || محمد حرب*/ العهد الاخباري
الوجود الفلسطيني صاحب الحق الاصيل في فلسطين لا يحتاج اذناً من احد في مجابهة محتلّه، وتفعيل كل امكاناته لتحرير الارض والانسان من ابشع احتلال استيطاني عرفه التاريخ الانساني، فالمقاومة خيار وحيد امام اي مستضعف ومسلوب الحق لاستعادة حقه من كل ظالم مستكبر، وهذا الخيار لا يحتاج فتوى أممية او دينية تجيز للمظلوم ان يرفض الظلم، ولا يملك احد اصدار اجازة تسمح لمن اغتصبت حقوقه وأرضه أن يسعى لاستردادها، فالحقوق في عهدة صاحبها وأمانة الاحرار وتفويض النضال في سبيلها هو تفويض إلهي، انساني، وطني وديني.
فكيف أضحى هذا الخيار مستبعداً ومرفوضاً لدى العالم الحر؟ ولماذا يتبنى المحيط العربي ودول تقدم نفسها كظهير للحق الفلسطيني فكرة تجريم المقاومة وممارساتها؟
وقبل ان اقدم اجابات فانه يلزم ابطال المقدمات الفاسدة التي يرتكز عليها كثير في تشخيصهم للقضية الفلسطينية.
العالم الذي نحياه لا يتم تسييره وفق مبادئ وقيم ومضامين أخلاقية، فالمجتمع الدولي لم ينتصر يوماً لضعيف ولم يجابه مرة قوياً مستكبراً. بل على العكس تماما فان المعيار الذي يقيس به القضايا هو القوة. فبريطانيا وبعدها أميركا وكل الكيانات الأوربية والغربية الملتحقة بهما لا ترى في العالم الا فناء مصالح يخدم وجودهم وكل الايدلوجيات لا تعنيها الا بقدر موقعها من مصالحها. فالشيطان ليس حاملا لفكرة، ولا يتبنى رؤية الا ما كان في اطار الخراب والتدمير، وهذا هو الدور الوظيفي للقوى العالمية المتصدرة قيادة العالم للهلاك .
الكيان الصهيوني افراز عالمي ووجوده رأس حربة للمشروع الشيطاني تخوفاً من مكامن القوة التي لو اتيحت لها الجغرافيا والزمان وتصدّرَ حركتها الاكفاء المخلصون لانسانيتهم ومبادئهم فان الاشرار لن يتمكنوا من الوصول لغاياتهم، ووجودهم سيكون مهدداً، وإفكهم و خداعهم سيتم إبطالهما .
الوجودات الاقليمية المقسمة وضعت امام اختبار الرضوخ والاذعان، والاستقلال الذي حازته كان استقلالاً شكلياً كمن يمنح خادمه بدلة رسمية يستر بها عبوديته، والقليل من هذه الكيانات انتفض ورفض بما يملك مجموعه من وعي، وبما امتلك رواده من بصيرة وعزم، وهذه الكيانات الحرة تعرضت للحصار والحرب من جيرانها لاسباب تمويهية حقيقتها هي رفض الاذعان .
وقضية فلسطين تاج القضايا، فاضافة للأبعاد الدينية والقومية فان لها بعداً عالمياً، فالاحتلال الاستيطاني كان افرازاً عالمي شريراً، والصهيونية العنصرية محظية لديهم ليس لكونهم يؤمنون بها، بل لان وجود الجلاد ضروري بجانب الاذلاء لكي لا يذهبوا بعيدا في امانيهم التي مهما بلغت في انحطاطها فان الاشرار المتحكمين بالعالم لن يكتفوا بحد من الاذلال. وقد نبت الخير في هذه المنطقة لذا فان الشيطان لن يتركها تتنفس وتستعيد عافيتها لئلا تستحضر هذا الخير في حياتها وتسعى لنشره في العالم .
وبعد هذا العرض فانه سيتضح لنا ان اميركا وتوابعها ليسوا اطرافا محايدة يمكن ان نكسبهم لمصلحتنا لانهم مركز الشر وجذره، والكيان الصهيوني ليس الا سفيرا لنواياهم وأفعالهم الشيطانية .
وإن الصهاينة وكيانهم لم يأتوا لنا صدفة او انهم تسللوا خفية عن العالم، بل ان ارادة وجودهم كانت لصيقة بارادة التقسيم والتجزئة والتبعية والرضوخ، وان زوال اسرائيل سيكون مقدمة او نتيجة لهدم ابنية التبعية وإنه لا انفصال بين الواقع الاقليمي و الفلسطيني، فكل المخططات والمؤامرات والصراعات الاقليمية تستهدف فلسطين واغتصاب فلسطين يستهدف الاقليم، وان الحكومات الخانعة التابعة الخادمة للقوى العالمية والحليفة له لا تمثل عمقا قوميا او دينيا، فهذا عكس حقيقتها الولائية لعدونا والخادمة الطائعة لاداته المحظية الصهيونية الاستيطانية .
اما الاجابات عن الاسئلة الاولى فانها تكمن في نفس الاختبار المفروض في معرفة حقيقة هذا العالم الذي يحتله الاشرار وفي القبول بهذه الادارة .
اما عن خيار المقاومة فهو الاجابة الواعية لكل من امتلك البصيرة وسعى لرفض عبادة الشيطان ووثنية الانظمة والكيانات وجابه التبعية بكافة صورها .
المقاومة اصيلة في وجودها الانساني والديني وترجمتها الوطنية تتطلب انتماءً حقيقيا للمجموع وادراكا لظروفه وتحديا لاستدراج العدو الذي يلقيه على الرافضين لوجوده ليستلب بالترغيب ما عجز عنه بالقهر والاعتداء. المقاومة ليست عنوانا وشعارا بل هي حالة ايمانية وجدانية يتم ترجمتها عمليا ادراكا ووعيا في المواقف والافعال ووضوحاً وتصميماً في الغايات وصموداً امام النوائب و صبرا على الجراحات وتجاوزا للموانع .
المقاومة ليست عربة تصل بصاحبها لنفس العنوان الذي انطلق رافضا له، فالمقاوم الذي ينتظر نفحة عدوه ويقبل ان يتقاسم معه مكتسبات آفلة، رهينة بمدى التزامه بمقررات عدوه، هذا المقاوم كتب شهادة وفاة حريته، وقبل ان يكون خادماً لعدوه حتى ولو كان متأبطاً لسلاحه.
*كاتب فلسطيني من غزة