نتائج معارك البادية: أمريكا وقعت في فخ محور المقاومة، وتل أبيب تشعر بالقلق!

موقع أنصار الله  || صحافة عربية ودولية ||

الوقت التحليلي – ليست نتائج معركة البادية والتي تجري على الحدود السورية العراقية، كأيٍ من النتائج التي أفرزتها الحرب المتعلقة بالأزمة السورية أو العراقية. فنتائج هذه المعركة، ستنعكس بشكل مباشر على واقع الصراع في المنطقة. لنقول أن مجريات المعركة والخطوات المستقبلية للأطراف، ستعكس صورة الصراع بل الخارطة التي سيتوزع على أساسها اللاعبون. وليس بعيداً عما يجري، يُراقب الكيان الإسرائيلي وعن كثب مُجريات المعركة، حيث من الواضح أن أهم النتائج التي أفرزتها حتى الآن، لا تكمن فقط في إعادة ترسيخ قوة محور المقاومة على الصعيد الإقليمي، بشكل أكبر مما كانت عليه قبل الأزمة السورية فحسب، بل تتعدى ذلك لتصل الى مرحلة إفراغ الخطوات المستقبلية المتوقعة من واشنطن وحلفائها من أي أثر عملي. وهو ما يُشكل مكمن الخطر على العقل الإستراتيجي الأمريكي والإسرائيلي. فكيف يمكن اختصار الأهداف العملية لمعركة البادية؟ ولماذا تقلق تل أبيب؟ وكيف وقعت واشنطن في فخ محور المقاومة؟

 

الأهداف العملية لمعركة الحدود السورية العراقية

 

يمكن تلخيص الأهداف العملية لهذه المعركة بالتالي:

 

أولاً: كان واضحاً منذ بداية العمليات، أن هدف الخطة العملي هو السيطرة على الحدود المشتركة بين سوريا والعراق. وهو ما جعل التوجه الأساسي لمحور المقاومة، ينصبُّ في كيفية تطبيق الخطة  وتضمينها ما يؤدي للإنتصار الحتمي، مع إيلاء الهدف الأهمية مهما كانت التكلفة.

 

ثانياً: على الصعيد التكتيكي، تقاسم محور المقاومة محاور الميدان العسكري. لتأخذ القوات السورية منحى القتال من ريف حلب الشرقي إلى ريف السويداء الجنوبي. وهدفت هذه المعركة لفتح خط جيوعسكري يمتدّ لعشرات الكيلومترات وصولاً الى الحدود مع العراق، بعيداً عن منطقة التنف بحوالى 555 كلم لناحية الشمال الغربي.

 

ثالثاً: من جهة العراق، واصلت قوات الحشد الشعبي عملياتها العسكرية، حيث ثبّتت مواقعها المتاخمة للحدود السورية، من بلدة أم جريص شمالاً وصولاً إلى معبر تل صفوك جنوباً. حيث من المتوقّع  بحسب ما أشارت المعلومات، أن تتقدم قوات الحشد، جنوباً، لتصل الى معبري القائم والوليد، حيث ستلتقي بالقوات السورية.

 

لماذا تعيش تل أبيب القلق؟ وكيف تحظى معركة الحدود السورية العراقية بالإهتمام الإسرائيلي؟

 

يمكن الإجابة على هذه الأسئلة بالتالي:

 

أولاً: من الناحية التنفيذية للمعركة، لم يتم الوقوف عندما قد تُفكِّر به واشنطن، بل خاض محور المقاومة مغامرة محسوبة النتائج. فهدف السيطرة على الحدود، كان أهم من أي تكلفة قد تؤدي لها هذه المعركة. وهو ما أفرغ كل ما قد تُقدم عليه أمريكا كردات فعل، من أي أثر. لنقول أن واشنطن وقعت في فخ محور المقاومة، لا سيما أن السباق نحو الحدود، أدى في إحدى نتائجه الميدانية المهمة،، لإقفال الطريق على الأميركي وأعوانه شمال التنف.

 

ثانياً: رسخت الحرب على الحدود السورية العراقية، واقعاً جديداً، أقل ما يمكن وصفه بالتحول النوعي، في الحرب السورية تحديداً وآثارها العملية على الصعيدين السياسي والعسكري. وهو ما يُترجَم  كإنتصار عملي لمحور المقاومة في الحرب مع أمريكا وحلفائها.

 

ثالثاً: وقعت أمريكا في محظور التخبُّط العسكري والذي أبرزه عدم القدرة على التصعيد خوفاً من قرار محور المقاومة، الرد، خصوصاً أن حسابات الكلفة لم تكن مهمة على قدر أهمية النتائج. وهو ما  جعل خطوات واشنطن التصعيدية من خلال الغارات، فارغة من أي نتيجة عملية. مما أربك صانع القرار الأمريكي.

 

رابعاً: نجح محور المقاومة في عملية المباغتة العسكرية، حيث وعلى عكس ما يجري عادة في الحروب، من اعتماد تكتيك انتظار ردات فعل العدو وسيناريوهاته الممكنة، تعامل محور المقاومة ومن منطلق فهمه لأبعاد المعركة وإمساكه بالميدان، ضمن سياسة السير قدماً بالخطة الموضوعة، دون إنتظار إشارت أمريكا العسكرية، مما ساهم بنجاحه في استثمار عامل المباغتة من حيث التوقيتت والأسلوب.

 

سادساً: أفرغ التقدم الحاصل والنتائج المُفرزة للمعركة، أي خطوة أمريكية عسكرية مستقبلية من أثرها أو أهميتها. فقد أصبحت واشنطن أمام واقع ستعمل على محاولة إدارته واستغلاله للإستفادة منه على قاعدة أقل الخسائر دون الرهان على أي إنجازات.

 

إذن، باتت أمريكا أمام خيارات واضحة. إما أن تستسلم للواقع الذي أرسته نتائج المعركة. أو أن تذهب للرد، وهو الخيار الذي يعني إعلان حرب. الأمر الذي يحتاج لإنتظار المستقبل وما يُخفيه من معادلاتٍ قد يسعى لإنتاجها العقل العسكري الأمريكي. في حين حظيت معركة البادية بتزكية روسية، وضعت واشنطن في خانةٍ أخرى من حيث الحجم والدور. لتُعيد دمشق إرساء معالم الصراع في خانته التي أعادتها كعرَّابةٍ لمعادلات المستقبل ضمن الصراع العربي الإسرائيلي. وليرتفع منسوب القلق لدى تل أبيب، أمام وضوح الضعف الأمريكي الممزوج بالتخبط في ظل نتائج لم تكن متوقعة. وهو ما يعني نجاح محور المقاومة  مرة جديدة، في استثمار الأزمة السورية، وما يتعلق بها إقليمياً، في إرساء معادلاتٍ تصوغ التحول في الحجم والدور الإقليمي. والتي كان ربط المحاور الميدانية ببعضها، أحد أهم نتائجها. وهو ما يعني أن من حق تل أبيب أن تقلق!

قد يعجبك ايضا
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com