أنظمة ساقطة ومنسأة باقية!

موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية || إيهاب شوقي*/ العهد الاخباري

نجح الغرب في خلق مركز للشرعية تتسابق الدول اليه لنيل شرعيتها ونجح في ارساء معادلة تقوم على التناسب العكسي بين الثوابت الوطنية ومقدار الشرعية.. وكأنها تقود لقاعدة مفادها..”فرط تسد”!

 

الحرب الضروس في العالم اليوم تقوم بين معسكرين متبلورين ومتناثرين في آن واحد، حيث معسكر الحمائية الاقتصادية ذو النزعة الشعبوية ممثلا في اليمين المتشدد في أوروبا والذي تعثر في الانتخابات الا انه أثبت وجوداً مقلقاً للمحور الآخر المتمثل في العولمة.
وإضافة الى هذا اليمين الاوروبي هناك اتجاه قوي في أميركا يمثله ترامب، ورغم انه الرئيس الا انه لا يستطيع فرضه لاسباب متفاوتة بعضها داخلي حيث المقاومة العنيفة من المعسكر العولمي ومليارديراته الكبار وتحالفاته الواسعة وتغلغله في الدولة الامريكية العميقة، وبعضها خارجي يتعلق بأن لجوء اميركا لهذه السياسة قد جاء متأخرا بعد تمكن كارتيلات العولمة الضخمة من مفاصل الاقتصاد العالمي ووقوف دول اخرى في المواجهة متوغلة في الداخل الامريكي على رأسها الصين والمانيا.
انعكاسات هذا الصراع تلقي بظلالها على الاحداث المتناثرة ومنها الازمة في الخليج، حيث قفزت قطر من مركب الحمائية وراهنت على الدولة الامريكية العميقة وعلى الالمان والفرنسيين بينما القت السعودية وتابعتها الصغرى البحرين ومعهما الامارات كل اوراق اللعبة في سلة ترامب!
الصراع الداخلي على الوجه الامريكي “التكتيكي” ينعكس على هذا الصراع الخليجي والذي في جزء منه صراع على زعامة الخليج وتمرد على قيادة ال سعود وصراع على الفوز بدور شرطي امريكا و”اسرائيل” والغرب في الخليج.
الوجه الاخر المسكوت عنه دوما على الرغم من انه فيما يبدو اساس الصراع هو حروب انابيب الغاز حيث اجهضت المقاومة في سوريا والعراق اسقاط النظام لصالح نظم عميلة ممثلة لمصالح الغرب و”اسرائيل” وقطعا لم نقدم التضحيات من أجل الغاز ولكن يبدو ان هذا الغاز كان محركاٍ للمشروع الاستعماري، فكان خط الغاز القطري المار عبر السعودية ثم العراق وسوريا وتركيا الى اوروبا محركا لاسقاط النظام الرافض لبيع حلفائه الروس في حرب اقتصادية على خطوط توريد الغاز الروسية وبالتالي اضعافه اقتصاديا وسياسيا وبالتالي السيطرة على الاقليم وفرض شروط الاستعمار باريحية به، ومع المقاومة الباسلة انهار هذا المشروع، فكانت البدائل القطرية موجودة باتجاه اخر وبالتالي انضمت اليها تركيا لانها مستفيدة في جميع الاحوال بحكم موقعها، والبديل القطري هو خط اخر عبر ايران وتركيا متجاوزاً السعودية.

 

والسعودية بديلها هنا هو الكيان الاسرائيلي ولكن كيف؟ ولا تكون الاجابة الا عبر شراكة رسمية في “كامب ديفيد” وعبر ابار للغاز في البحر الاحمر تابعة لمصر ومن هنا قضية الجزر المصرية المختطفة.
الغاز هنا وريعه اصبح بديلا عن امتلاك السيطرة المصرية على خليج العقبة واضحى بديلا عن الامن القومي الذي اصبح مرادفه المال!
الاصطفافات الغازية الجديدة براجماتية وقواعد الصراع الايدلوجي وصراع القيم والمبادئ تم دهسها دهسا تحت اقدام الاقتصاد.
وغفلت الدول التي وضعت اوراقها كلها في حقيبة ترامب انها لا تمتلك مؤهلات الحمائية بل انها تنتحر بوضع قدم مع ترامب والقدم الاخرى لدى مؤسسات العولمة وتوهمت انها تستطيع المكسب من الطرفين!
المنطقة مؤهلة الان كما لم تكن مؤهلة من قبل لحرب حقيقية بالأصالة لا بالوكالة وفرص التسويات على مشروعات ترضي جميع الاطراف اصبحت بائسة وضعيفة بسبب المعركة الصفرية التي ارادت السعودية لعبها بغباء معهود.
والارتدادات على الاطراف داخليا لن تمر سالمة فيما يبدو، ولا سيما في مصر والتي تتشكل بها سابقة لم تحدث في تاريخها حيث تدور معركة مصرية – مصرية على الارض والتفريط بها وحيث الاطراف التي تحارب من اجل التفريط وفرضه خاضعة لمؤسسات في غاية الحساسية وغاية التقديس لدى الشعب وهو اخطر ما في القضية.
وقضية الجزر المصرية قامت بفرز وطني كبير تساقطت به رموز دولية افتخر بهم المصريون ورموز محلية في حين علت اسهم رجال اتهموا بالتفريط في الدولة والعمالة خارجيا وظهر شعبيا انهم هم المحافظون على الارض وهو ما سيكون له ارتدادات شعبية قوية تعيد الفرز الشعبي للرجال وبالتبعية الفرز للقوى السياسية والمسلمات التي تبناها الشعب في السنوات الخمس الاخيرة.
ان هذا التلاعب بالثوابت الوطنية قد يليق بممالك لقيطة نشأت في احضان الاستعمار وصنعت على عينه، اما الدول الراسخة والمستدعاة للقيادة فستدفع ثمنا غاليا حان استحقاق دفعه.
ان التفاعلات البركانية التي كانت تبحث عن فوهة، ها قد تشكلت فوهتها وبدت نذر حممها في التساقط.
ان هذه الانظمة قد سقطت وبقيت المنسأة ولم يبق الا ان تأكلها دابة الارض لتدل الشعوب على انها خرت وانه ما كان لهم ان يلبثوا في هذا العذاب المهين!

*كاتب عربي من مصر

قد يعجبك ايضا
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com