أيضاً الخطورة الكبيرة للنفاق، باعتبار تأثيره السلبي ونتائجه السيئة في الواقع، هنا في واقع الناس، في الحياة، في واقع المسلمين، في واقع الأمة الإسلامية، هناك تعبير مهم ورد في القرآن الكريم يدلل على هذا، قال الله "جَلَّ شَأنُهُ" في سورة الأنفال، قال: {إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ} ، يعني: تحدث عن قضية الولاء؛ سنأتي إلى تعريف النفاق: أنه اختلال في الولاء، وكذلك تأييد ومعيّة في الموقف والرأي، لكن نبّه أنه إذا حصل هذا الاختلال الذي هو: نفاق؛ تكون النتيجة كارثية جدًّا في واقع الأمة، {تَكُن فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ}، فتنة، ومشكلة كبيرة جدًّا في واقع الأمة، وفساد كبير، وسنتحدث عن هذه النقطة- بالتحديد- عندما ندخل في مسألة تعريف النفاق.

أيضاً قال عن المنافقين: {هُمُ الْعَدُوّ ُفَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} ، هم العدو: دورهم التخريبي في داخل الأمة، الآثار السيئة لنفاقهم وأعمالهم النفاقية في واقع الأمة لهذه الدرجة من الخطورة على الأمة؛ لأنه حينما قال: {هُمُ الْعَدُوُّ}، وكأنهم هم أعدى عدو، وأخطر عدو على الأمة، هم العدو الذي ينبغي أن تنظر إليه أنه يشكل خطورة بالغة على الأمة {فَاحْذَرْهُمْ}، وحالة الحذر هي: الحالة التي يجب أن تلحظها الأمة تجاههم، وسنأتي- أيضاً- للحديث عن هذا الجانب إن شاء الله.

النفاق.. اختلال في الولاء ومعية في الموقف

فإذاً، ندخل إلى التعريف، إلى تعريف النفاق ما هو؟ تأتي الكثير من التعريفات والتصنيفات والحديث والأخذ والرد، ولكننا نذهب إلى كتاب الله "سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى" ونستهدي بهدي الله في هذه المسألة، ونلحظ أن القرآن الكريم قدّم توصيفاً وتعريفاً لا لبس فيه ولا إخلال فيه، واضح كوضوح الشمس، قال الله "جَلَّ شَأنُهُ" : {بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً * الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنّ َالعِزَّة َلِلّهِ جَمِيعاً} ؛ هذا يعتبر تعريفاً قرآنياً واضحاً ومن الله "سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى" عرّف به ووضّح به أجلى توضيح، مَنْ هم المنافقون؟ هذه الفئة التي تحدث القرآن الكريم عنها بأقسى وأسوء مما تحدث به عن الكافرين وعن كل الفئات السيئة في هذه الحياة، هؤلاء هم المنافقون المبشّرون بعذاب الله، بعذاب الله والعياذ بالله، {الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ}.

فإذاً، النفاق هو: اختلال في مسألة الولاء، هناك كما قلنا في الواقع الإسلامي والواقع الديني حالة من التصنيفات للانحرافات، العملية: مسلم، لكنه مثلاً يقتل نفساً محرمة، أو ينتمي للإسلام، ولكنه- والعياذ بالله- فاسدٌ أخلاقياً، يرتكب الفواحش، أو ينتسب للإسلام، لكنه يسرق، يظلم، ينهب، أو أياً كان من الانحرافات العملية، لها تصنيفات (فسق، فجور، معصية... ظلم...الخ)، لكن هناك فيما يخص الاختلال في الولاء له هذا التوصيف القرآني: نفاق ومنافقون، عندهم اختلال في الولاء، وقد يدخل، يعني كل التصنيفات قد تأتي تبعاً وضمناً، ولكن حتى يكون هناك ما يميّز هذا النوع من المعاصي، هذا النوع من الانحرافات، هذا النوع من الخلل؛ فهذا التوصيف القرآني له (اختلال)، الاختلال في الولاء يسمى: نفاقاً، والذين لديهم انحراف في ولائهم أسماهم الله بالمنافقين، فكيف هو هذا الانحراف؟ {الَّذِينَ يَتَّخِذُون َالْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ}، حالة الانحراف في الولاء.

 

سلسلة المحاضرات الرمضانية (لعلكم تتقون)
ألقاها السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي "يحفظه الله"
المحاضرة الرمضانية الرابعة عشرة: الثلاثاء 25 رمضان 1438هـ 20 يونيو 2017م
النفاق وخطره على الفرد والأمة (1)