موقع أنصار الله | من هدي القرآن الكريم | 

 

الشعب الفلسطيني في هذه المأساة التي وصلت إلى مستوى رهيب، وإلى مستوى محزن جدًّا، ومؤلم للغاية، يشعر بالخذلان العربي، والخذلان من المسلمين بشكلٍ عام، قبل غيرهم؛ لأن المسؤولية عليهم قبل غيرهم.

لسان حال كل أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزَّة هو: أين العرب؟! وماذا جرى للمسلمين؟! لماذا هذا الصمت؟! لماذا هذا التَّفَرُّج تجاه هذه المأساة؟! أين المسؤولية الإنسانية والإسلامية والأخلاقية تجاه هذا الشعب، الذي هو جزءٌ منهم، في مواجهة عدو، هو عدوٌ لهم جميعاً، ويشكِّل خطورةً عليهم جميعاً؟!

إذا لم يقف العرب مع الشعب الفلسطيني، في هذه المظلومية الواضحة البيِّنة، الطويلة الأمد؛ بفعل تقصيرهم، والتي بلغت إلى ما بلغت، ووصلت إلى ما وصلت؛ نتيجةً لتخاذلهم، ففي أيِّ موقف، في أيِّ مظلومية، في أيِّ قضية ستجتمع كلمتهم؟! مع أي شعب، مع أي مكون من أبناء هذه الأُمَّة سيقفون في يومٍ من الأيام؟! معناه لن يقف أحدٌ مع أحد منهم، في هذه الحالة من التخاذل تجاه هذه المظلومية الواضحة، والمأساة الكبيرة جدًّا.

هذه الحالة من التخاذل والتَّفَرُّج هي موتٌ جماعيٌ للضمائر، وتنكرٌ عامٌ للقيم، تتنكر أنظمة بكلها، ومعها الشعوب الخانعة لها، وفي داخل تلك الشعوب: النخب، الكثير من علماء الدين، القوى والأحزاب، التيارات السياسية، والمجتمعية... وغيرها، حالة جماعية من التَّنَكُّر للقيم، من التَّنَكُّر للمسؤولية، من التَّنَصُّل عن المسؤولية، من التفريط في الواجب الديني والأخلاقي والإنساني، من التفريط فيما يشكِّل في نتائجه خطورةً على الجميع، يعني: حالة رهيبة جدًّا!

المسألة ليست مسألة أنَّ المسلمين أُمَّة صغيرة، قليلة العدد، مستضعفة ومستذلة نتيجةً لذلك، أُمَّة الملياري مسلم هي التي تتخاذل، مئات الملايين من الدول العربية والإسلامية هي التي تتخاذل، باستثناء القليل القليل من أبناء هذه الأُمَّة، ممن لهم موقف صريح وواضح ضد العدو الإسرائيلي، ولمناصرة الشعب الفلسطيني، أصبحوا حالة استثنائية في الأُمَّة، وحالة محاربة في داخل الأُمَّة، من أنظمة، من كيانات، من قوى، لها ارتباط بالأعداء، ولها موقف ممن يناصر الشعب الفلسطيني، موقف عدائي وسلبي، هذه حالة مؤسفة جدًّا!

هذا يشهد أيضاً على أسوأ تبلُّد إنساني، وأبشع تنكُّر للقيم الفطرية في هذا العصر، وله تبعاتٌ خطيرة، وهو إطلاقٌ ليد الإجرام الصهيونية في كل العالم.

التسليم، والقبول، والتغاضي، عن كل ما يرتكبه العدو الإسرائيلي بشراكةٍ أمريكية في قطاع غزَّة، هو إهدارٌ للحياة الإنسانية في كل الدنيا، إطلاقٌ ليد الإجرام الصهيونية في كل العالم، والتَّوَجُّه الصهيوني هو توجُّهٌ عالمي، الحركة الصهيونية صنعها اليهود، وأنشأها اليهود، لتكون ذراعاً لهم على مستوى كل العالم، وليس فقط في فلسطين، هي بدأت بفلسطين، ولكن توجُّهها توجُّهٌ عالمي، ولها جناحان: الجناح الأمريكي والجناح الإسرائيلي، وتوجُّهها عالمي، وأهدافها عالمية، وهي تسعى بوضوح في إطار أهدافها المعروفة والمعلنة، وهي عدوانية، وإجرامية، وظالمة، ومفسدة، ومستعبدة للناس، وفي المقدِّمة: العرب، العرب قبل غيرهم، ثم كذلك البقية من المسلمين، ثم امتداداً على مستوى العالم.

الصهيونية هي صاحبة فكرة ، هي التي ورثت الإرث الإجرامي، الاستعماري، الطامع، الذي يسعى إلى الاستئثار بخيرات الشعوب، والاستباحة لها، والاستعباد لها، والإذلال لها، والقهر لها، وطمس هوياتها، ومصادرة حريتها واستقلالها، هذا هو التَّوَجُّه الصهيوني بأذرعه (بأمريكا، وإسرائيل، وبريطانيا).

 

كلمة السيد القائد حول آخر المستجدات والتطورات 29 محرم 1447هـ