اليمن يخرج السعودية من نادي الأغنياء إلى قارعة المتسولين

تقرير  

لم تكن الأحلام الوردية لصبي نجد ـ الممهورة بسيل النفط الدافق ـ لتتبخر لولا الصمود الأسطوري والبطولات التي اجترحها فوارس اليمن ورجالها الأحرار من أبناء الجيش واللجان الأبطال الذين تلاشت بين أقدامهم الحافية عاصفة الوهم التي ظنها ابن سعود فتحاً مبيناً ولكنها فتحت له أبواب الإفلاس فجحافل الارتزاق التي جلبها من الشرق والغرب لتصنع له نصراً في اليمن وقفت عاجزة أمام سواعد الأنصار وبعد أن أدرك بن سلمان الفرق بين الحرب على جبال اليمن وأمام شاشة البلايستيشن كان قد أفلست خزائنه وغارت أقدمه في وحل المأزق اليمني فماذا كانت النتيجة؟

 

تقول وسائل إعلام النظام السعودي أن عجز موازنته للعام 2020 بلغ أكثر من 79 مليار دولار بنهاية السنة الحالية، مقارنة بتوقعه قبل عام أن يبلغ العجز 50 مليار دولار، وأوعزت السلطات السعودية الأسباب إلى تأثيرات وباء كورونا وانخفاض أسعار النفط دون الإشارة إلى المأزق السعودي في اليمن.

وكان قائد الثورة السيد عبد الملك قبل عامين في خطاب له في الذكرى السنوية للشهيد 1438هـ قد أكد أن النظام السعودي ومعه النظام الإماراتي قد خرجا من زمن النعمة، وأنه بفضل الصمود اليمني ((باتت كلفة العدوان مرهقة لقوى العدوان اقتصادياً بشكلٍ كبير، إلى حدٍ جعل النظام السعودي ومعه الإماراتي يخرجان من زمن النعمة والرخاء والفائض المالي والميزانية الاحتياطية، ويدخلان إلى نفقٍ مظلم من الأزمات الاقتصادية والجُرع المتنوعة التي كنّا نعاني منها في بلدنا هي اليوم عندهم، جُرعة إثر جُرعة، وبأشكالٍ و عناوين متعددة…إلخ))..

 

جنت على نفسها براقش

أن تعاني دولة تعد أكبر مصدر عالمي للنفط من أزمات اقتصادية وعجوزات مالية كبيرة فهذا الأمر  ليس نتاج لأزمة صحية طارئة ولا لانخفاض مؤقت لأسعار النفط ، إنه نتاج لفشل سياسي و إداري واضح فالنظام السعودي في سنوات معدودة أقحم نفسه في أزمات كثيرة أبرزها المأزق التاريخي المتمثل بالعدوان على اليمن، تلى ذلك أزمات عديدة كان السبب الرئيسي ورائها هو حالة التخبط والفشل الذريع الذي مارسه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان كأزمة تصفية الصحفي السعودي ” جمال خاشقي” إضافة إلى التدخلات الكبيرة للنظام السعودي في كلاً من لبنان وسوريا والعراق وغيرها من الدول العربية.

 هذه الأزمات والتدخلات انهكت الاقتصاد السعودي وساقته إلى حافة الهاوية فتغطية الحرب على اليمن ودفع مستحقات الصمت الأممي ونفقات المرتزقة وتكاليف المعدات العسكرية والطائرات والخبراء الذين تم استئجارهم لقيادة العدوان على اليمن وكذلك صفقات الأسلحة وتغطية جشع ترامب ومطالبه المستمرة للنظام السعودي للدفع، لتأتي أزمة تصفية “خاشقجي ” لتشكل عبئا اضافيا على الاقتصاد السعودي كون محمد بن سلمان اضطر لدفع المليارات لإخفاء الجريمة واسكات الأصوات المنتقدة.. والمنظمات المنددة..

 الحرب على اليمن استنزفت موارد الاقتصاد السعودي

 

يتحمل النظام السعودي العبء الاقتصادي الأكبر في العدوان على اليمن، وهو العدوان نفسه الذي أخرج امبراطورية النفط من زمن النعمة إلى زمن التقشف والعجز وفرض الضرائب ونهب ثروات رجال الأعمال وأمراء غير موالين لابن سلمان فإلى أي مدى وصل الحال بالنظام السعودي..

 البنك الدولي: لن يكون هناك سعودية بعد 15 عاما

 

في بداية العام الحالي 2020م أطلق البنك الدولي صفارة تحذيراته من أنه لن يكون هناك سعودية بعد 15 عاما في حال واصل النظام السعودي سياسة التهور قائلاً إن الاقتصاد السعودي معرض للاندثار في عام 2035، إذا لم تتخذ “إصلاحات جذرية في سياساتها المالية” التي ترتكز بشكل أساسي على عائدات النفط.

كما صنف البنك الدولي أيضاً في نفس الفترة الاقتصاد السعودي بأنه يمر بأسوأ مراحله منذ الثمانينات.. وهو ما دفع النظام السعودي لاتخاذ إجراءات تحايلية لتلافي سقوط اقتصادي مدو في مقابل فشل عسكري وسياسي غير مسبوق

المواطن السعودي يدفع الثمن

 

وفي مقابل الإجراءات السعودية لمواجهة الأزمة الاقتصادية وتداعيات تكاليف العدوان على اليمن الباهظة وبدلاً من أن يتجه النظام السعودي لإنهاء عدوانه على اليمن القى عبء الانهيار الاقتصادي على كاهل المواطنين من خلال ما يسمى ” ضريبة القيمة المضافة” التي تنص على رفع اسعار السلع والخدمات إلى 15%  تلى ذلك خفض الإنفاق الحكومي إلى ما يقارب الـ 13 مليار دولار .. مع أن النظام السعودي نفسه يدرك جيداً أن عوائد ضريبة القيمة المضافة وسياسة التقشف لن تسد عجز الموازنة السعودية التي تجاوزت المائة مليار دولار فلماذا يغامر النظام السعودي في إنهاك كاهل الشعب؟ وقبل ذلك لماذا يقحم نفسه في دهاليز لا يملك طريقا للخروج منها؟!

 

الصمود اليمني يدفع بالسعودية إلى حضيرة الدائنين

 

كانت أمام السعودية خيارات كثيرة لتلافي الانهيار الاقتصادي أبرز تلك الخيارات هو ايقاف العدوان الغير مبرر على الشعب اليمني وجبر الضرر والاعتذار واقامة علاقات طيبة فاليمن بثروته البشرية يمكن أن يكون سنداً للاقتصاد السعودي ولكن الغرور والنظرة الدونية للشعب اليمني واعتباره حضيرة خلفية غير مقبول له أن يكون حراً أو مستقلاً عن هيمنة النظام السعودي هو الذي قتل الاستقرار الاقتصادي لدولة الترف والرفاهية لتنتهي في الأخير إلى حضيرة الدائنين لأول مرة في تاريخها، فبعد أن كانت صفر ديون أصبحت تزاحم الدول الصغيرة شحيحة الموارد والتي تعتاش على القروض والمساعدات ولتصبح أكبر مصدر للنفط إلى زبون دائم في نادي المقترضين ووفقا لمصادر صحفية  لم يكن على السعودية ديون خارجية خلال 2015، قبل أن تبدأ في الاستدانة في العام التالي 2016 بقيمة 27.5 مليار دولار، ليزيد في العام الذي يليه إلى 49 مليار دولار، ثم إلى 68 مليار دولار في 2018، ونحو 81.4 مليار دولار بنهاية 2019، قبل أن تصل إلى 86.4 مليار دولار في نهاية الربع الأول من العام الجاري.

وتمثل الديون الخارجية نحو ما يقرب من نصف إجمالي الدين العام، الذي بلغ بنهاية مارس 2020م  723.5 مليار ريال (192.9 مليار دولار).

الوحل الذي أغرق السعودية

 

التكاليف الاقتصادية الباهظة التي يدفعها النظام السعودي يومياً على عدوانه الإجرامي على اليمن هو الذي وضعه في عمق الوحل، والذي يخرج منه حتى الآن بل أصبح هذا النظام المجرم يصل إلى رقبته في وحل عدوانه وبغيه على الشعب اليمني فتكاليف الحرب خلال سنوات العدوان يصل إلى تريليونات الدولارات، فحسب تقرير نشره موقع فورين بوليسي في ديسمبر/كانون الأول 2016 ذكر فيه أن الحرب في اليمن كلفت السعودية 5.3 مليارات دولار فقط من ميزانية الدفاع خلال عام  2015م هذا فقط من ميزانية الدفاع .

 وفي السياق، كشف تقرير لمجلة «فورين بوليسي» الأمريكية تفاصيل تكلفة العدوان السعودي على اليمن الذي دخل شهره السادس، والذي راح ضحيته آلاف المدنيين من الأطفال والنساء والشيوخ، دون أن تحقق السعودية و«التحالف العربي» الذي تقوده أي إنجازات عسكرية حقيقيّة، وبات يكلف السعودية مبالغ طائلة سيجعلها تقف على حافة الإفلاس.

ونشرت المجلة في تقريرها بعض التفاصيل الدقيقة، إذ تحدث التقرير مثلاً عن تكاليف بارجتين حربيتين تتبعهما ست فرقاطات مرافقة موضحاً أن إيجار البارجة 150 مليون دولار يومياً، أي «300» مليون دولار يومياً للبارجتين وتوابعهما، والبارجة تحمل على متنها 6000 جندي بعدتهم وعتادهم، و«450» طائرة بطياريها، وعليها أيضاً مدافع وصواريخ بعيدة المدى، أي إن إجمالي تكاليف البارجتين مع توابعهما بلغ 54 مليار دولار خلال 6 شهور.

تكاليف نفقات قمرين صناعيين للأغراض العسكرية: تكلفة الساعة الواحدة «مليون دولار»، وبعملية حسابية بسيطة، نجد أن تكلفة القمرين في اليوم الواحد «48» مليون دولار، أي مليار و440 مليون دولار خلال الشهر الواحد، وفي حال ضربها بستة شهور يكون الناتج «8 مليارات و640 مليون دولار», تحليل وعرض واستخراج المعلومات من الصور والبيانات التابعة للأقمار الصناعية العسكرية بتكلفة 5 ملايين دولار يومياً للقمر الواحد، أي 10 ملايين دولار يومياً، أي 300 مليون دولار شهرياً، ليصل المبلغ إلى مليار و800 مليون دولار خلال ستة أشهر.

تكلفة طائرة الأواكس 250 ألف دولار في الساعة، أي 6 ملايين دولار يومياً، ما يعادل 180 مليون دولار شهرياً، أي «مليار و80 مليون دولار» خلال ستة أشهر

 

وأضاف الموقع أن الرياض بدأت بيع أصولها في الأسواق الأوروبية، مشيرا إلى تقديرات أعدتها رويترز ذكرت فيها أن المملكة تنفق 175 مليون دولار شهريا .

 شركة أرامكو ثمن أبخسته الصواريخ اليمنية

 

تعتبر شركة أرامكو أكبر شركة نفطية عالمية وهي بمثابة الضرع الذي يغذي بقاء النظام السعودي، وأمام شبح الإفلاس وتراكم الديون كان النظام السعودي مضطرا لعرض الشراكة في المزاد وطرح 5% من أسهمها للاكتتاب لتغطية العجز المالي الذي تسببت به الورطة السعودية في اليمن.

شركة أرامكو شركة عملاقة بلغت ارباحها في عام واحد أي في 2018م 111 مليار دولار  وهو ما يعادل أرباح شركة آبل وغوغل وإكسون موبيل مجتمعة بحسب وكالة بلومبيرج التي نشرت الأرباح خلال عام لأول مرة في تاريخ أرامكو استنادا على بيان موديز للتصنيف الائتماني.

كانت القيمة السوقية للشركة فوق عام 2015  حسب مجلة اكسبلوريشن  حوالي 10 تريليون دولار

 وأرامكو شركة سعودية وطنية تعمل في مجالات النفط والغاز الطبيعي والبتروكيماويات والأعمال المتعلقة بها من تنقيب وإنتاج وتكرير وتوزيع وشحن وتسويق، وهي شركة عالمية متكاملة تم تأميمها عام 1988م، يقع مقرها الرئيسي في الظهران. وتعد أكبر شركة في العالم من حيث القيمة السوقية حيث بلغت قيمتها السوقية 781 مليار في عام 2006م،[9] و7 تريليون دولار في عام 2010 طبقاً لتقدير صحيفة فاينانشال تايمز.[10] فيما رجحت  [11]، وبلغ إجمالي أرباح أرامكو 111 مليار دولار خلال عام 2018م،

وتراجعت القيمة السوقية للشركة في العام 2020م إلى 1.483 تريليون دولار. كما خسرت الشركة من قيمتها ما يعادل 200 مليار دولار بفعل مخاوف أمنية مصدرها الضربات الصاروخية اليمنية التي طالت الشركة أكثر من مرة والتي أثرت بشكل كبير على قيمتها السوقية ما دفع بن سلمان لإرغام المواطنين لشراء أسهم الشركة بعد أن تراجع المستثمرين الأجانب.

 

وأخيراً يكفي جردة صغيرة للوضع الذي وصل إليه النظام السعودي خلال سنوات العدوان فبداية كانت لغة الغرور والتعالي والاحتقار والتهديد بالاجتياح الشامل لليمن خلال 3 أيام إلى لغة النياحة والندب والشكوى والتوسل للعالم للتدخل في ايقاف الضربات اليمنية باعتبارها كما يقول النظام السعودي تهدد امدادات الطاقة في العالم.. فأين اختفت لغة العظمة والتباهي والسعودية العظمى وو….إلخ

لقد انتهت كل الأوهام وخرج النظام السعودي رغما عنه من نادي الأغنياء وغادر زمن النعمة والرخاء إلى قارعة المتسولين والمستدينين..

 

 

قد يعجبك ايضا