(هُدهُدُ المَولِد)
الشَّاعِر / علي النعمي
نزّهْ فؤادَك في ربيعِ مُحمَّد
وافرحْ مع الدُّنيا بيومِ المولدِ
واخفضْ جناحَك في مقامِ المصطفى
أدبًا وإجلالًاً لهذا المشهدِ
يا فرحةَ الأكوانِ في يومِ الهُدى
عودي ويا ذِكرى النَّبي تجدَّدي
ولقد أتى يومُ المسيحِ قُبيلَه
ليبشرَ الدُّنيا بيومِ مُحمَّد
والأنبياءُ أتت على ميثاقِها
إذ آمنت قبلًاً ولم تتردَّدِ
ومع احتفالِ الأرضِ حفلٌ في السَّما
يُزجِي تهانِيها لكلِّ موحِّدِ
والأرضُ طارت في الفضاءِ تشوقًا
وغدت لأثوابِ المسرةِ ترتدي
والزهرُ يمرحُ والنسائمُ تنتشي
والطيرُ بين ممجِّدٍ ومغرِّدِ
وتضوعت بطحاءُ مكةَ في الدُّنا
مسكًا يروحُ به النسيمُ ويغتدي
من للثُّريا أن تكونَ هي الثرى
حتى تفوزَ بلحظةٍ من أحمدِ
لا يومَ في الدُّنيا يطاولُ يومَه
أبداً ومثلُ مُحمَّد لم يولدِ
يا خيرَ مولودٍ وأعظمَ والدٍ
وابنَ الجَحاجِحِ من قريش السؤدَدِ
ماذا أقولُ وفي يمينِك معجزٌ
لا ريبَ فيه هدايةٌ للمهتدي
ولقد أتيتَ وكلُّ شيءٍ مظلمٌ
وأخو البصيرةِ ناظرٌ عن أرمدِ
والعرْبُ في ليلِ الضلالةِ والشقا
والجهلِ والعشواءِ والعيشِ الردي
والظلْمُ جارٍ والتناحرُ قائمٌ
والناسُ بين فجيعةٍ وتلدُّدِ[1]
فأتيتَ بالتغييرِ تحمِلُ صبحَهُ
نورًا سماويًّا عظيمَ المقصدِ
فأضاءت الدُّنيا وأخصبَ محْلُها
وتبسَّمت بعد العبوسِ المُجهدِ
ونهضتَ لا تثنيك لومةُ لائمٍ
أو عَرْضُ ملكٍ أو وعيدُ مهدِّدِ
والله “لو وضعوا” لعمِّك قلتَها
ماذا أحدِّثُ عن صمودِ مُحمَّد
ومضيتَ منفردًا ولكنَّ الذي
معه إلهُ الكونِ ليسَ بمفردِ
تدعو إلى التوحيدِ جيلًا مشركًا
وتبثُ نورَك في محيطٍ ملحدِ
في حكمةٍ وشجاعةٍ وبرحمةٍ
وتواضعٍ أعيا شموخَ الفرقدِ[2]
فسموتَ بالإنسانِ في أخلاقِه
إذ كان في خُسرٍ يروحُ ويغتدي
برسالةٍ عصماءَ تسدي رحمةً
للعالمين بنورِها المتجدِّدِ
وأخذتَ بالقرآنِ تبني أمةً
وتلُمُّ شعثَ الواقعِ المتبدِّدِ
آخيتَ بين المؤمنين فأصبحوا
مثلَ البنا أو كالأصابعِ في اليدِ
رحماءَ بينهمُ أشداءً على الـ *
ـكفارِ أبطالًا بوجهِ المعتدي
حبٌّ يسودُ ورحمةٌ ومودةٌ
ونفوسُ إيثارٍ بفعلك تقتدي
وكذلك الإسلامُ يخلقُ واقعًا
أسمى ومجتمعًا كجسمٍ واحدِ
وإلى ميادين الجهادِ فلم تزَل
تغزو بكلِّ مثقَّفٍ ومهندِ
ومبوِّئًا للمؤمنين مقاعدًا
فيها برأيٍ صائبٍ ومسدَّدِ
والأُسدُ إن حَمِيَ الوطيسُ رأيتَها
عند الشدائدِ تتَّقي بمحمَّدِ
أفنيتَ عمرَك هاديًا ومعلمًا
أو قاعدًا للمشركين بمرصدِ
حتى تهاوى الشركُ وانتصرَ الهدى
ومضى بريقُ السيفِ بالمتمردِ
ولقد هزمتَ يهودَ شرَّ هزيمةٍ
شرَّدَّتهم في الأرضِ كلَّ مشرَّدِ
ببني قريظةَ والنظيرِ وما جرى
في يومِ خيبرَ يا لَه من مشهدِ
كفروا وقد عرفوك مثلَ بنيِّهم
حسدًا وحلُّوا كلَّ عهدٍ مُوْكَدِ
جدٌّ وتضحيةٌ حياتُك كلُّها
يا خيرَ مبعوثٍ وأعظمَ مرشدِ
وهُنا بذكراك العظيمةِ ألتقي
بجمالِ وجهِك في ضفافِ المولدِ
وإلى مقامِك يا رسولَ اللهِ قد
وافيتُ من سبأٍ كمثلِ الهدهدِ
لأبثَ من بعدِ السَّلام عليك من
أنبائنا ولأنت أعلمُ سيِّدي
يا سيِّدي عادَ اليهودُ وأمةُ الـ
إسلامِ لا لفمٍ تُكب ولا يدِ
مدَّت إلى الكرارِ بعدك سيفَها
فتذلَلت وتمدَّدت للمعتدي
وتمكَّنت منها اليهودُ فأفسدوا
كلَّ الحياةِ وأمسكوا بالسؤدَد
مسراك محتلٌّ ووجهُ القدسِ في
أيدي اليهودِ موجَّهٌ لتهوُّدِ
والمسلمون استسلموا يا سيِّدي
أتْهِم بطَرْفِك في البلادِ وأنجدِ
أجواؤنا وبحارُنا وترابُنا
وقرارُنا في قبضةِ المستعبدِ
يتحركُ الأمريكُ بالإفسادِ في
كلِّ البلادِ بنفطِنا المتوقدِ
يتحركون وأمةُ الإسلامِ من
فرْطِ التحيُّرِ في جمودِ الجلمدِ
فقدتْ بعيدِك كلُّ شيءٍ إنها
إن لم تصرِّحْ كفرَها فكأن قدِ
حتى كأنَك لم تتمِّمْ بالهدى
أخلاقَها وكأنَّها لم تهتدي
قد همَّشتك وهمَّشَتْ قرآنَها
جهلًا وعادت للزَّمانِ الأسودِ
أضحتْ شتاتًا في جميعِ شؤونِها
وأَذلَّ من خرقِ الإماءِ الشُّردِ
حكَّامُها كاللات والعزَّى أتوا
صُنعًا يهوديًّا خبيثَ المقصدِ
أمِنَتْ خنازيرُ اليهودِ لديهِمُ
وبَنوك بين مقتَّل ومشرَّدِ
وجيوشُنا عدُّ الحصى لكنها
عن أمرِ أمريكا تروحُ وتغتدي
وشعوبُنا قد قَصقصتْ إيمانَها
حسبَ الهوى من بيتِها للمسجدِ
أشَقاؤنا هذا سبيلُك سيدي
هيهاتَ من يسلك طريقَك يسعدِ
أم هل تراها تلتقي بك أمَّةٌ
حربٌ لآلِك سيفُها لم يُغمدِ
وهنا شريعةُ داعشٍ قد أُنْتِجَتْ
طِبْقًا لمشروعِ اليهودِ المفسدِ
وأتت بإسمِ الدينِ تقتلُ كلَّ ما
للدينِ من قيمٍ ومجدٍ مُتلَدِ
بمكفرٍ ومفجرٍ وملغمٍ
ومفخِّخٍ ومذبِّحٍ ومعربِدِ
قتلوا الطُّفولةَ في مدارسِها ومَا
قَتْلُ الطفولةِ من فِعال المُهتدي
ما في كتابِ الله تفخيخٌ ولا
وردت بقتلِ الطفلِ سنةُ أحمدِ
لكن ورغمَ ثقافةِ التهويدِ والـ
ـتضليلِ والتشويهِ والمستعبدِ
ما زال للإسلامِ وجهٌ مشرقٌ
في الخافقَين وأمةٌ بك تقتدي
يا أمَّةَ الإسلامِ حتامَ الشقا
وإلامَ نبقى في الضَّلالِ المجهدِ
وإلامَ يبقى بعضُنا في بعضِنا
والوضعُ فوضى والتَّصارعُ سرمدي
مهلًا أخا الإسلامِ هل من وقفةٍ
لتصالحٍ ومحبَّةٍ وتودُّدِ
ما لي أموتُ على يديك كأنَّنا
في الجاهليةِ أو تموتُ على يدي
وأنا وأنت نعيشُ في نكدٍ وفي
ضنْكٍ وأمريكا بعيشٍ أرغدِ؟!
هذي رسالاتُ السماءِ توحَّدت
والأنبياءُ توحَّدوا في المقصدِ
لِمَ لا يكونُ اليومُ هذا جامعًا
للمسلمين وفرصةً لتوحُّدِ؟
يا أمتي ولقد هرمتِ وينبغي
لك ثانيًا أن تولدي في المولدِ
يا سيدي وهنا أمامَك أمةٌ
عادت إليك ومن يعدْ لك يرشدِ
من موطنِ الإيمانِ من يمنِ الإبا
وردت إليك وأنت أعذبُ موردِ
تُهديك من ساحِ الجهادِ بشائرًا
بالنصرِ والفتحِ المبينِ الأمجدِ
وتمدُّ أيديها إليك بعهدِها
وصريحِ موثقِها بهذا المشهدِ
ألاّ تفارقَ نهجَك الأسمى ولا
تحني الجبينَ لظالمٍ أو مفسدِ
يا سيدي وامنحْ لهدهدِك الرضا
وإلى اللقا من بعد إذنِك سيدي
صلَّى عليك اللهُ ما مزنٌ همى
والآل أعلام الهدى للمهتدي
[1] تَلَدّدَ: تلفَّت يميناً وشِمالاً تحيُّرًا
[2] الفرقد : نجم قريب من القطب الشمالي يُهتَدى به