أنوارُ المَولِدِ النَّبَويِّ…

الشاعر /جميل الكامل

 

فاحت نسائمُ طه فارتوى الزَّمنُ

وأزهَرَت   بربيعِ   المولدِ  اليمنُ

 

واخضَوضَرَت فرحةً أريافُنا وشَدت

على غُصُونِ ربيعِ المُصطَفَى المُدنُ

 

وأشرَقَ اليمنُ الميمونُ محتفلاً

في مولدٍ قطُّ لم تسمع به أذنُ

 

في مولدٍ أذهل الدُّنيا وفاجأها

فيه اليمانون …كيف استنهضُوا وبنَوا؟!!

 

هذي الحشودُ ونصفُ الأرضِ تقصفُهم

ونصفُ موطنِهم أوْدَى به الخَوَنُ

 

قيامةً ، يمن الإيمانِ أعلنها

حبّاً ونصراً لمن وافت به المِنن

 

حشرٌ عظيمٌ مهيبٌ لا تكاد تَرى

مِن خلفِه يَمنِيًّا ضمَّه سكنُ

 

من كلِّ فجٍّ عميقٍ أقبلُوا وسعَوا

وكلَّما اقتربوا من نوره أمِنُوا

 

في مشهدٍ زلزلَ الكفارَ أيْأَسَهم

ومنه رُوِّعَ في منفاهمُ الخَوَنُ

 

رسالةً يمنُ الإيمانِ سطَّرها

لمن أساؤوا إلى خيرِ الورى وجنَوا

 

لمن أساؤوا؟! إلى القُرآنِ في سفهٍ

للصَّامتين ومن خانُوا أو ارتهنُوا

 

لسانُ حالِ اليمانيين قاطبةً

يقولُ للأرضِ إنَّا للهُدى وطنُ

 

أحفادُ أنصارِ طه مُنذُ شَعَّ سنًا

فما وهَنَّا ولا أجدادُنا وهنوا

 

نُعلِّم الأرضَ درساً في هُوِيَّتِنا

وأنَّنا ليس تُثنِي عَزمَنا المِحَنُ

 

ولاغرابةَ أن يُذكِي مَشاعِرَنا

بالمولِدِ النَّبويِّ الشَّوقُ ، والشَّجنُ

 

ويخرجُ الشَّعبُ مسروراً ، ومُبتهِجاً

مَواكباً لهمُ السَّاحاتُ تَحتَضنُ

 

كأنَّهم في الذُّرى الطوفانُ قد خرجوا

تكادُ تحت خُطاهُم تغرقُ المُدُنُ

 

ولا غرابةَ إن جاؤا أو احتشدوا

محبةً لرسولِ اللهِ أو ضعنوا

 

فمِن هنا سبأٌ وصَّى بنيه به

وحميرٌ ،من هنا وصَّى به يزن

 

ومن هنا هاجرَ الأنصارُ ذات ضُحى

وفي ثَرى يثربٍ حباً له سكنوا

 

وكيف لانَملأُ الدُّنيا به فَرحاً

ونحن أوَّلُ شعبٍ للهُدى فطنوا

 

وأوَّلُ النَّاسِ في الدُّنيا مبايعةً

ما أوقفت سعيَنا للمصطفى المحن

 

غِبْنا فأظلمَتِ الدُّنيا بغفوتِنا

وأفسدَ الشرُّ فيها واعتلى الوثن

 

وحينما مالَ ميزانُ الورى وطغَوا

وللطواغيتِ دون اللهِ قد رَكَنوا

 

عُدنا نُعَدِّلُ بالإيمانِ كفَّتَها

فَبِاتِّبَاعِ رسولِ اللهِ تَتَّزِنُ

 

جئنا نوثِّقُ ما أجدادُنا عقدوا

من العهودِ لمَن وافت به المِنَنُ

 

يا سيِّدي يا رسولَ الله نحن هنا

إن اليمانين ما هابوا ولا جَبُنوا

 

ورغمَ أحزانِنا جئنا لنُرسلَها

رسالةً للأعادي حيثُما قطنوا

 

ما زادَ أعرابُ نجدٍ في سفاهتِهم

إلا وزدنا رشاداً كلَّما فُتِنوا

 

حشدٌ نكادُ نرى فيه الرَّسولَ هنا

روحاً وإن غاب عن أبصارِنا البَدَنُ

 

وحاضرٌ هو في البدرِ المنيرِ هدىً

ما شنَّفت بسديدٍ مثلَه أُذن

 

تقودُ من آمنوا للهِ طلعته

كما تسوقُ إلى النِّيرانِ من غبنوا

 

ويوقضُ الهممَ الوسْنى ويشعلُها

فقد طغى في عيونِ الأمَّة الوسن

 

القائدُ العلمُ الوافى على قدرٍ

في روحِه نورُ خيرِ الخلقِ يُختَزَنُ

 

ما لاح  نورُ رسولِ اللهِ في أَحدٍ

إلا ومِشكاتُه دون الورى اليمن

 

لأنَّهم من ينابيعِ الهدى انطلقوا

وبالمحبَّةِ أرواحاً به اقترنوا

 

خطَّانِ ما افترقا منذ التقائهما

ويشهدُ اللهُ والتأريخُ والزمن

 

قد يعجبك ايضا