الشعب اليمني يعلنها في وجه الأمريكي.. تحالفكم لا يرهبنا
لتحالف أمريكا ومن في صفها، وفروا على أنفسكم التهديدات، فاليمن شعب مجاهد يعشق التضحيات في سبيل الله، ويتمنى المواجهة المباشرة مع الأمريكي والإسرائيلي ليوفر عن الأمة الحروب العبثية الأمريكية، وها هو الشعب اليمني بكل فئاته خرجَ ، أمس الجمعة، في مسيرات مليونية ليؤكدَ للعالمِ بأسرِهِ أنه مع غزةَ الجريحةِ حتى الانتصار، وما بعدَ الانتصار، وخرج ليقول للأمريكي: نحن جاهزون للمواجهة، وهذا الميدان، فافعلها إن كنت قادراً.
ها هو شعب اليمن – بنخوتِهِ بحكمتِهِ وإيمانِه – يعبِّرُ في تظاهراته المليونيةِ في قلبِ عاصمتِهِ صنعاءَ بميدانِ السبعينِ، وفي مختلف المحافظات عن دعمِه القوي لشعبِ فلسطين، ويؤكدُ رفضَه البَاتَ للعدوانِ والحصارِ الإسرائيلي الذي يعاني منه أهالي غزةَ، وأن هذا الموقف لم يقدم عليه شعب اليمن، إلا ولديه القدرة على تحمل التبعات والنتائج.
حين احتشد الشعب في الساحات لم تكنِ الأيادي من ارتفعت، إنما البنادقُ وعَلَمُ اليمنِ جنباً إلى جنبٍ مع عَلَمِ فلسطينَ سواءً بسواء. فبإرادةٍ لا تُعد، وتحدٍ لا يُحصى، واستعدادٍ تامٍ للتضحيةِ والوقوفِ بجانبِ الحق، أكدَ الشعبُ العزيزُ للعالمِ بأكملِه أنَ الضميرَ اليمنيَ لا يُمكنُ لأمريكا قمعُه، وأن صوتَ أحرارِ اليمن لا يُمكنها كبتُه، وأنه هو وحدُه صوتُ الحق المرتفع لمن لا صوتَ له، وأنه اليومَ أيقونةَ شعوبِ العالمِ المتطلعةِ للتحررِ مِن الهيمنةِ الأمريكية.
إنه الشعبُ الذي لم يعد يكتفي بإرسالِ الرسائلِ من خلالِ التظاهرات، فقد أرسى اليومَ – بهذهِ التظاهراتِ الضخمةِ وفي هذهِ اللحظةِ الفارقة – القواعدَ الصحيحةَ المتينةَ في صراعِ الأمةِ مع أعدائِها، قواعدَ تقومُ على أساسِ التحامِ الشعبِ مع القيادةِ، واعتصامِهما معاً بحبلِ الله الواحدِ – سبحانه وتعالى – ضمنَ منهجيةٍ قرآنيةٍ جامعةٍ لا انفصالَ فيها أو تعارضَ، ولا خلافَ يشوبُها أو تنازع.
شعبٌ يرفضُ تفكيكَ روابطِ الإسلامِ والعروبةِ، ويرفضُ أن تُحصرَ القضيةُ الفلسطينيةُ في شعبِ فلسطين، فيؤكدُ أنه على جميعِ شعوبِ العربِ والمسلمين أن تبقى متضامنةً مع بعضِها البعضِ في وجهِ أمريكا و”إسرائيل” وباقي أعدائِها، وأن تبقى موّحدَةً ضدَ أيِّ ظلمٍ أو اضطهادٍ يواجهُه أيُ شعبٍ منها.
لن نسكت
اليمن بهويته وانتمائه ومشروعه القرآني وقائده العظيم السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي ـ يحفظه الله ـ، لا يحتمل أن يتفرج على حرب الإبادة الإجرامية التي تحتشد فيها أمريكا والغرب الكافر والكيان الصهيوني وتتوحش بممارسة كل أشكال وصور الإجرام والطغيان.
حرب إبادة جماعية لا مثيل لها، يقترف أعداء الله اليهود وأعوانهم في غزة ما لا يتصوره إنسان، قتل جماعي للشعب الفلسطيني في غزة، أطفال رضع تمزق أجسادهم، نساء تذبح، قصف واستهداف للمستشفيات، مذابح متوحشة تتقصد قتل الأطفال، قصف للنازحين وملاحقتهم بالطائرات، حصار وتجويع، لا وقود ولا ماء ولا طعام ولا دواء، المجازر مروعة، الدمار موحش، حرب يحتشد فيها كل المجرمين، قتلة الأنبياء اليهود، المسيحية الصهيونية، عتاة وطغاة الأرض.. كل هذا جعل اليمنيين يقفون هذا الموقف، وأن ينصروا عباد الله في غزة، وعلى طريقتهم القوية والخاصة، ولسان حالهم يقول: «والله لا يدعنا كتاب الله أن نسكت، وأطفال ونساء تذبح، وأبرياء يسحقون، ومسلمون يتعرضون لحرب إبادة، فليس بإنسان من لم تثره صور الأطفال الرضع والخدج وهم يقطعون بلا هوادة”.
ليس الشعب اليمني من يخذل غزة، فقد جرب مرارة الخذلان في حرب السنوات التسع عليه، وليس الشعب اليمني من تنطلي عليه المواقف الدولية، فقد خبرها حينما احتشدت عليه الحرب والعالم يصفق كله، وليس الشعب اليمني من يسكت أمام ما تتعرض له غزة من حرب إبادة، لأنه عرف السكوت والصمت العربي إزاء المذابح التي تعرض لها خلال تسع سنوات، ولأن الشعب اليمني وقيادته يعرفون كذبة القانون الدولي وشعارات حقوق الإنسان وزيف الديمقراطية الأمريكية، فهو لا يكترث بها، ويمارس الفعل العسكري الأكبر والأخطر في البحر الأحمر، لنصرة غزة ولكسر الحصار عنها، ولوقف العدوان عليها وبعد ذلك ليفعل الله ما يشاء.
حشود مليونية
وشهد ميدان السبعين في العاصمة صنعاء، عصر الجمعة، خروجا مليونياً استثنائياً هو الأوسع، في مسيرة بعنوان (تحالف حماية السفن الإسرائيلية لا يرهبنا).. حيث رددت السيول البشرية الكبيرة والاستثنائية، المتدفقة إلى ميدان السبعين شعبيا ورسميا، هتافات الغضب تجاه العدوان الصهيوني المستمر على غزة، وهتافات التضامن مع حركات الجهاد والمقاومة في فلسطين المحتلة.
ورفع المشاركون في المسيرة الأعلام الفلسطينية واليمنية وشعارات الصرخة في وجه المستكبرين، مؤكدين جاهزية واستعداد أبناء شعبنا اليمني للتضحية بالمال والروح فداء للأقصى ونصرة للشعب الفلسطيني المظلوم.
العدو يحسب ألف حساب لهذا الخروج الكبير
مدير مكتب رئاسة الجمهورية عضو اللجنة العليا لنصرة الأقصى أحمد محمد حامد في كلمة المسيرة توجه بتحية إجلال وإكبار للشعب اليمني العظيم قائلا: “شعب الإيمان والحكمة، شعب الحرية والاستقلال، شعب الصبر والصمود، شعب الثقافة القرآنية والهوية الإيمانية”.
وقال حامد: “هذا الشعب العظيم الذي يقف المواقف القرآنية المشرفة، ويخرج في مسيرات مليونية كبيرة من أجل الله وفي سبيل الله ونصرة لقضايا الأمة ووقوفا مع فلسطين ودفاعا عن القرآن ومع المقدسات شعورا منه بالمسؤولية والقيام بالواجب الذي يفرضه عليه دينه”.
وأكد أن “طوفان الأقصى” كان له الدور الكبير الذي يقدم الشواهد والبراهين على صدق الموقف وأصالة الانتماء ويفرز الصادقين من الكاذبين، لافتا إلى تجلي “زمن كشف الحقائق” الذي تحدث عنه الشهيد القائد السيد حسين بدرالدين الحوثي رضوان الله عليه.
وأضاف: “وجدنا صمتا عربيا مخزيا وفتاوى لعلماء مسلمين تدعو إلى الصمت وتحث على إغماء الأعين، تأمر بالأغاني وتنهى عن المظاهرات، وكأن ما يجري في غزة حفلة عرس لا حرب إبادة”.
وأشار مدير مكتب رئاسة الجمهورية إلى أن التفاف الشعب اليمني وخروجه الكبير يحسب له العدو ألف حساب وأن شعبنا أثبت وقوفه عمليا إلى جانب غزة والشعب الفلسطيني ولن يتراجع عن موقفه ذلك.
إجماع يماني على مواجهة أمريكا
المحافظات اليمنية الحرة، هي الأخرى شهدت تظاهرات غير مسبوقة للتأكيد على أن تحالف حماية السفن الإسرائيلية لا يرهبنا .. حيث أكد المشاركون على المضامين والرسائل والمواقف القوية والصادقة التي أطلقها السيد القائد في خطابه التاريخي الأربعاء الماضي.
بيان المسيرات المليونية بعث برسالة لكل العالم أن هذا هو موقف اليمن الموحد والمبدئي والثابت لن يتغير أو يتزلزل ولن يتراجع عنه شعبنا في نصرة الشعب الفلسطيني وبذل أقصى الجهود في ذلك.
وأعلن البيان استعداد الشعب اليمني وجهوزيته الكاملة لكل الاحتمالات والسيناريوهات المتوقعة وذلك من منطلق قول الله تعالى: (وَأعِدُّوْا لَهُم مَا اسْتَطَعْتُم مِنْ قُوّةٍ).
كما أكد بيان المسيرات أن المعركة المباشرة مع الأمريكيين والإسرائيليين لطالما انتظرها شعبنا ليكون له شرف المواجهة المباشرة في هذه المعركة، مجددا المطالبة للدول المجاورة ومن لديهم حدود مشتركة مع فلسطين بفتح ممرات برية آمنة لتدفق المجاهدين من أبناء شعبنا والشعوب المؤمنة للالتحام المباشر مع العدو الصهيوني.
وأشاد بالمواقف والعمليات الجهادية البطولية المنكلة بالعدو الصهيوني التي ينفذها المجاهدون من كتائب القسام وسرايا القدس وبقية الفصائل الفلسطينية، مثمنا في ذات الوقت العمليات التي ينفذها رجال المقاومة الإسلامية في حزب الله اللبناني والتي حرمت العدو نومه وأقظّت مضجعه.
وحذر البيان الدول التي يتم الدفع بها وتوريطها في تحالف حماية السفن الإسرائيلية سواء كانت ظاهرة أو مستترة بأن أي عمل عدائي ضده وضد موقفه المناصر لفلسطين لن يمر دون رد، وأن توسع المشاركة في تحالف حماية السفن الإسرائيلية يعني في المقابل توسع الأهداف لقواتنا المسلحة وقد أعذر من أنذر.
واستنكر حالة الخنوع والخذلان من قبل الأنظمة العربية والإسلامية أمام ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من مجازر وجرائم على يد الأمريكي والإسرائيلي، وحالة التبعية العمياء للأنظمة العربية والإسلامية والتي تزج بهم أمريكا للقتال نيابة عنها في كل الحروب.