مجلسُ الأمن يمنح العدوانَ صكًا جديدًا لتشديدِ الحصار على الشعب اليمني
موقع أنصار الله || صحافة محلية || رشيد الحداد / صدى المسيرة
مدَّدَ مجلسُ الأمن الدولي أواخر الأُسبُوع المنصرم الحصارَ المفروضَ على الشعب اليمني منذ قرابة العامين لعام إضافي دون أن يحددَ مهام لجنة التفتيش التابعة للأُمَم المتحدة، بل جدَّدَ سياسةَ التجويع ومنح العدو غطاءً إضافيًا للاسْتمرَار في منع تدفّق الغذاء والدواء والوقود إلى اليمن، وَمنح العدوان الضوء الأخضر لتشديد الحصار الجوي البري والبحري وكذلك اسْتمرَار القيود المالية على تحويلات المغتربين والمنح والمساعدات والهبات الدولية.
القرار الدولي الجديد الصادر عن مجلس الأمن الدولي، الخميس الماضي، أكد أن العدوان الأَمريكي لا يزال يرى في الحصار الاقتصادي وابتزاز أفقر شعوب المنطقة وسيلةَ حرب ذات جدوى، رغم تداعياتها الإنْسَانية التي طالت السواد الأعظم من اليمنيين؛ ولذلك شرعن مجلس الأمن الدولي للمرة الثانية في عامين العقابَ الجماعي الذي يواجهُه الشعب اليمني منذ عامين؛ نتيجة التوظيف المسكوت عنه من قبل العدوان لما نص عليه قرار مجلس الأمن رقم 2216.
القرار الدولي الجديد رقم “2342 ” الذي تقدمت به بريطانيا وإيرلندا الشمالية، اكتفى بالإشارة إلى تردّي الأَوْضَاع الإنْسَانية، ولم يتطرق إلى الأَسباب الرئيسية التي أدّت إلى تفاقم الوضع الإنْسَاني الذي بات ينذر بكارثة إنْسَانية حقيقية، وذلك بعد أصبحت حياةُ 17 مليون مواطن يمني معرّضة لخطر الموت جوعًا، ولا عن أَسباب تفشي سوء التغذية في أوساط ما يقرب من 1.3 مليون طفل، منهم نحو 462 ألف طفل يواجهون خطر الموت؛ بسبب سوء التغذية.
وعلى الرغم من إبلاغ مجلس الأمن بأن الشعبَ اليمني يواجه حصارًا اقتصاديًا بطريقة مخالفة لما نص عليه القرار الدولي 2216، إلا أنه تجاهلها مُصرًا على منح العدو مبررًا إضافيًا لاسْتمرَار حربه الاقتصادية التي تمارَسُ بشتّى الطرق وتُستخدم بمختلف الوسائل المباشرة كالطيران العسكري وغير المباشرة من خلال تشديد الحصار ومنع دخول الدواء والوقود والغذاء، فالعدو الذي أعلن حربًا عسكرية وحصارًا اقتصاديًا قبل عامين لا يزال يفرض حصارًا بريًا وبحريًا وجويًا على الشعب اليمني غير مكترثٍ بالقرارات الدولية والقوانين الإنْسَانية، ورغم وجود فريق التفتيش الخاص بالأُمَم المتحدة الذي يقوم بمهمة تفتيش السفن التجارية في جيبوتي والمتجهة نحو ميناء الحديدة، يتعمّدُ العدوان احْتجَازَ السفن التي تحمل تصاريحَ دخول من قِبَلِ الأُمَم المتحدة دون أن تعترضَ المنظمة الأُمَمية، وما يدل على مدى ضعف الأُمَم المتحدة فشلها على مدى قرابة الشهر في استعادة أربعة كرينات قُدّمت من برنامج الغذاء العالمي لميناء الحديدة، اثنان من تلك الكرينات تابعان للبرنامج واستقدمَا للتسريع في تفريغ المساعدات الغذائية المقدمة من المنظمات الدولية، إلا أن كافة مساعي الأُمَم المتحدة فشلت في إقناع العدوان بإعَادَة الكرينات الأربعة التي نقلت إلى جيبوتي للحجر من قبل القوات البحرية التابعة لدولة العدوان السعودي.
التناقض الملفت في قرارات مجلس الأمن التي تتحوَّلُ إلى رافعة لتشديد الحصار المفروض على الشعب اليمني ودور مجلس الأمن في حماية تلك القرارات من التوظيف الخاطئ والمخالف لنصوصها، يكشفُ عن مدى التواطؤ الأُمَمي عن كافة جرائم العدوان الإنْسَانية والاقتصادية التي تمارَسُ على مرأى ومسمع من العالم، فالأُمَم المتحدة ومجلس الأمن اللذان فشلا في الضغط على العدو للسماح بنقل قرابة المليار دولار، أَوْ تمرير تلك المساعدات الإنْسَانية النقدية المقدمة من البنك لمستحقي الضمان الاجتماعي والمتوقفة منذ عامين بسبب تعنت العدوان، يقفان مجددًا ضد الشعب اليمني على حساب هيبة الأُمَم المتحدة ومجلس أمنها، الذي يساوي بين الجلاد والضحية.
وبسبب التخاذل والتواطؤ الدولي على مدى 700 يوم من العدوان تصاعدت جرائم العدوان السعودي الأَمريكي بحق الشعب اليمني والبُنية التحتية الأَسَاسية للاقتصاد.
وكشفت إحصائيةٌ تراكميةٌ صادرةٌ عن المركَز القانوني للحقوق والتنمية بصنعاء عن ارتفاع الجرائم الممنهجة التي يرتكبُها العدوانُ السعودي الأَمريكي على مختلفِ القطاعاتِ الاقتصاديةِ إلى مستويات قياسية جديدة، فالعدوُّ هاجم 14 ميناءً بحريًا وعَطَّلَ ما يزيدُ عن ستة منافذ بريّة كانت تُستخدَمُ في التبادل التجاري بين اليمن ودول الجوار، كما فَرَضَ حظرًا جويًا على مطار صنعاء وعلى مطار تعز وصعدة والحديدة، وشدد حصارَهُ على مدخلات الغذاء الأَسَاسية للبقاء واسْتهدَف منظومةَ الأمن القومي الغذائي بشكل ممنهج.
وبعد اسْتهدَاف الموانئ وخصوصًا ميناء الحديدة الذي لا يزالُ حتى اليوم تحت التهديد بالقصف من قبل طيران تحالف العدوان، وبعد شن سلسلة غارات على محيط وداخل الميناء البعض منها كانت رسائلَ تهديد ولم تنفجر، وهو ما تسبب بانخفاض كبير في السفن والواردات، وتوقُّف خمس شركات شحن كانت تستخدم الميناء؛ بسبب إجبارها من قبل تحالف العدوان على إعَادَة توجيه شُحناتها، بما في ذلك الإمدادات الإنْسَانية إلى ميناء عدن، وفقًا لما أكده الممثل المقيم للأُمَم المتحدة في اليمن جيمي ماكغولدريك، الأُسبُوع المنصرم، والذي قال إن قوات التحالف بدأت فعليًا في تعطيل ميناء الحديدة بصورة تدريجية من خلال منع تحويل مسار شركات الشحن التي تستخدم ميناء الحديدة، والذي لم يتبقَ من تلك الشركات سوى شركة واحدة تستخدم ميناء الحديدة من أصل ست شركات شحن رئيسية.
الأَعْمَالُ الاستفزازية التي يمارسها العدوان على الشحنات التجارية القادمة من جيبوتي إلى ميناء الحديدة الذي يستقبل 70% من واردات الغذاء و80% من واردات الوقود، لم تكن الوحيدة، بل جزء من كل ما يمارسُهُ العدوان؛ بهدف تشديد الحصار على الشعب اليمني، فعلى مدى الأَيَّام الماضية عَمِدَ العدوانُ على اسْتهدَافِ كافة الطرُق الحيوية المؤديّة من وإلى محافظة الحديدة، وذلك في إطار مساعيه لقطع كافة إمدادات الغذاء التي يتم نقلُها من الحديدة إلى مختلف المحافظات، ليرتفعَ إجْمَالي الطرق والجسور المستهدَفة من قِبل العدو إلى أكثر من 1520 طريقًا وجسرًا، كما استهدف العدوان وفق الإحصائية الحديثة 2517 وسيلة نقل في مختلف الطرق، بالإضَافَة إلى الاسْتمرَار في اسْتهدَاف الأسواق التجارية والشعبية وقتل الباعة والمتسوقين فيها والتي بلغت 535 سوقًا، كما دمّر 271 مصنعًا إنتاجيًا، و5513 منشأة تجارية.
وَكون الغذاء تحوَّلَ إلى هدفٍ رئيسيٍّ لعمليات تحالف العدوان فقد استهدف طيران العدو خلال الـ 700 يوم الماضية من عمر العدوان والحصار 1565حقلًا زراعيًا و660 مخزن غذاء و502 ناقلة غذاء، يضاف إلى اسْتهدَاف 313 محطة تموين مشتقات نفطية و233 ناقلة نفط و207 مزارع دواجن، يضاف إلى 160 محطة ومولدًا كهربائيًا مركزيًا و281 خزان وشبكة مياه، وَ332 شبكة ومحطة اتصالات.