أسيرات فلسطينيات بعد تحررهن بالدفعة الأولى: “قمع وإهانات وأوضاع إنسانية صعبة للغاية”
موقع أنصار الله – متابعات – 20 رجب 1446هـ
مرت الأيام الأخيرة ثقيلة على الأسيرات الفلسطينية داخل السجون الصهيونية، حيث لم يعلمن أنهن على موعد مع الحرية حتى قبيل ساعات من الإفراج عنهن الأحد.
فقبل أسبوع من دخول اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة حيز التنفيذ، عزلت إدارة مصلحة السجون الصهيونية الأسيرات عن العالم الخارجي وقطعت عنهن الأخبار، كما روت الأسيرة المحررة ياسمين أبو سرور.
وتقول أبو سرور (27 عاما)، إن العدو الصهيوني تلاعب بأعصابهن حتى الساعات الأخيرة.
وأضافت “منذ أسبوع انقطعت عنا الأخبار، ولا نعلم ما يجري في الخارج، حتى صباح الأحد لم نكن متأكدين من أن هذا هو يوم الحرية”.
واعتقلت أبو سرور وهي من مخيم الدهيشة بمحافظة بيت لحم جنوب الضفة الغربية المحتلة، عدة مرات كان آخرها في 26 كانون الأول/ ديسمبر 2023، حيث تم تحويلها آنذاك للاعتقال الإداري.
وعن لحظة الحرية، تقول أبو سرور إن شعورها “لا يمكن أن يوصف الحمد لله، وشكرا لكل من ساهم بالصفقة”.
وتعرضت أبو سرور كغيرها من الأسيرات لتهديدات أطلقتها المخابرات الصهيونية بالاعتقال مجددا في حال تم إظهار أي ملامح للاحتفالات.
وعن الأوضاع داخل السجون، تقول أبو سرور إنها “صعبة للغاية”، حيث يعاني الأسرى من التجويع المستمر والتنكيل والإهمال الطبي من إدارة السجون الصهيونية.
وأعربت عن أمنياتها بالإفراج عن باقي الأسرى والأسيرات من داخل السجون، متمنية الفرج القريب لأهل قطاع غزة.
“تفتيش عار وبرد قارس”
بعد 7 شهور قاسية قضتها خلف قضبان السجون الصهيونية، تتنفس الأسيرة المحررة أمل شجاعية هواء الحرية مجددا وسط تخوفات من إعادة الاعتقال.
وخرجت شجاعية (22 عاما) وهي طالبة جامعية، من داخل السجون محملة بذكريات قاسية عن معاناة الاعتقال في ظل حالة التنكيل التي تتعرض لها الأسيرات من قبل إدارة مصلحة السجون الصهيونية.
وفي شهادتها، تقول شجاعية من بلدة دير جرير شرق رام الله “يوميا نتعرض للقمع والتنكيل وسحب الأغراض والممتلكات”.
وأوضحت أن “الأسيرات يعشن أوضاعا إنسانية صعبة للغاية حيث البرد القارس ينهش أجسادهن، وذلك وسط نقص الغذاء والدواء”.
وفي انتهاك صارخ للخصوصية، تتعرض الأسيرات الفلسطينيات داخل السجون لتفتيش عارٍ واقتحامات يومية لغرفهن وأقسامهن، كما تقول شجاعية.
وأضافت “لا يوجد في السجن أي خصوصية للفتاة، من بداية الاعتقال يكون هناك تفتيش عارٍ، واقتحامات يومية للقسم وتفتيش عار أيضا”.
وتابعت “الموضوع ليس صعبا فحسب بل هو انتهاك لخصوصية الأسيرات ويسبب لهن الأذى”.
وتعبر شجاعية عن مخاوف تنتابها كما بقية الأسيرات من إعادة اعتقال إسرائيل لها، على غرار ما حدث مع الأسرى المحررين ضمن صفقة شاليط عام 2011.
وذكرت شجاعية أنها خضعت “للتحقيق في سجن عوفر مؤخرا، فيما طُلبت للمقابلة مطلع الشهر القادم”.
وأشارت إلى أنهن تعرضن لمعاملة سيئة من إدارة مصلحة السجون على مدار يوم الأحد، تعرضن خلاله “للسحل وبعض الأسيرات تم مصادرة الأغراض الشخصية، وتنزيل الرؤوس وتفتيش بشكل صعب”، وفق قولها.
ورغم تلك المعاناة، إلا أن شجاعية تعيش فرحة عودتها لأحضان عائلتها، قائلة “أنا اليوم بين أهلي وأحبتي وسعادة لا توصف ربنا يرحم شهداءنا”.
وفي ختام حديثها وجهت شجاعية رسالة لأهل قطاع غزة قائلة “كل كلمات الشكر والامتنان لا تكفي في التعبير عن تضحياتهم”.
“تفتيش وضرب وإهانات”
كشفت الأسيرة المحررة رغد عمرو (23 عاما) عن تنكيل وضرب وإهانات، بينها جر الأسيرات من شعورهن، في الساعات الأخيرة قبيل الإفراج عنهن من سجون العدو الصهيوني ليل الأحد – الإثين.
وقضت رغد 5 شهور في السجون الصهيونية، بعدما اعتُقلت من بلدتها دورا جنوبي مدينة الخليل، وكان اعتقالها إداريا.
وقالت “صباح الأحد دخل مدير السجن وقال لا يوجد أي إفراجات خلال الـ14 يوما، وعند الظهر دخل نائبه بأسلوب همجي وتعامل سيئ، وبدأ يقول ’لا تجربوني مرة أخرى، ممنوع ارتداء أي ملابس شرعية’، وبدأت عمليات التفتيش والضرب والإهانات، وتحقيق لساعات”.
وتابعت “انتقلنا بعدها في باصات النقل، والتي استمرت 4 ساعات، وهي عبارة عن قفص حديدي، وهو أسوأ من السجن (الدامون)”.
وأضافت عمرو “تم تشغيل المكيفات الباردة علينا، (ثم) وصلنا سجن عوفر، وفتحت أبواب الباصات ووجدنا سجانات يمسكن الأسيرات من شعورهن، وسط صراخ ومُنعنا من رفع الرأس”.
وأفادت بأن “القوات الإسرائيلية زجت بالأسيرات في ساحة من الحجارة والحصى، تُركنا فيها لساعات”.
وأردفت عمرو “وتم تشغيل شاشة كبيرة وعُرضت علينا فيديوهات تهديد وأخرى تشويه للمقاومة، بعد ذلك تم جلب مجموعة من الأسرى الأطفال كانوا بحالة مزرية للغاية”.
واستطردت “تعرضنا للضرب والإهانة، ثم نُقلنا إلى كرفانات وهناك أيضا تعرضنا للتهديد والوعيد، ومن ثم رجعت نفس القصة تفتيش شبه عاري وضرب وإهانات”.
لكن عمرو شددت على أن “كل هذا العذاب فداء لشعبنا ولغزة، ونسأل الله أن يكتب لنا الأجر”.
وقارنت بين ما عاشته الأسيرات في السجون الإسرائيلية ومشاهد معاملة فصائل المقاومة في غزة للأسيرات الإسرائيليات، وقالت “قالوا لي إن المقاومة قدمت للأسيرات هدايا، بينما نحن تم جرنا من شعورنا وبعضنا من حجابها وغيره الكثير”.
ولفتت إلى أن “ظروفا صعبة للغاية عاشتها الأسيرات في السجون الإسرائيلية”، وتابعت “لا يوجد شيء يمكن أن يكون جيدا في السجن، الأكل لا يوجد أسوأ منه كما ونوعا، ونوعية وطريقة التعامل صعبة للغاية”.
وأكملت “ربي يكون مع مَن كان عونا لنا ونصرا لنا، ويذل كل مَن كان سببا في ذلنا”.
وزادت عمرو بأن “ظروف السجن صعبة للغاية، تفاجأنا بالعدد الكبير من الأسيرات، وسوء التعامل معهن، اللبس والضرب والقمع ولا شيء يمكن أن أقول إنه جيد، وكل يوم نتعرض للتفتيش، وكل أسبوع عملية اقتحام وقمع، الظروف سيئة”.
“ثمن الحرية سدد بدماء أهل غزة ودمار منازلهم”
عبرت الأسيرة المحررة هديل شطارة عن مشاعر مختلطة بين الفرح بالحرية والألم إزاء الثمن الباهظ الذي دفعه أهالي قطاع غزة لأجل ذلك من دمائهم ومنازلهم.
وقالت شطارة (33 عاما) وهي أكاديمية في جامعة بيرزيت القريبة من مدينة رام الله، إن “ثمن الحرية كان غاليا جدا، سدد بدماء أهل غزة وبدمار منازلهم”.
واعتقلت شطارة من بلدة المزرعة الشرقية شرق رام الله في 1 تموز/ يوليو الماضي، فيما صدر بحقها قرار بالاعتقال الإداري.
وأضافت “اليوم الفرحة منقوصة أولا لوضع أهلنا في غزة، ولكن نحن على ثقة أن غزة قادرة على أن تنهض، وستعود أقوى من قبل ويرجع لها أهلها ويتم إعادة بناء ما دمره الاحتلال”.
واستكملت “غزة ستعمر بأهلها وناسها ونحن على ثقة بأن غزة ولاّدة وراح ترجع قوية وترفع رأسها”.
وعن الأوضاع داخل سجون العدو الصهيوني، تقول شطارة إنها “صعبة وسيئة للغاية حيث سُحِب كل شيء من الغرف، خرجنا لا نمتلك سوى ملابسنا”.
وتشير إلى أن أوضاع الأسيرات والأسرى متشابهة فهم محرومون من كل شيء داخل السجون، مستدركة “لكن ذلك لم يزدنا إلا قوة وتحديا وثباتا”.
وتتمنى شطارة الحرية لكل فئات الأسرى خاصة الرجال وذلك لما يعانوه من مصاعب كبيرة داخل السجن.
وختمت بتوجيه رسالة للعالم قائلة “حريتنا كانت بأثمان كبيرة، ونحن شعب مستعد لدفع هذه الأثمان، ولا ننتظر من يحررنا. نحن نحرر أنفسنا بأنفسنا، ولكن ننتظر من العالم موقفا عادلا تجاه قضيتنا ليس أكثر”.
“محاولة إذلال”
وهي تبكي، أعربت الأسيرة المحررة حنان معلواني (24 عاما) عن حزنها للإفراج عنها مع أخريات من سجون العدو الصهيوني، بينما تركن خلفهن أسيرات لا زلن خلف القضبان.
وقبعت معلواني في سجون الاحتلال منذ اعتقالها في 2 أيلول/ سبتمبر الماضي من منزلها بمدينة نابلس، وحولتها للاعتقال الإداري.
وقالت في وقت بدت مندهشة للغاية من الجوع التي استقبلت الأسيرات المحررات في بلدة بيتونيا غربي رام الله “الشعور لا تقدر على وصفه، شعور الحرية جميل للغاية”.
وأضافت “كنت لا أرى في السجن سوى الزنزانة، اليوم أنا مستغربة جدا من هذه الجموع التي تستقبلنا، شعوري لا يوصف”.
وبينما تبكي خلال لقاء عائلتها، أضافت “كان اليوم صعبا للغاية، تم تعقيد كل شيء (من قبل السلطات الإسرائيلية)”.
وأوضحت أنه “حتى اللحظة الأخيرة لم نُبلغ بالإفراج، أُحضر طعام الفطور ومن ثم الغداء وأُخبرونا أنه لا يوجد أي إفراجات، وعصرا تم نقلنا من سجن ’الدامون’ إلى سجن ’عوفر’، تركنا خلفنا أسيرات”.
ولفتت معلواني إلى أن “السجن كان عبارة عن مصاعب ومحاولة إذلال ولا يمكن وصف ما عشناه، أنا متعبة للغاية، ولكن قد الحمل وتحملناه”.