وجوب العودة الصادقة إلى الله عزَّ وجلَ للحصول على الدعم الإلهي (3)
من خلال قراءة أولية لدروس من هدي القرآن الكريم للشهيد القائد، وكذا محاضرات السيد القائد؛ يُمكن أن نستشف أبرز المعالجات القرآنية لأبرز التصرفات، والسياسات الخاطئة، التي ينتج عنها إهمال وإغفال لأشياءٍ مهمةٍ تعد مقدمات للحصول على الدعم الإلهي، التي تساعد على تحقيق التنمية والنهضة الزراعية.
تجنب الحرب من الله:
في ظلِّ الحالة الخطيرة والسيئة التي تعيشها الأُمَّة، يُبيِّن الشهيد القائد/ السيد حسين بدر الدين الحوثي “رضوان الله عليه” أن لا مخرج للأُمَّة من هذه الحالة الخطيرة والسيئة، إلَّا بالعودة الصادقة إلى الله عزَّ وجلّ، والعودة إلى الآيات التي يقول الله فيها: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} (سورة البقرة: من الآية :279).
ويُؤكِّد الشهيد القائد في درس (وعده ووعيده، الدرس الرابع عشر) أن الابتعاد عن الرِبا يُعد شرطاً أساسياً لتجنب الحرب من الله، واصلاح الوضع الداخلي للأُمَّة؛ كي يُعيد الله بركات السماء، والأرض، يقول: “لنعود إلى هذه الآيات يقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} (البقرة: من الآية:279) ماذا يعني هذا؟ عقوبة في الدنيا أليس كذلك؟ بل حرب الله سبحانه وتعالى سيتجه إلى طرف يحارب عباده إذا لم يدعوا الربا، إذا لم يذروا الربا.
{وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا} بعباراتنا: [الوجه ابيض، إشعار، نحيطكم علما بأننا سندخل في حرب معكم]. وحرب الله إذا ما دخل في حرب مع الناس له جنود السماوات والأرض، يحاربك من كل جهة، من حيث تشعر ومن حيث لا تشعر، يحاربك في نفسك، يحاربك في داخل أسرتك، يحاربك في سيارتك، يحاربك في مضختك، يحاربك في مزرعتك، يحاربك داخل مصنعك، يحاربك في كل شيء، ألسنا نرى آثار الربا حتى فيما يتعلق بالتصنيع؟ ألم يهبط مستوى الإنتاج، مستوى الجودة؟ هبطت مستوى الجودة في الإنتاج فأصبح ما في أسواقنا منتجات مما نسميها تقليد، مما كان قد لا يقبله الإنسان قبل زمان ولا بالمجان، غابت المنتجات الجيدة، وتدنت مواصفات المصنوعات في مختلف المجالات، والغلاء أصبح منتشرا في الدنيا كلها، غلاء منتشر، لم يفهموا ما هي أسبابه؟”.
الاستقامة على الطريقة:
يتساءل الشهيد القائد في درس (معرفة الله، نعم الله، الدرس الخامس) بالقول: “لماذا لا تعمل الحكومات على أن تستقيم على الطريقة وأن تعود بشعوبها إلى الاستقامة على الطريقة، والتي منها أن تستقيم وتقف على الاستقامة في مواجهتها لأعداء الله سبحانه وتعالى؟ لا تتمثل استقامة الطريقة في صلاة الاستسقاء، ولا في الدعاء إلى الله، ونحن لا نعمل لدينه شيئاً، لا نعمل في مجال إصلاح عباده ومحاربة المفسدين في أرضه أي عمل.
وفِّروا على شعوبنا القروض، قروض كثيرة تثقل كاهل أي شعب، تؤدي إلى أزمات اقتصادية خانقة، وفروا علينا القروض وحاولوا أن نعود نحن وأنتم إلى الله سبحانه وتعالى، حتى نؤمن لأنفسنا غذاءنا، ونؤمن لأنفسنا مصدر حياتنا وأساس الحياة، وعمود الحياة وهو الماء”.
وفي هذا السياق، يُؤكِّد السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي على ضرورة معالجة مشكلة الرِبا التي تعد من أخطر وأسوأ المشاكل الاقتصادية؛ لأنه يؤدي إلى حربٍ من الله سبحانه وتعالى، ويساهم في عملية الفقر، يقول: “نحتاجُ إلى معالجةِ مشكلةٍ من أخطرِ المشاكل وأسوأ المشاكلِ الاقتصادية، الرِبا، الرِبا وهو فظيعٌ جداً وكارثي ومُدمِرٌ ومن أكبرِ الجرائمِ على الإطلاق، ولا يتصورُ ولا يستوعبُ الكثيرُ من المُرابين خطورةَ هذه المسألة، أنه بحسبِ الشرعِ الإسلامي وعندَ اللهِ سبحانه وتعالى هذا المُرابي مجرمٌ من أسوأ المجرمين ومن أكبرِ المجرمين في هذا العالم، ومن المرتكبين لأكبرِ وأفظعِ الجرائم، جريمةٌ رهيبةٌ جدا، جريمةُ أكلِ الرِبا، الوعيدُ من اللهِ سبحانه وتعالى بجهنّم والخلودِ فيها، والخلود فيها للذين يأكلون الرِبا ويتعاملون بالرِبا وعيدٌ مؤكَدٌ في سورةِ البقرة {وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}(البقرة ـ 275)، وعيدٌ بالحربِ من الله إن لم ينتهِ الناسُ عن الرِبا {فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ}(البقرة ـ من الآية 279)، وعيدٌ شديدٌ ولَعْنٌ.
عن الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) للذين يتعاملون بالرِبا وعيدٌ شديدٌ وإعلانُ حربٍ ومقاطعةٌ تامة، “آكِلُ الرِّبَا وَمَانِعُ الزَّكَاةِ حَرِبَايَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ” في الحديثِ الذي رُوي عن رسولِ الله صلواتُ الله عليه وعلى آلِه في معناه ما يؤكدُ على هذا، وهكذا نجدً تحذيراً ووعيدا شديدا، ونجدُ تأثيراتٍ كبيرةً جداً، لأنَّ الربا يُساهمُ في عمليةِ الفقر، تنمو أرصدةُ وتجارةُ قِلَّةٍ قليلةٍ من الناس، تَكبُرُ تجارتُهم، في المقابلِ ينتشرُ الفقرُ بشكلٍ كبيرٍ جداً في أوساطِ أكبرِ فئةٍ من الناس، تَكبُرُ شريحةُ الفقراء وتتسعُ دائرةُ الفقرِ في أوساطِ المجتمعِ لصالحِ أن تنموَ تجارةُ قِلَّةٍ قليلةٍ من الناس، تَكبُرُ تجارتُهم ويكبرُ مع ذلك البؤسُ والحرمانُ والعناءُ والفقرُ على الباقين وعلى الآخرين”.
مكافحة الجريمة الرِبا:
إن حديث القرآن الكريم عن الرِبا مُخيف جداً يتضمن الوعيد والتهديد الشديدين للذين يتعاملون به في كل زمانٍ ومكان، حتى وصل الترهيب منه إلى أن الله عزَّ وجلّ يُحارب الذين لا يتركون الرِبا، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} (سورة البقرة: من الآية :279).
ويُشير القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي في (المحاضرة الرمضانية الثانية عشرة، 1440هـ) إلى الحاجة لمكافحة هذه الجريمة، وأنه يجب على الدولة أن تتخذ إجراءاتٍ حاسمة وجادة تجاه مؤسساتها التي تتعامل بالرِبا، وكذلك أنه يجب على التجار أن يتقوا الله في هذه المسألة، حيث يقول: “نحتاجُ إلى مكافَحةِ هذه الجريمة، وعلى الدولة أن تتخذَ إجراءاتٍ حاسمةً وجادة، أولاً تجاهَ مؤسساتِها هي التي تتعاملُ بالربا، المؤسساتُ التي هي ضمنَ قطاعاتِ الدولةِ وتتعامل بالربا يجب منعُها نهائياً من التعامل بالربا، ثم كذلك التجار عليهم أن يتقوا الله، وإذا لم يتقوا اللهَ يجبُ أن يعاقبوا أن يُمنعوا رغماً عنهم، من لم يتقِ اللهَ، من لم يَحترِم هذا الدينَ الإسلامي، من لم يَحترِم الشريعةَ الإسلاميةَ الذي ينصُ دستورُ هذا البلدِ على أنها المصدرُ الأساسيُ للتشريع فيجبُ أن يعلّمَهُ الناسُ كيف يَحترِمُ رغماً عنه ذلك، فإذا اتجهنا إلى تقوى اللهِ سبحانه وتعالى فاللهُ هو الرزاق”.