تلويح بنقل المعركة إلى البحر: صنعاء تضيق بـ«اللاسلم»
||صحافة||
يبدو أن الهدنة بين صنعاء و«التحالف» بقيادة السعودية، قد وصلت إلى حافة الانهيار، حيث بات الوضع قابلاً للانفجار في أي لحظة، خصوصاً أن الخلافات حول بنود الاتفاق المبدئي بين الطرفين لم تنحسر، بل اتّسعت إلى درجة احتمال العودة إلى المربع صفر، سواء في ما يتعلق بالملفات الإنسانية مثل تبادل الأسرى ودفع المرتبات وفتح الطرقات، أو في ما يتّصل بالملفات الأخرى الأمنية والسياسية، خلافاً لما كانت عليه المفاوضات قبل أشهر، في أثناء زيارة الوفد السعودي إلى صنعاء وقبلها.
وتعتقد حركة «أنصار الله» أن المراوحة بين حالتَي الحرب والسلام، على قاعدة الهدنة الراهنة الهشّة، فيها مصلحة لـ«التحالف»، خصوصاً وأن الأخير ثبّت قواعد الاشتباك على خارطة ما قبل الهدنة، وتحديداً في ما يتعلق بالمناطق البرية على طول الجبهات في المحافظات اليمنية، إضافة إلى جبهات الحدود مع السعودية. غير أن الواقع مختلف داخل المناطق الخاضعة لسيطرة «التحالف»، الذي ذهب إلى تحصين حضوره العسكري في المواقع المهمة، سواءً من حيث الثروات والمنافذ، أو من حيث الأهمية الجيوسياسية، خصوصاً في الجزر المنتشرة في البحرين العربي والأحمر، والمطلة على خطوط الملاحة.
لكن صنعاء، كما يبدو من خلال تهديداتها الأخيرة التي جاءت على لسان رئيس «المجلس السياسي الأعلى» مهدي المشاط، ووزير الدفاع، محمد العاطفي، والتي أعلنت خلالها تجريب صواريخ بحرية في الجزر اليمنية، وشدّدت على حماية الملاحة اليمنية، حدّدت ملامح المواجهة المرتقبة في البحر لا في البر، كما يتوقع «التحالف»، الأمر الذي قد يقلب الموازين رأساً على عقب ليس فقط في مواجهة السعودية والإمارات، ولكن حتى في وجه القوى الأجنبية الأخرى المتواجدة في محاذاة المياه اليمنية وعلى رأسها القوات الأميركية والإسرائيلية، خصوصاً في البحرين الأحمر والعربي، والمحيط الهندي وخليج عدن. وبالنظر إلى أن هذه المواقع تمسّ مصالح القوى العظمى بشكل مباشر، فإن الحديث عنها سيُلقي بظلاله على مستقبل الحرب في اليمن، نتيجة تلك الحساسية بالضبط؛ إذ إن الدول العظمى نأت بنفسها عن الحرب على افتراض أنها حرب تدور رحاها في البرّ اليمني، بين مكوّنات مدعومة من «التحالف» وصنعاء، ولم تتحوّل منذ اندلاعها إلى حرب ذات بعد أمني إقليمي ودولي.
تعتقد «أنصار الله» أن المراوحة بين الحرب والسلام فيها مصلحة لـ«التحالف»
من هنا، يبدو أن صنعاء رمت كرة النار في الملعب الدولي، في الوقت الذي يسعى فيه «التحالف» وبقية الدول الداعمة له إلى إشعال فتيل المواجهات مجدداً في المناطق البرية من اليمن، بحيث تتحوّل إلى حرب ضارية بالوكالة لن يتحقّق فيها الحسم لصالح أي طرف، فيما الخسائر الهائلة ستكون من نصيب اليمنيين أنفسهم، في الأرواح والعتاد والبنية. ولهذا، شرع «التحالف»، استباقاً لانهيار الهدنة، في ترتيب بيته الداخلي، الأمني والعسكري وحتى السياسي، حيث بات، ومنذ أشهر، مئات الآلاف من عناصر القوات المدعومة منه، يخضعون لغرفة عمليات مشتركة يُديرها «المجلس الرئاسي» إلى جانب السعوديين والإماراتيين، في وقت تكثّف فيه تلك القوات حضورها في المناطق الأكثر أهمية في شبوة وحضرموت، إضافة إلى الساحل الغربي.
غير أن تلك الترتيبات جاءت وفق تقديرات خاطئة لـ«التحالف» الذي ربّما لم يخطر في باله، أن المعركة المقبلة ستكون بينه هو وبين قوات صنعاء، وفي المناطق الحسّاسة من اليمن، حيث القواعد والمواقع والبوارج العسكرية في البحر، الأمر الذي سيؤثّر سلباً على واقع القوات المحلية في المناطق الخاضعة لسيطرته، فضلاً عن واقع عملية التفاوض نفسها، خصوصاً أن صنعاء ستعزّز – والحال هذه – من شروطها، وفق المعادلة الجديدة التي ستعقب الضربة الأولى.
الاخبار اللبنانية