الحمدُ لله على نعمة القائد
موقع أنصار الله || مقالات ||د. حبيب الرميمة
لا شك أن اللهَ سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى أودع في بني الإنسان رغائبَ متعددةً ومتناقضةً، وجعل مهمة الأنبياء وأعلام الهدى والصالحين من عباده توجيه سلوكياتهم بما يسمو بهم إلى مراتب العلو والرفعة التي تتوافق مع ما أراده الله تعالى وَالفضل الذي ميز به بني الإنسان عن غيرهم من المخلوقات، وهنا تكمن الأهميّة الأَسَاسية لهذه الطبقة التي اصطفاها الله لهداية الناس، ودون الولوج أكثر بالحديث نظرياً حول أهميّة الرسل والأنبياء وأعلام الهدى والصالحين بالارتقاء بالجنس البشري، جالت الخواطر السابقة وغيرها في ذهني أثناء متابعتي لكلمة السيد القائد عبد الملك بن بدر الدين الحوثي -حفظه الله- التي ألقاها يوم الجمعة، استقبالاً لشهر رمضان الكريم؛ لذا أحببت من خلال هذا المقال أن نتناول عمليًّا هذه الحقيقة من واقعنا المعاش، كشعب يمني عاش بين واقعين..
جميعُنا يتذكر كيف كنا نستقبلُ الشهرَ الكريمَ من خلال ما يسمى بالخارطة الرمضانية للمسلسلات والمسابقات الرمضانية وَالإعلانات المختلفة على مستوى الإعلام المرئي والمسموع، بحيث تهيئُ نفوسَ الشعب لاستقبال رمضان بمظاهر المتعة والبذخ والراحة، ولعل هذه السياسة كانت مقصودة ومتعمدة، ولا زالت الكثير من الدول تنتهجها إلى اليوم بالتشويق والإثارة لما سيعرض من برامجَ رمضانية ترفيهية وقصصية على قنواتها، ثم يأتي رمضان ونفوسنا قد حدّدت أية البرامج سوف تكون هي المفضلة، فيدخل رمضان وينتهي ومعظمنا في إثارة حول البرنامج الفلاني والقصة الفلانية.
حينها لم نكُ نجدُ “عالماً” أَو “مسؤولاً واحداً يوجه خطاباً للأُمَّـة يرشدهم بخارطة رمضانية من وحي القرآن الكريم، وسنة رسوله صلوات الله عليه وآله بما يهيئُ النفوس لاستقبال هذا الشهر ويزكيها ويرسم لها خارطة قرآنية عملية لا تقتصر على التنظير أَو التعبد النظري بما يحوّل هذا الشهر إلى طقوس معتادة، وإنما خارطة عملية تقوم على تجسيد التعاون والمواساة والتكافل والصبر بين أفراد المجتمع كغاية رئيسية لتلقي الخيرات والرحمات من الله تعالى.
لم نجد “عالماً” واحداً لا سابقًا ولا حاضراً يجسد سنة رسول الله -صلوات الله عليه وعلى آله- وهم من يصمُّون آذاننا بتعريف السنة بأنها (كل ما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم من قولٍ أَو فعلٍ أَو تقريرٍ) ويقتدون وِفْــقاً لذلك بفعلِه، بما كان يفعلُه في آخر جمعة من شعبان من خطبة للناس يحثهم فيها للاستعداد لهذا الشهر الكريم!! وهو ما يجعل من كلامهم حول السنة مصطلحاً سياسياً لا أكثر ولا أقل.
لم نجد “عالماً” واحداً يدعو إلى حملة نظافة للمدن والساحات استقبالاً لشهر رمضان اقتدَاء بسنة رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله لما أُثر عنه أنه كان يأمر المسلمين بتنظيف أفنيتهم وساحاتهم حتى لا تكون متسخة كحي يهود؟ وهذا المأثور -باعتقادنا- يتسق وشواهد كثيرة.. فإذا كانت معظم بل كُـلّ العبادات يشترط لإدائها النظافة (الطهارة)، كقوله تعالى (وثيابك فطهر) فكيف باستقبال شهر نزل فيه القرآن؟
خلاصة القول أن الرؤية القرآنية والنبوية التي يجسدها عَلَمُ الهدى السيد القائد عبدالملك بن بدر الدين الحوثي –حفظه الله- تجعلُنا نعي أهميّةَ القيادة الربانية في حياة الناس وتغيير سلوكيات الشعوب، كواقع مشاهد بين زمنين، يجعلنا نبتهل إلى الله ونحمده على نعمة هذا القائد الذي تكالبت عليه قوى الشر ومع ذلك يدير المعركة بحنكة واقتدار على مختلف الصُّعد -بالاعتماد على الله تعالى- ووِفْــقاً لرؤية قرآنية تؤسس لمدرسة عالمية واقعية هي المخرج الحقيقي من مأزق وويلات الحضارة المادية الغربية التي تعيشها البشرية في الوقت الراهن.