الرسول (ص) في تحرّكه مثَّل القدوة والقيادة في تطبيق المشروع الإلهي

 

 

نزل القرآن إلى الرسول “صلوات الله عليه وعلى آله”، بلَّغه، أوصله، ولم تكن مهمته مقتصرة على إيصاله كبلاغ كلامي إلى الناس، مجرد التلاوة للقرآن، بعدما يكتمل الوحي عليه- مثلًا- بآيات معينة، أو سورة معينة، يذهب إلى الناس ويقرأها عليهم وانتهى الأمر، وأكمل مهمته عند قراءتها عليهم، ويعود إلى منزله، وأكمل مهمته. لا، هو تحرك لهداية الناس بهذا القرآن الكريم، وعمل على إقامة المشروع الإلهي، عمل على إقامة الإسلام، على نشر نوره وإعلاء رايته، وعمل على تطبيقه في واقع الحياة، فمثَّل هو القدوة والقيادة في تطبيق هذا المشروع، وفي التحرك العملي لإقامة هذا المشروع الإلهي، وكان هو المعنيَّ الأول والمؤتمن في تقديم المفاهيم، المفاهيم التي تعبَّر عن هذا الدين، وعن حقيقة هذا الدين، وعن عقائد هذا الدين، وما يتعلق بهذا الدين جملةً وتفصيلًا.

نحن نتحدث عن هذه النقطة الجوهرية؛ لأننا نريد من خلالها الوصول إلى مسألة حسَّاسة للغاية، تمثِّل إشكالية عامة في واقعنا الإسلامي، وعانت منها الأمة على مرِّ التاريخ، وتعاني منها في هذا الزمن بشكل كبير.

بعد وفاة الرسول “صلوات الله عليه وعلى آله”، كيف هي المسألة، هل انتهت مهمة الرسول “صلوات الله عليه وعلى آله”، وبناءً على ذلك- من بعد وفاته- تتحول المسألة إلى مسألة عامة، يعني: لا يبقى في الموقع الديني، والموقع التبليغي، وموقع العمل على حركة الدين وحركة الهداية أي معنيين آخرين، المسألة تُرِكَت من بعد وفاته- مثلًا- إلى الناس بشكلٍ عام، كلٌ يفكر، كلٌ ينظِّر، كلٌ يقدِّم، كلٌ يقوم بهذا الدور الذي كان يقوم به الرسول “صلوات الله عليه وعلى آله”، وتتحول المسألة إلى أن كلًا يدَّعي ويعبِّر، ويقدِّم نفسه كناطق رسمي عن الإسلام، وعن الدين الإسلامي، وعن القرآن الكريم، وعن مفاهيم القرآن، وعن معاني القرآن، هل المسألة على هذا النحو، أم لا؟

الحالة التي مثَّلت إشكالية كبيرة في الساحة الإسلامية: أنَّ كثيرًا من الناس يتحركوا على هذا الأساس، بمعنى: أن المجال مفتوح، من أراد أن ينصِّب نفسه معبِّرًا عن القرآن الكريم وعن الإسلام نصَّب نفسه، مجرد أن يتحرك يحفظ نصوصًا معينة، طرقًا معينة، آليات معينة، وخلاص سابر، كل واحد يتحرك من عنده، فازدحمت الساحة الإسلامية بالكثير من الناس الذين قدَّموا أنفسهم كمعنيين بتقديم المفاهيم الإسلامية والقرآنية، ومعبِّرين عن الإسلام، وداعين للأمة لتتحرك وراءهم؛ فكثرت الرؤى المتباينة والمتناقضة في الساحة الإسلامية، وازدحمت الساحة الإسلامية بالكثير والكثير، أغلبية منهم أدعياء، وكثير منهم- أيضًا- يمثِّلون حالة اختراق في الساحة الإسلامية، حالة اختراق من أعدائها، فهل القرآن وهل الإسلام هو على هذا النحو، تركه الله “جلَّ شأنه” هكذا في حالة عبثية، كلٌ يأخذ منه، وكلٌ ينصِّب نفسه فيه، وكل يقدِّم نفسه له وعليه، أم المسألة ليست كذلك؟

القرآن الكريم هو كتاب الله الحكيم والملك، الله هو الملك، والقرآن الكريم هو امتداد لملك الله “سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى”، وإدارته لشؤون عباده: يهديهم، يُشرِّع لهم، يرسم لهم مسؤولياتهم في هذه الحياة، يحدد لهم الحلال والحرام، يبيِّن لهم دورهم في هذه الحياة، واجباتهم في هذه الحياة، الممنوع والمسموح في هذه الحياة، وبناءً على ذلك يجازيهم، جزء من عقوباته تأتي في هذه الحياة، الجزء الأكبر والنهائي والأبدي والمهم جدًّا الذي يوفَّون به أجرهم وحسابهم في الآخرة… امتداد لملك الله “سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى”، هو امتداد لحكمته، وهل من الحكمة أن يترك الأمور هكذا على هذا النحو؟.

الله أكبر
الموت لأمريكا
الموت لإسرائيل
اللعنة على اليهود
النصر للإسلام

 

السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي

المحاضرة الرمضانية الثانية عشرة: 14 رمضان 1439هـ 29 مايو 2018م

قد يعجبك ايضا