يوم الولاية.. إحياء للبلاغ التاريخي العظيم وترسيخ لمبدأ الولاية في الإسلام
يعد عيد الغدير مناسبة عظيمة تجدد فيها الأمة الإسلامية ولاءها لله سبحانه وتعالى، ولرسوله صلى الله عليه وآله وسلم، وللإمام علي عليه السلام، ولأعلام الهدى من أهل بيت النبوة. هذه المناسبة تحمل دلالات عميقة تؤكد على أهمية مبدأ الولاية في الإسلام.
أهمية إحياء عيد الغدير
إحياء عيد الغدير يحمل معانٍ متعددة:
أولاً/ شكر الله سبحانه وتعالى:
– عيد الغدير مرتبط بكمال الدين وتمام النعمة، كما جاء في قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}. الاحتفال به يعد تعبيرًا عن الشكر لله سبحانه وتعالى، وأيٌّ نعمةٍ أعظم من نعمة الله “سبحانه وتعالى” بالدين، وبكماله، وبتمام النعمة به، فهي نعمةٌ عظيمة، فواحدٌ مما نعبِّر به عن شكرنا لله “سبحانه وتعالى”: أن نحتفل، وأن نعترف لله “سبحانه وتعالى” بنعمته، وعظيم فضله، وأن نتوجه إليه بالشكر.
ثانياً/ شهادة لكمال الدين:
– الاحتفال بعيد الغدير هو شهادة لله ولرسوله بكمال الدين وإقامة الحجة.
ثالثاً/ البلاغ التاريخي العظيم:
– إحياء المناسبة إعادة إحياء للبلاغ الذي أمر الله رسوله بإبلاغه: {وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ}، وتقديم الشهادة على أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بلغ رسالته كاملة.
رابعاً/ التذكير المستمر لأنفسنا ولأجيالنا بهذا البلاغ التاريخي
عندما نحيي هذه المناسبة نحن نذكّر أنفسنا ونذكّر الأمة من حولنا بذلك البلاغ، حتى لا تندثر ذكراه مع مرور السنين، فإحياء هذه المناسبة هو تذكيرٌ مستمرٌ، بذلك البلاغ ليبقى صداه وليصل محتواه إلى الأمة عبر الأجيال؛ لأنه موضوعٌ يعنيها في كل جيلٍ وعصر.
خامسا/ الحفظ للنص والبلاغ النبوي العظيم
لذا فإنّ إحياء هذه الذكرى للحفاظ على هذا البلاغ، وإعلانه في أوساط الأمة جيلاً بعد جيل، فهو حفظ لبلاغ حرص النبي “صلوات الله عليه وعلى آله” على أن يصل إلى كل الأمة، ويؤكد هذا الحرص ما قاله للحاضرين-وهم عشرات الألوف-
عندما قال لهم: ((ألا هل بلغت؟))، وعندما أقروا له بالبلاغ، قال: ((اللهم فاشهد))، ثم أكد على الحاضرين بقوله لهم: ((فليبلغ الشاهد منكم الغائب)).
سادساً/ الترسيخ لمبدأٍ عظيم، هو مبدأ الولاية
مبدأ الولاية هو الذي يحمي الأمة من الاختراق من جانب أعدائها، ويحصنها من داخلها من تأثير المنافقين فيها.
الدلالات المهمة للبلاغ وأثره في واقع الأمة
- ضمانة لاستقامة مسيرة الدين.
- الحفاظ على الأمة من الاختراق.
- إجراءات وترتيبات تؤكد أهمية الموضوع في مستقبل الأمة.
- الحفاظ على الدين نقيًا في امتداده الأصيل.
- تقديم موضوع الولاية بشكل مهم جدًا.
- تحديد الولاية لأمير المؤمنين علي عليه السلام.
- تقديم الضمانة بالنصر لمن يتولى الإمام علي عليه السلام.
- التأكيد على أن ولاية الإمام علي امتداد لولاية رسول الله.
الدلالات المهمة للبلاغ وأثره في واقع الأمة
مبدأ الولاية في الإسلام له دلالات عدة منها:
- ضمانة لاستقامة مسيرة الدين، وحيويته وفاعليته.
- الحفاظ على الأمة من الاختراق.
- كانت كل الإجراءات والترتيبات تدل على الأهمية البالغة للموضوع في مستقبل الأمة.
- الحفاظ على الدين نقيا في امتداده الأصيل.
- تقديم موضوع الولاية بشكل مهم جدًّا، {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ}[المائدة: 54]
- تحديد الولاية لأمير المؤمنين علي “عَلَيهِ السَّلَامُ” من خلال الأوصاف المتعلقة {وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ}.
- تقديم الضمانة بالنصر لمن يتولى الإمام عليا : {وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ}.
- التأكيد أن ولاية أمير المؤمنين “عَلَيهِ السَّلَامُ”، هي امتداد لولاية رسول ﷲ “صَلَوَاتُ ﷲ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ”، ((فمن كنت مولاه فهذا عليٌّ مولاه)).
- يتضح من النص النبوي ومن الآية المباركة أن الذي يصلك بولاية رسول ﷲ “صَلَوَاتُ ﷲ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ”، هو أمير المؤمنين “عَلَيهِ السَّلَامُ”، ولايته امتدادٌ لولاية رسول الله، وتحقق لك التولي الصحيح لرسول ﷲ “صَلَوَاتُ ﷲ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ”.
مفاهيم قرآنية للولاية
من منطلق قوله تعالى {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ}
يتضح لنا في النص أن الولاية على ثلاثة أقسام هي كالتالي:
- الولاية لله سبحانه وتعالى
الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، هو الولي لعباده، ومدبر شؤون هذا الكون، والمالك له، وولايته على قسمين هما
– الولاية التكوينية: وهي محل اعتراف عند الناس حتى عند الكافرين، الكافرون يعترفون بها،{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ}.
-الولاية التشريعية: وتشمل ولاية الهداية، ولاية التشريع، ولاية الأمر والنهي: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} وهذه الولاية يترتب عليها رعايته بالتأييد، والنصر، والرحمة، وغير ذلك مما وعد به عباده المؤمنين، فهذه الولاية هي التي يَكفُر بها الكافرون، يتهرب منها الكافرون، ويرتبطون بدلاً عنها بولاية الطاغوت، كما هو حال المنافقين أيضًا.
وقد يعترف المنافقون إلى حد معين بالولاية التشريعية، ثم يتجهون إلى التحريف لها، وإلى التزييف لمفاهيمها.
فكيف نتولى الله؟
كيف يتحقق لنا أننا في واقعنا نتولى الله؟
لا يتحقق ولاؤنا لله، ولا يتأتى ولاؤنا له سبحانه وتعالى إلا بالتالي:
1-الإيمان بالله، فلا نشرك به أحدا، وتوحيده، ومعرفته حق المعرفة، مع كامل التسليم المطلق لربوبيته تبارك وتعالى.
2-الثقة بالله، والإيمان بصدق وعده ووعيده، في الدنيا والآخرة.
3-التوكل عليه، والتحرك الجاد والعملي على أساس التوكل عليه.
4-الالتزام التام بكل تعاليمه، ووجوب طاعته فيما أمرنا به، وجوب الترك لما نهى عنه.
5-التسليم المطلق والعملي لمنهجه سبحانه وتعالى، والإذعان لأوامره، فلا نستمد منهج الشرق ولا نأخذ بمنهج الغرب، بل يجب أن تكون منهجيتنا هي المنهجية القرآنية.
6-المحبة الصادقة والمخلصة لله تعالى، ولا ينعكس ذلك الحب لله إلا بتولينا لأوليائه، وعدائنا لأعدائه.
- الولاية لرسول الله (صلوات الله عليه وآله)
ولاية الرسول ﷲ “صَلَوَاتُ ﷲ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ” والتولي له، هي الولاية التي تصلنا بولاية ﷲ تعالى لعباده المؤمنين، ولاية الهداية، والتشريع، والأمر، والنهي، والرعاية، والنصر، والتأييد، الولاية التي نبني عليها مسيرة حياتنا.
ومن هذا المنطلق فإن صلتنا بالله، تتمثل في ركيزتين أساسيتين هما:
أولاً/ كتاب الله (القرآن الكريم)
ثانياً/ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
فولاية رسول الله هي امتداد لولاية الله، ولا تختلف في فحواها عن ولاية الله، فهي ولاية هداية وقيادة، يقود البشرية ويهديها على أساس ذلك الهدى، قال -صلوات الله عليه وعلى آله- 🙂 :(وَأَنَا مَولَى المُؤمِنِين، أَولَى بِهِم مِن أَنفُسِهِم، فَمَن كُنتُ مَولَاه، فَهَذَا عَلِيٌّ)، وهو إلى جانبه، يمسك بيده، موجودٌ بشخصه واسمه، ويقدِّمه أمام الجميع (فَهَذَا عَلِيٌّ مَولَاه).
- الولاية لعباد الله المؤمنين
وهي ولاية لها امتدادها بولاية الله وولاية رسوله، في التولي للإمام عليٍّ عليه السلام، وللأعلام الهداة المهتدين من بعده من آل بيت النبوة والعترة الشريفة، في إطار التولي لهم والاتباع لهم، والمناصرة لهم.
لذلك ندرك أهمية الولاية؛ لأننا نتحدث أساساً عن هذا المبدأ المهم، نتحدث عن ولاية الله، وعن كل ما هو امتداد لولاية الله سبحانه وتعالى.
هذا المبدأ متصل أولاً بولاية الله سبحانه وتعالى، ثم بولاية رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله)، ثم بولاية الإمام علي عليه السلام، لأن البعض ممن يعميهم الحقد والتعصب الطائفي والمذهبي لا ينظر إلى المسألة من بداياتها، ينظر فقط إلى مسألة الإمام علي (عليه السلام) ثم يكون له موقف سلبي تجاه مسألة ولاية الإمام علي (عليه السلام)، لأنه لم يلتفت إلى المسألة من أساسها ولا من بداياتها.
البلاغ النبوي ارتباط بمصادر الهداية
رسول الله –صلوات الله عليه وعلى آله– عندما بلَّغ هذا البلاغ الذي يقول الله عنه [وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ]، أتى ليقول للجميع، ولما الأمة معنيةٌ به عبر الأجيال إلى قيام الساعة، ولما أكَّده تأكيدات متكررة من خلال قوله):أَلَا هَل بَلَّغت، اللهم فَاشهَد(، من خلال قوله: (فَليُبَلِّغ الشَّاهدُ مِنكُم الغَائِبَ)، ليبقى هذا البلاغ للأمة جيلًا بعد جيل؛ لأنه يحفظ للأمة أهم مسألة تعتبر مصداقًا لقوله:[وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ]، أهم مسألة يعبِّر عنها هذا المضمون القرآني، الارتباط بمصادر الهداية.
أهم ثمار مبدأ الولاية
مبدأ الولاية يحمي الأمة من الاختراق
يجب أن نفهم أن هذا المبدأ العظيم مبدأ الولاية بمفهوم حديث الغدير، وثقافة يوم الغدير، ومناسبة الغدير، هو يضمن لنا النظرة إلى الإسلام في امتداده الأصيل والسليم والنقي الذي يبني الأمة، ويحمي الأمة من الاختراق، ويحمي الأمة من كل أولئك الطامعين والمضلين، الذين قدموا لهم رؤىً بديلة تبرر لهم السيطرة على هذه الأمة، وإدارة شؤون الأمة من موقع البغي والضلال، من قبل الجبارين والطغاة والمفسدين والظالمين والجائرين والمستكبرين، الذين ليسوا أمناء على الأمة في أن يديروا شؤونها.
مبدأ الولاية هداية للإنسان وصلاح للبشرية
والولاية بمفهومها الإسلامي الصحيح لأعلام الهدى الذين يمثلون امتداداً أصيلاً للرسالة السماوية، الذين اختصهم الله بالسير بالأمة على أساس منهجها الإسلامي العظيم في كل مجالاته: التربوية، التثقيفية…الخ، والتي تبني الإنسان أولاً هو حتى على المستوى التربوي، تهدي هذا الإنسان، تزكي هذا الإنسان، تربي هذا الإنسان، تصلح هذا الإنسان، تسمو بهذا الإنسان ليؤدي دوره العظيم في هذه الحياة.
وينعكس ذلك البناء للإنسان على مستوى المجتمع البشري، لأن الإسلام دينٌ عظيم إذا تمسكت به الأمة كما هو في أصالته، في نقائه، في مبادئه الحقيقية، في مشروعه العظيم، في أهدافه الكبيرة؛ فسوف تصلح البشرية وتصلح الحياة، ويصلح واقع الحياة، بما يحقق للناس الخير والعدل، ويسمو بالبشر في أخلاقهم، وسلوكياتهم وأعمالهم.
مبدأ الولاية ضبط للمسار واستقلال عن كل تبعية للطغاة
نحن في هذه المرحلة بأمسِّ الحاجة إلى الإيمان بهذا المبدأ العظيم، الذي يضبط مسار الأمة، الذي يحميها من الاختراق، الذي يجعل من انتمائها للإسلام ارتباطاً، وليس فقط مجرد انتماء شكلي روتيني اعتيادي، يقتصر على التزامات محدودة، ضمن طقوس معينة، ضمن عبادات معينة، ضمن أخلاقيات معينة، ولكن يحوّل انتماءنا للإسلام إلى علاقة وارتباط منهجي للحياة بكلها؛ حتى نعرف أننا أمة مستقلة، نعيش حالة الاستقلال التام الذي يفصلنا عن التبعية بكل أشكالها لأعدائنا من اليهود وغير اليهود، لأعدائنا من المستكبرين في هذه الأرض، من الطاغوت المنحرف عن منهج الله -سبحانه وتعالى- من كل الظالمين والمضلين والمفسدين في الأرض، نرى في الإسلام مشروعاً للحياة نسير عليه، ننعم به بكل ما تضمنه من توجيهات إلهية، نحظى فيه بالرعاية الإلهية.
مبدأ الولاية وعد إلهي بالنصر لولي الأمر
من يتأمل في الآية المباركة التي قال الله فيها -سبحانه وتعالى-: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ}؛ فإنه يرى بوضوح أن القرآن الكريم، بعد أن ربط ولاية الله سبحانه وتعالى بولاية الرسول صلوات الله عليه وآله، يُقَدِّمُ لنا الإمامَ علياً -عليه السلام- بمعايير إيمانية ومواصفات إيمانية، بعناوين إيمانية: {الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55) وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ}، هكذا تحظى الأمة من خلال هذا الارتباط الذي يصلها بمنهج الله كما هو، بتعليمات الله كما هي، بمنهج الإسلام بكل أثره في الإنسان: في نفسية هذا الإنسان، في أخلاق وسلوك هذا الإنسان، وفي وعي هذا الإنسان.
وبالتالي نحظى برعاية من الله -سبحانه وتعالى-نحظى بالنصر، بالمعونة، بالتأييد في مواجهة الآخرين الذين يسعون إلى الاستحواذ والتغلب علينا، من كل كيانات الطاغوت المستكبرة في الأرض، التي لا ترضى لنا بالاستقلال، هذا الاستقلال الذي نبنيه على أساسٍ من هويتنا، من انتمائنا الحقيقي الواعي الصحيح للإسلام.
وهذا الأمر نلمسه بفضل الله ورعايته وتأييده في مواجهة قوى الطغيان أمريكا وإسرائيل ومن يقف معهم من دول الغرب الكافر، ومن يساندهم من المنافقين والعملاء، في عملية “طوفان الأقصى” وما يترافق معها من مساندة من قبل حركات المقاومة الإسلامية في اليمن ولبنان وإيران والعراق.
الولاية انتماء واعٍ وبنَّاء
فالولاية تحول الانتماء للإسلام، وتجعله انتماءً واعياً، انتماءً إلى المشروع وليس فقط انتماءً إلى الطقوس، وليس فقط انتماءً شكلياً روتينياً، بل انتماءً بنّاءً صحيحاً، انتماءً عملياً، انتماءً وارتباطاً بمصادر الهداية التي تتحرك بنا في هذا المشروع العظيم في واقع الحياة ليؤتي أثره وثمرته في واقع الحياة.
مبدأ الولاية يمنع من الاستغلال للعناوين الدينية
نظرا لأن هذا المبدأ مبدأٌ عظيم ومهم، وأن الرؤية الناقصة –كما الرؤية المحرفة أيضاً- تفتح المجال لكل من هب ودب أن يأتي حتى باسم الإسلام، وهناك العديد من الشواهد الماثلة أمامنا في التاريخ: سواءً في العصر الأموي، أو العصر العباسي… أو غيره، إضافة إلى الشواهد الماثلة أمامنا في واقع الحياة من زعماء، من حكام، من جائرين، من طغاة، من مضلين يقدمون أنفسهم باسم الإسلام، يتحركون في الساحة بعناوين إسلامية، ثم نجدهم على ارتباطٍ تام بأعداء الأمة من المستكبرين، ارتباط وثيق بأمريكا، ارتباط التبعية، ارتباط الولاء لأمريكا، ارتباط العلاقة بأمريكا التي يتحركون من خلالها في واقع الأمة كأدوات لأمريكا، ثم تأتي العناوين الدينية التي يسعون إلى توظيفها واستغلالها في خدمة أمريكا.
ومن خلال مبدأ الولاية نجد ما يمكن أن يحد من هذا بكله، ويمنع هذا الاستغلال في التوظيف للعناوين الدينية في داخل الأمة الإسلامية، من خلال مبدأ الولاية الذي يفصلنا عن كل أولئك المستكبرين، وعن كل أولئك الطغاة والجائرين والمفسدين والمضلين.
مبدأ الولاية حلقة الوصل بمصادر الهداية
هذا المبدأ العظيم هو الذي يربطنا بالمسار الصحيح الذي تحكمه المعايير الإيمانية، والذي يصلنا بالإمام عليٍ –عليه السلام– بآل الرسول –صلوات عليه وعلى آله– برسول الله محمد –صلوات الله عليه وعلى آله– يصلنا بمصادر الهداية الموثوقة، المأمونة والمؤتمنة حتى لا نضل، مع القرآن الكريم منهجاً، مع أولئك كرموز وهداة وقادة وقدوة نعرف الحق، فنتحرك في واقع هذه الحياة ونحن في المنهج الإلهي الذي يفصلنا عن كل المستكبرين والمضلين والمفسدين.
الولاية حصن منيع من الانفلات في الولاءات والفوضى الثقافية
في هذه المرحلة أخطر ما تعاني منه الأمة، وأكبر التحديات التي تواجه هذه الأمة: هي سعي المستكبرين من أعداء الأمة، كيانات الطاغوت المتمثلة بأمريكا وإسرائيل، ومن يدور في فلك أمريكا وإسرائيل للسيطرة علينا كأمةٍ مسلمة، للتحكم بنا في كل شؤون حياتنا: السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية، للتأثير علينا إعلامياً وثقافياً وتعليمياً، للتحكم بالمناهج، للتحكم بما يؤثر على الرأي العام بالتلقين الثقافي والفكري، حتى في الخطاب الديني.
ما يحمينا من كل ذلك، ما يفصلنا عنهم، ما يغلق كل النوافذ بوجوههم هو هذا المبدأ العظيم؛ لأننا نخرج من حالة الفوضى، الفوضى الثقافية، الانفلات في الولاءات، الارتباطات غير المنضبطة.
ختاماً
“نجد أهمية الولاية الإلهية؛ التي تحمينا من ولاية الطاغوت، والتي تشكل ضمانةً لنا، وإنقاذًا لنا، حتى لا يستعبدنا الطاغوت وأدواته”.
وما نراه اليوم من تخاذل وصمت تجاه المجازر الصهيونية بحق أبناء الشعب الفلسطيني، في الضفة والقطاع، إلا نتيجة للانحراف عن مبدأ الولاية لأولياء الله، والذي كان البديل عن هذا المبدأ هو التولي لليهود والتطبيع معهم، بل ووصل الأمر بهم إلى مساندة اليهود والدفاع عنهم، فها هي السعودية والأردن ومصر تعترض الصواريخ الموجهة لضرب العدو الصهيوني، وها هي تركيا والإمارات تمدان العدو بما يحتاجه من المواد الغذائية والنفط والغاز، في الوقت الذي يموت فيه الفلسطيني جوعا وعطشا.
ومن هنا نؤكد أننا ((لن نكون من حزب ﷲ في مقابل من؟ في مقابل حزب الشيطان؛ إلا بالتمسك بولاية ﷲ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، بهذه الصلة التي نرتبط فيها بهداية ﷲ، بتعليمات ﷲ، بتوجيهات ﷲ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”)).
اللهم إنا نتولاك، ونتولى رسولك، ونتولى الإمام عليًّا، ونتولى أعلام الهدى أولياءك، ونبرأ إليك من كل أعدائك، من المضلين، والكافرين، والفاسقين، والمنافقين، اللهم تقبل منا، إنك أنت السميع العليم.