باب المندب.. المعـــركــةُ الخاســرةُ للعدوان
موقع أنصار الله || صحافة محلية ||رشيد الحداد / صدى المسيرة
بعدَ أن فشل عسكرياً واقْتصَادياً عمد العدوانُ السعودي الأَمريكي مؤخراً على نقل المعركة باب المندب، ليتهدد حركة التجارة العالمية التي تمر من مضيق باب المندب الاستراتيجي الذي يعد رابع أكبر الممرات المائية في العالم، محاولاً ابتزاز العالم أجمع الذي يرى أن أَي أَعْمَال عسكرية في باب المندي سيكون لها تداعيات وتبعات اقْتصَادية كبيرة على دول العالم كافة.
محاولاتُ العدوان لجر باب المندب إلى أتون الصراع لم تكن الأوْلى والأخيرة، بل سبقتها محاولات سابقة آل مصيرها للفشل والخسران، حيث تحوّلت بوارجه وسفنه الحربية المعادية إلى رماد، واستطاع الجيش واللجان الشعبية تأمين الممر المائي الاستراتيجي، كما بعث رئيسُ اللجنة الثورية العليا محمد علي الحوثي أَوَاخر العام الماضي رسالة تطمين للعالم أكّد فيها التزام القوات اليمنية احترامَ كافة مصالح الدول في باب المندي وحماية الملاحة الدولية في المضيق الاستراتيجي الهام.
وفي مقابل النوايا الشريرة للعدوان السعودي في تفجير الأَوْضَـاع في باب المندب، حرص الجيش واللجان الشعبية منذ بدْء العدوان على الحفاظ على المضيق آمناً ومفتوحاً؛ إحساساً منهم بالمسؤولية، كما أجهضوا عدداً من المحاولات الابتزازية التي حاول من خلالها العدوان السعودي الأَمريكي السيطرة على المندب ووضع المضيق تحت الوصاية الدولية، ورغم محاولات التصعيد العسكري في باب المندب بالتزامن مع ما يجري من مواجهات في منطقة كهبوب المحاذية لسواحل المخاء، إلّا أن الناطق الرسمي للقوات المسلحة اليمنية العميد الركن شرف لقمان أكّد أن جميع الأَعْمَال العسكرية التي يقوم بها الجيش واللجان الشعبية في مواجهة التحالف أَعْمَال دفاعية بحتة، وجدد تَأكيده بأن اليمن حريصة على سلامة الملاحة الدولية وسلامة الممرات المائية من منطلقات قانونية وأخلاقية والتزام تام، وَأَكّد أن الجيش اليمني أبقى المناطق البحرية العالمية آمنة رغم كُلّ الخروقات التي تقوم بها دول العدوان في ذات المنطقة ولكن دول العدوان اليوم تحاول إثارة الفزع والتحريض على اليمنيين، وبيّن أن الهدف الواضح للدول التي تفتعل معركة بين اليمن وبين السفن المارة قبالة مياهها الإقْليْمية هو إثارة الذعر العالمي في هذه الممرات المائية التي ترعاها اليمن بالتعاون مع كُلّ دول العالم.. مؤكّداً الالتزام باحترام مصالح العالم في هذه المناطق، وإدانة استغلالها من دول العدوان عبر توظيف النشاط التجاري والمدني ضمن العمليات العدوانية.
وجدد العميد لقمان تَأكيدَ قوات الجيش والأمن، أن أَيّة قطعة بحرية عسكرية تابعة لأيٍّ من دول العدوان قبالة الحدود البحرية هي هدف مشروع وفقاً لكل القوانين والأعراف الحربية والمدنية.
وعبّر عن أمله في أن يضغط العالم على دول العدوان بعدم الزج بالممرات المائية في حرب غير مشروعة ضد اليمن واليمنيين، سواء بالعمليات الحربية أَوْ الحصار الاقْتصَادي أَوْ عبر هذا الخلط الذي يسعى لحماية آليات العدوان بالأكاذيب عن هويات سفنه وبارجاته واستخدام النشاط التجاري درعا لحماية القطع الحربية التابعة له.
تَأكيدات وتطمينات وتحذيرات الجيش اليمني التي جاءت على لسان الناطق الرسمي كانت واضحة وحملت أكثر من رسالة لأية محاولات أَوْ أَعْمَال عسكرية معادية لليمن، وجاءت رداً على محاولات توظيف استهداف الجيش واللجان الشعبية للسفينة العسكرية الإمَارَاتية من طراز سويفت بعد قيامها بأَعْمَال عسكرية معادية في الشواطئ اليمنية، وهو ما أكدته القوات المسلحة الإمَارَاتية غبر وكالة الأنباء الرسمية لدولة الإمَارَات المعادية، والتي أكدت تعرض السفينة الحربية التي قالت إنها مستأجرة من القوات البحرية الأَمريكية للهجوم، إلّا أن تحالف العدوان قال السبت إن السفينةَ التي استهدفت مدينة وكانت في مهمة إنْسَانية وفي طريقها إلى عدن، في تناقض واضح لما نقلته وكالة أو إم الرسمية التي اعترفت باستهداف الجيش اليمني لسفينة حربية إمَارَاتية.
محاولاتُ تدويل العدوان من قبل آل سُعُـوْد بات مؤامرة مكشوفة لاستهداف باب المندب، إلّا أن تلك المغامرة لن يتضرر منها اليمن المحاصر من قبل عدوان بربري غاشم منذ عام وتسعة أشهر بل التجارة العالمية ككل، فمع استمرار التحشيد العسكري من قبل العدوان في المياه الدولية استعداداً لعملية عسكرية بحرية معادية تتصاعد المخاوف من توقف حركة الملاحة البحرية في باب المندب في حال حدوث مواجهات عسكرية، وهذا ما سيهدد التجارة العالمية.
ويعدّ مضيق باب المندب الذي تسيطر اليمن عليه من جانب، وتسيطر عليه إريتريا وجيبوتى من الجانب الآخر، شرياناً رئيسياً للحركة الاقْتصَادية والتجارية العالمية، وهو رابع أكبر الممرات المائية في العالم (بعد مضيق هرمز ومضيق ملقا ومضيق السويس)، واكتسب المضيق أهميته منذ عام 1869 بعد افتتاح قناة السويس، فتحول حينذاك إلى أحد أهم ممرات النقل والمعابر على الطريق البحرية بين بلدان أوروبية والبحر المتوسط، وعالم المحيط الهندي وشرقي أفريقيا.
ويتمتع بابُ المندب بأَهميّة استراتيجية باعتباره ممراً مائياً يصل البحر الأَحْمَر بخليج عدن وبحر العرب، ويفصل بين قارة آسيا وأفريقيا، وتحديداً بين اليمن وجيبوتي، ويتميز الممر بأن عرض قناة عبور السفن بين جزيرة “بريم” والبر الإفريقي يبلغ 16 كم وعمقها 100-200م، وهذا ما يسمح للسفن وناقلات النفط بعبور الممر بيسر على محورين متعاكسين، وتتخذ جميع البضائع القادمة من الشرق باتجاه أوروبا مضيق باب المندب مساراً للعبور. كما أن السفن التي تعبر قناة السويس تمر عبر مضيق باب المندب، وللمضيق أَهميّة استراتيجية كبيرة للدول المصدرة للنفط والبضائع ولدول شرق آسيا إذ إن البترول الخليجي وبضائع شرق آسيا تتدفق من خلاله، كما تزيد أهميته بسبب ارتباطه بمضيق هرمز الذي يفصل بين مياه الخليج وخليج عمان وبحر العرب.
المضيق الذي يعد رابع أكبر الممرات من حيث عدد براميل النفط التي تمر به يومياً. حيث تمر من خلال المضيق قرابة 3.8 ملايين برميل نفط في اليوم الواحد بما يشكل 6.7% من تجارة النفط العالمية، ووفق التقارير فَإن أكثر من 21 ألف سفينة محملة بشتى أنواع البضائع تمثل 7% من الملاحة العالمية، وما يضاعف أَهميّة المضيق مرور نحو 98% من البضائع والسفن الداخلة عبر قناة السويس تمر من خلال المضيق، وهو ما يعني أن أَية محاولة لتفجير الأَوْضَـاع في باب المندب سيعطل الملاحة البحرية في قناة السويس، بالإضَافَة إلى الآثار المباشرة لتلك المغامرة التي يسعى إليها العدوان على صادرات النفط الخليجية والمنتجات الواردة من دول شرق آسيا والتي تمر جميعها من قناة السويس، ولذلك أَية محاولات لنقل المعركة العسكرية إلى بأب المندب فَإن دول الخليج ذاتها ستتكبد خسائر فادحة سيما وأن إغْلَاق المضييق سيكون له تداعيات كارثية على تجارة النفط العالمية، ووفق التقارير فَإن إغْلَاق بأب المندب سيؤدي لارتفاع النفط بـ5 دولارات لكل برميل، وسيترتب على احتمالية في حال تفجير الأَوْضَـاع العسكرية فيه إغْلَاق المضيق إعاقة وصول ناقلات النفط من الخليج إلى قناة السويس، وارتفاع في تكاليف الشحن بإضَافَة 6 آلاف ميل بحري زيادة بالنسبة للنقالات التي ستعبره، وتوقعات بوصول التكاليف الإضافية للنقل لأكثر من 45 مليون دولار يوميًا.
كما يرى خُبراءُ في الملاحة الدولية أن أَيَّ خلل أَوْ تأخير في حركة مرور السفن المزدحمة نسبياً (سفينة كُلّ 25 دقيقة) يسبب زحمة مرور في مضييق باب المندب وتراكم للسفن، الأمر الذي له آثار وتبعات اقْتصَادية كبيرة على دول العالم كافة، محاولات العدوان للجوء إلى تفجير الأَوْضَـاع العسكرية في البحر الأَحْمَر في الفترة الأخيرة يدل على فشل كافة خيارات العدو وحلفائه ومرتزقته العسكرية في معركته البرية والجوية.