جهوزية عالية للتصدي للمعتدين إن عادوا للتصعيد
في ذكرى الشهيد..
السيد القائد: جاهزون للتصدي للأعداء إذا عادوا للتصعيد، وسنتحرك بما هو أكبر من كل المراحل الماضية
مدرسة الشهداء تعالج كل حالات اليأس والعجز وتحيي الروح الإيمانية الجهادية وتحيي العزم والأمل
حريتنا أمر لا يدخل في مزاد المساومة، وقاموسنا السياسي مبني على القيم والمبادئ والثقافة القرآنية
في الذكرى السنوية للشهيد، كان لقائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي الكلمة الفصل فيما يحدث على ساحتنا الداخلية وما تعانيه الأمة بشكل عام، فقد ألقى السيد كلمة لخص تحدث فيها عن أهمية المناسبة في ترسيخ المفهوم الصحيح للشهادة، ودورها في إحياء الأمة ، وكان حديث القائد مفحماً للمثبِّطين، والمتخاذلين، واليائسين، والمنهزمين، ومن يحاولون أن يقدِّموا صورةً مغلوطة عن الشهادة، ومفهوم الشهادة، وأن يصوِّروها وكأنها خسارة، وأن يحاولوا أن يفتُّوا من عضد الأمة، وأن يوهنوا من عزمها، وأن يضعفوا من قوة موقفها، وقوة إرادتها.
واستذكر السيد شهدائنا العظماء وتضحياتهم وجهودهم، وعطاء الشهداء، وجهود الشهداء، وأثر تضحياتهم فيما أسهموا به لصالح الأمة، ولصالح شعبنا العزيز، من حريةٍ، وكرامةٍ، وعزةٍ، وانتصارات، وفيما دفع الله به من خلال تضحياتهم وجهودهم عن الأمة، وعن الشعب، من ذلٍ، وهوانٍ، واستعبادٍ، وقهرٍ، وما كان سيترتب على سيطرة الأعداء وتغلب الأعداء من مظالم رهيبة وقهر.
كما استذكر السيد قدسية الموقف، وحجم المسؤولية في الوفاء لتضحيات الشهداء، ولأهدافهم ، والثبات على الموقف الحق، ومواصلة السير في الدرب، كما ذكر الجميع بالمسؤولية تجاه أسر الشهداء، والإشادة بهم، وبعطائهم، واحتسابهم، وصبرهم، وثباتهم، ومواقفهم المشرِّفة.
مشكاتنا مع العدوان
وفيما يتعلق بالعدوان الأمريكي السعودي الإماراتي فأوضح السيد أن هناك مشكلتان أساسيتان، على أساسهما يحارب تحالف العدوان شعبنا العزيز:
- المشكلة الأولى: هو التوجه التحرري لأحرار هذا البلد، الذين يريدون لشعبهم، ولبلدهم، ولوطنهم، أن يكون بلداً حراً، عزيزاً، كريماً، مستقلاً، على أساسٍ من هويته الإيمانية وانتمائه للإسلام؛ لأن الأمريكي والإسرائيلي والبريطاني، والكثير من الدول الأوروبية، وأدواتهم الإقليمية، السعودي والإمارات، كلهم يريدون اليمن أن يكون محتلاً، خاضعاً بالمطلق لهم، مستسلماً لهم، خانعاً لهم، وأن تكون مصلحتهم هي المأخوذة بعين الاعتبار قبل كل شيء في هذا البلد:
السيد أكد أن هؤلاء الأعداء يريدون أن يجعلوا لهم القواعد العسكرية في أي مكان من هذا البلد، في أي مكانٍ استراتيجي في هذا البلد، في الجزر، في المحافظات المهمة، وأن يسيطروا على منشآته الحيوية سيطرةً مباشرة.
وأن يكون الوضع السياسي في هذا البلد خاضعاً لهم، إلى درجة أن يكونوا هم من يختار من هو بمستوى رئيس، أو بصفة رئيس، أو بصفة رئيس وزراء، أو بصفة وزير، إلى مستوى مدير، و أن يكون إليهم هم أولاً حق الاختيار، وأن يختاروا هم: [هذا يكون وزير، هذا يكون رئيس، هذا يكون وزير، هذا يكون مسؤول كذا، هذا يكون محافظ، هذا يكون مدير أمن]، أن يكون ذلك إليهم هم، وإذا أرادوا أن يغيِّروه، يغيِّروه بكل بساطة، حتى ولو كان بمستوى باسم رئيس، يكفي أن يرسلوا إليه ضابط مخابرات ليلقي عليه الأوامر، ويذعن لذلك، فيقدم استقالته، أو يعزل بكل بساطة.
أما على مستوى الثروات فأكد السيد أنهم: يريدون أن تكون مصالح هذا الشعب من نفطه، وغازه، وكل ثرواته المهمة، أن تكون لهم هم، وألَّا يحصل هذا الشعب إلَّا على القليل القليل، والفتات اليسير، ويبقى وضعه الاقتصادي والمعيشي مأزوماً للغاية، أن يبقى الشعب يعاني أشد المعاناة، فيما تذهب مئات المليارات لصالح الشركات الأمريكية، والبريطانية، والفرنسية، والكندية، ويمكن أن يعطوا بعض عملائهم الخونة البعض من ذلك الفتات اليسير كرشوة لهم، ويبقى شعبنا يعاني.
الهدنة وما بعد الهدنة
وفيما يتعلق بالهدنة وما بعدها فأوضح السيد أن الهدنة عندما أتت وكذلك ما بعد الهدنة إلى يومنا هذا فإن قوى العدوان تستكثر على شعبنا أن يحصل على المرتبات من نفطه وغازه، إلى هذا المستوى، عندهم مشكلة كبيرة جداً، وكارثة؛ بينما هو من الحقوق المعروفة في كل الدنيا حقٌ مستحقٌ بكل وضوح، ولكنهم يحاولون أن يمنعوا ذلك.. مضيفاً أن قوى العدوان تستكثر علينا أيضاً أن تدخل المشتقات النفطية والبضائع والاحتياجات الضرورية بثمنها وقيمتها، إلَّا بعد عناء شديد، وبشكل مستمر، فيتقطَّعون في البحر، حتى بعد أن تكون السفن مرخَّص لها، وتكون أيضاً مفتشة، ولم يبقى إلَّا أن تتجه إلى ميناء الحديدة، يحاولون منعها من الوصول، ويؤخرونها لفترة طويلة؛ حتى يتحمَّل التاجر غرامات إضافية، ثم يحمِّل هذه الغرامات الإضافية في أسعار بضاعته عندما يبيعها للمواطن الفقير..
وأكد السيد أن كل هذه الاجراءات التي تتخذها قوى العدوان من أجل أنهم يريدون أن يعاني كل مواطن، وأن تعاني الطبقة الكبيرة من أبناء هذا الشعب، وهم الفقراء، وأن يعانوا أكثر، فيستكثرون على هذا المواطن اليمني أن تصل إليه البضائع بأسعارها الحقيقية، يريدون ألَّا تصل إلَّا بأسعار باهظة، وهكذا يعادون هذا الشعب، ويحاربونه في كل شيء.. موضحا أن كل هذا في إطار توجههم العدائي لهذا الشعب، فكما هم يعادون كل الأمة الإسلامية، هم يعادون في المقدِّمة هذا الشعب، وعداء عام؛ لأن كل هذه الممارسات والسياسات من جانبهم هي تلحق الضرر العام بكل أبناء هذا الشعب، حتى في المناطق المحتلة، أو أنَّ الوضع الاقتصادي في عدن، أو في أبين، أو في حضرموت، أو في المهرة، أو في سقطرى، يختلف عن الوضع الاقتصادي عنا من حيث الرخص، أو من حيث الأسعار، أو من حيث توفر المحتاجات اللازمة للناس، أو من حيث النهضة الاقتصادية، وضع بئيس أكثر بؤساً من محافظاتنا؛ لأنها سياسات عدائية ضد هذا الشعب.
الأمريكي يريد يمناً محتلاً
وشدد السيد على أن هذا الواقع وما تحيكه قوى العدوان من مؤامرات يعتبر تحدٍ يواجهه هذا الشعب،.. مؤكدا أن مشكلة العدوان أنهم هم يريدون يمناً محتلاً، فاقداً للاستقلال والحرية، خانعاً لهم، مستسلماً لهم، يتحكمون به في كل الأمور صغيرها وكبيرها، ويمسخون هويته الإيمانية، التي شرَّفه الله بها، وأعلنها رسول الله “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَـيْهِ وَعَلَى آلِه” يوم قال: ((الإِيمَانُ يَمَانٍ، وَالحِكْمَةُ يَمَانِيَّة))، ثم هكذا في بقية الأمور.
أما ما يتعلق بمؤامرات قوى العدوان على مستوى الجيش فأكد السيد أنهم لا يريدون جيشاً وطنياً يحمي وطنه من الاحتلال الأجنبي، ويحقق لبلده الحرية، ويحمي سيادة واستقلال البلاد، هم يريدون مجاميع من المقاتلين تحت أسماء وعناوين متعددة، يقاتلون تحت إمرة الضباط الإماراتيين والسعوديين، وفي نفس الوقت أولئك الضباط تحت إمرة ضباط بريطانيين وأمريكيين وإسرائيليين.
هذا الوضع هو الذي يريدون أن يصمموا عليه واقع البلاد، وأن يبقى دائماً مأزوماً بالمشاكل الاقتصادية وغيرها، وبالأزمات السياسية، وبالمشاكل الاجتماعية، يريدون أن يفرضوا علينا هذا النمط الذي يفصِّلونه هم حسب أهوائهم ومزاجهم.
وأكد السيد أننا من الطبيعي ألَّا نقبل بذلك؛ لأنه لو قبلنا بذلك؛ لكانت خسارة للدين والدنيا والآخرة، ما الذي يمكن أن يجعلنا نقبل بذلك؟ هل الخشية من التضحيات؟ كلفتها مع الاستسلام أكثر، هل تصور أنَّ هذا سيخرجنا من بعض المعاناة، التي نعاني منها ونحن في إطار الموقف الحق، الموقف الصحيح؟ لن تكون النتيجة لو فرطنا وقصرنا إلَّا ما هو أسوأ من ذلك، معاناة بدون نتيجة طيِّبة، بدون أثر مهم، بدون تحقيق أهداف كبيرة.
ولــذلك لا يمكن أن نقبل على الإطلاق بما يريدونه هم، يمناً محتلاً، يأتي الأمريكي، والبريطاني، والإماراتي، والسعودي، ليضع فيه قواعده العسكرية أينما يريد، أينما يختار، في أهم المواقع الاستراتيجية، ويتحكم بالوضع السياسي فيه، من مستوى رئيس إلى مدير عام، ويتحكم بكل شيء في هذا البلد، وينهب ثرواته، هذا لا يمكن أن نقبل به أبداً.
انكشاف أهداف العدوان الأساسية
وتحدث السيد عن الأهداف الأساسية لقوى العدوان .. موضحا أن المحافظات التي لم يكن فيها جبهات قد فضحتهم ، فقد افضحوا في حضرموت وفي المهرة وسقطرى ،، حيث ذهبوا إلى هناك، وجعلوا لهم قواعد عسكرية، مع أنه ليس هناك أي جبهات، واضح أنهم يريدون الاحتلال، يريدون السيطرة، ويريدون التحكم بكل شيء في هذا البلد، وبنزعة عدائية وإجرامية، وبدون أي ذرة من الاحترام لأبناء هذا الشعب.
ولفت السيد إلى أن قوى العدوان لم تحترم حتى مرتزقتها الذين خانوا وطنهم، فالبعض يذهب ليرهن زوجته وأسرته عند الإماراتي، يجعلهم رهائن؛ ليخضع لهم، ليثبت صدق خنوعه لهم، عندما يريدون أن يحبسوا حتى من هو بصفة رئيس، أو وزير، يهينونهم، يذلونهم، لا يحملون أي ذرة من الاحترام لأبناء هذا الشعب، هذا التحدي هو الذي يمثل مشكلةً بيننا وبينهم.
مشكلة المعتدين في مواقفنا الخارجية
أما ما يتعلق بمشكلة الشعب اليمني مع قوى العدوان فيما يتعلق بالموقف الخارجي فأوضح السيد أن قوى العدوان تريد منا أن نتوجه توجهاتهم و أن نطبِّع مع “إسرائيل”، وأن نعادي الشعب الفلسطيني، وأن نعادي أحرار أمتنا، أن نعادي الجمهورية الإسلامية في إيران لغير أي سبب.. مؤكدا أن إيران لم تحاربنا ولا اعتدت علينا، ولا فعلت بنا أي شيء، بل أعلنت موقفاً متميزاً عن كل الدول في التضامن مع شعبنا، في مناصرة شعبنا، هكذا أن نعادي؛ لأنهم يكرهون إيران؛ لأن إسرائيل وأمريكا تريد منهم ذلك.
كما أوضح أن المعتدين يريدون منا أن نعادي حزب الله، الذي وقف أشرف موقف في الوطن العربي معنا، أن نعادي أحرار العراق، ماذا فعلوا بنا حتى نعاديهم؟ هل هم الذين قصفونا بالطائرات في أسواقنا، وقتلوا الآلاف من أطفالنا ونسائنا، أم أنه تحالف العدوان الذي فعل ذلك؟ فالمشكلة معنا في هذين الأمرين.
وعلى المستوى الوطني فجدد السيد التأكيد على أننا نصرُّ على التحرر، والاستقلال، والكرامة، والعزة لبلدنا؛ لأن هذا جزءٌ من ديننا، نحن قلنا مراراً وتكراراً: حريتنا جزءٌ أساسيٌ في ديننا، بل هي أول عنوان لديننا: حريتنا من هيمنة الطواغيت والظالمين والمستكبرين.
وكان رد السيد على قوى العدوان على المستوى الإسلامي أننا لن نعادي أي بلد إسلامي من أجل أمريكا وإسرائيل وأننا لن نعادي أي بلد إسلامي من أجل أمريكا وإسرائيل، لو فعل عملاؤهم ما فعلوا، لو قالوا ما قالوا، فموقفنا مبدئي وواضح.. مضيفا أن هذا الموقف هو موقف عام تجاه أي بلد إسلامي، ليس فقط الجمهورية الإسلامية في إيران، بل أي بلد إسلامي، فنحن لسنا كالسعودي، ولسنا كالإماراتي، ولسنا كآل خليفة في البحرين، نكون قد وطَّنا أنفسنا أن نتلقى التوجيهات من أمريكا: [عادوا أولئك، اقطعوا العلاقات مع أولئك، اتخذوا موقفاً ضد أولئك]..
ولفت إلى أن عملاء أمريكا وإسرائيل اتخذوا مواقف حتى ضد الفلسطينيين، فصنَّفوا الحركات المجاهدة في فلسطين صنَّفوها بالإرهاب، كلٌّ من الإماراتي والسعودي وآل خليفة في البحرين، لماذا؟ وهي تتصدى لإسرائيل، المحتل لفلسطين بإجماع أهل الدنيا، فقالوا: [أنتم إرهابيون]، وسجنوا من حركة حماس في سجونهم بهذه التهمة، في الموقف من إسرائيل، باطل الباطل الواضح المكشوف، , مؤكدا أننا على بصيرةٍ من أمرنا، وبيِّنةٍ في موقفنا، ولسنا في موقفٍ ملتبس نتردد فيه، أو نضطرب.
الحرية والكرامة لا وجود لها في مزاد المساومات
وأكد السيد أنه وبناءً على هذا الأساس وما يريد المعتدي منا ، أن عليهم أن يتجاوزوه هم، طالما وهم يستكثرون على شعبنا الحصول على المرتبات، والحصول على حقوقه المشروعة، ووصول البضائع إليه، فهذه مشكلة كبيرة بيننا وبينهم، يعني: هي أمور لا يمكن أن نتنازل عنها، و لا يمكن أن نتنازل عنها، و ليس المقام مقام مناورات سياسية، فالبعض قد يتصور أننا لا نمتلك المرونة السياسية، هل يمكن أن يكون في إطار المناورة السياسية، والمرونة السياسية، أن نقبل باحتلال بلدنا، أن نقبل بإخضاع هذا البلد وهذا الشعب العزيز الحر المؤمن تحت الهيمنة الأمريكية والبريطانية والإسرائيلية والغربية والسعودية والإماراتية؟!
الحرية أمر لا يمكن أن ندخله في مزاد المساومة، الكرامة والعزة أمر لا يمكن أن ندخله في مزاد المساومة، ولا وجود له عندنا نحن في قاموسنا السياسي؛ لأنه قاموس مبدئي، مبني على مبادئ، مبني على قيم، مبني على أساسٍ من ثقافتنا القرآنية.
وفيما يتعلق برد السيد على مشكلتنا مع العدوان في الجانب الاقتصادي فقال السيد : هل يمكن أن نقبل بأن يذلوا شعبنا، وأن يصل ظلمهم لشعبنا إلى درجة أن يمنعوا عنه حتى الاحتياجات الضرورية من وصولها إليه؟! حتى في القانون الدولي، الذي هو لهم بمثابة القرآن عندنا، لم يعملوا به هم، يمنعون عن هذا البلد وعن هذا الشعب العزيز وصول ما يستحق وصوله، وما هو مكفولٌ له كحق في أن يصل إليه من تلك الأشياء الضرورية.
وكشف السيد أن هذه المشكلة هي التي تدور عليها الآن رحى الصراع بيننا وبينهم، يعني: لا زالت الأمور تُرَاوِحُ مكانها هنا، لماذا؟ لأن الأمريكي- وهو أصل المشكلة، هو أصل المشكلة الأمريكي- هو مستفيدٌ من الحرب، وهو لا يريد إلَّا سلاماً يستفيد منه، والسلام الذي يستفيد منه الأمريكي هو استسلام بالنسبة لنا، هو سيطرة على البلد، واستباحة لثروة الشعب، وإهانة وإذلال ومصادرة للحرية والاستقلال، هذا لا يمكن أن نقبل به، عليهم أن يراجعوا هم سياساتهم.
نتيجة اتجاه الأمور نحو التصعيد
وأكد السيد أن الأمور إذا اتجهت من جديد إلى التصعيد، نتيجةً لتصعيدهم على المستوى الاقتصادي، أو العسكري، فإننا معنيون أن نستعين بالله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” كما كنا في كل هذه المراحل، وكما كانت نتيجة ذلك في كل المراحل الماضية فكنا في موقفنا إلى قوةٍ أكبر، وإلى فاعليةٍ أكثر، وكانت- بتوفيق الله ومعونته ونصره- الضربات أكبر فأكبر لهم.
ولشعبنا اليمني العزيز قال السيد: إنَّ الأعداء في هذه المرحلة يحاولون أن يضعونا بين خيارات غير منصفة، ولا عادلة، والشيء الذي لا يمكن أن نقبل به على الإطلاق هو: التفريط في كرامة هذا الشعب، في استقلال هذا البلد، في حرية هذا الشعب، هذه مسائل مهمة جداً، ولا في مواقفنا المبدئية القرآنية تجاه قضايا الأمة، هذه أمور لا يمكن- أن ندخلها في مزاد المساومة، غير ذلك لدينا مرونة، حريصون نحن على تحقيق السلام العادل المشرف، على وقف الأحداث، لكن موقفنا هو الدفاع، ولذلك إذا عادوا إلى التصعيد، فنحن جاهزون- بإذن الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”- على التصدي، والتحرك بما هو- إن شاء الله- أكبر من كل المراحل الماضية.
وأضاف السيد : أملنا في هذا الشعب من جديد أن يكون كذلك أكثر وعياً، أكثر بصيرةً، أكثر عزماً، أقوى إرادةً في مواصلة التصدي للأعداء؛ لأن ظلمهم لبلدنا هو ظلم كبير جداً، وظلم واضح، وصل الأمر إلى أن تصبح هذه الصورة السوداوية لهم فيما ارتكبوه من جرائم بحق هذا الشعب معروفة في كل العالم، الصيت والسمعة للسعودي والإماراتي في كل العالم هو صيت إجرامي، صيت وحشي، سمعة سيئة جداً، أنهم ارتكبوا في اليمن من الجرائم الشيء الرهيب المهول، الذي يندا له جبين الإنسانية، هذا شيء معروف، حتى في تلك البلدان التي تأمرهم، توجههم، تدفعهم إلى الاستمرار في العدوان، حتى في الوسط الأمريكي، وحتى في الوسط البريطاني والأوروبي، سمعة عملائهم أولئك هي على هذا النحو: أنهم مجرمون، متوحشون، يرتكبون أبشع الجرائم…إلخ.
ضرورة الحفاظ على الجبهة الداخلية
وفيما يعنينا في الوضع الداخلي، فأوضح السيد أن الذي تحقق هو الشيء الكبير، فيما قد مررنا به في المراحل الماضية من تحديات ومخاطر، إلَّا أن العنوان الأساس لوضعنا الداخلي: الحفاظ على تماسك الجبهة الداخلية، هذا أولاً، وتعزيز وتقوية هذا التماسك، والعمل بكل ما نستطيع فيما يتعلق بالجانب الرسمي على إصلاح وضعه، الذي نصفه بالمزري، الوضع السيء للجانب الرسمي نتيجة تأثيرات طويلة، قديمة، وماضية، وحاضرة.
في الواقع الداخلي، لا شك أن الأعداء يستهدفون الوضع الداخلي، ويستغلون أي مشكلة لذلك، هذا شيء بديهي، وشيء معروف، ومن الطبيعي أن يفعلوا كذلك، هم يرتكبون أبشع الجرائم، ويفترون الافتراءات، فما بالك إذا وجدوا أي مشكلة أن يحاولوا أن يستغلوها.
وأشار السيد إلى أن أول عنوان في الحفاظ على الوضع الداخلي، وفي تعزيز الجبهة الداخلية، وأول معني في هذا العنوان هو: الجانب الرسمي، فالإخوة في الجانب الرسمي معنيون بأداء مسؤولياتهم، والارتقاء في أداء مسؤولياتهم في خدمة الشعب، ومعالجة الاختلالات، وتجاوز الأنانيات، والأهداف الشخصية، والمصالح الشخصية، هذا له أهمية كبيرة جداً حتى في تعزيز وتماسك الجبهة الداخلية، كلما كان الإخوة المسؤولون يؤدون مسؤولياتهم، ويبذلون الجهد في ذلك بشكلٍ صحيح، وهم على قُربٍ من الناس، واهتمامٍ بأمر الناس، ويبذلون كل جهدهم في ذلك، لهذا أهمية وتأثير إيجابي كبير في الوضع الداخلي، وفي تماسكه، في تماسك مختلف المجالات: تماسك مؤسسات الدولة، تماسك الوضع الاقتصادي، وغير ذلك، ويجب أن يحملوا النظرة الاستيعابية، الإخوة في موقع المسؤولية كافة، أن ينظروا إلى الشعب بشكلٍ عام، مسؤوليتهم تجاه أبناء هذا البلد بشكلٍ عام، تتجه اهتماماتهم نحو أبناء هذا البلد بشكلٍ عام، تجاه المجتمع اليمني بشكلٍ عام، هذه النظرة مهمةٌ جداً.
أيضاً فيما يعنينا في الواقع الداخلي: أن يكون هناك سعي لتقوية الروابط والعلاقة بين الجهات الرسمية والجهات الشعبية، هذا شيءٌ مهم، وأن تتظافر جهود الجميع، مؤسسات الدولة إذا عملت بمعزل عن الشعب ستبقى ضعيفة، وظروفها صعبة، وهي تواجه تحديات كبيرة، القرب من المجتمع، التعاون مع أبناء الشعب، التعاون من الجميع هو الذي يمكن أن يتحقق من خلاله نتائج مهمة، وأن نتغلب- بمعونة الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وبركة هذا التعاون- على التحديات مهما كانت، وأن تتفعَّل طاقات وجهود أبناء هذا الشعب، وهي كثيرة وكبيرة عندما تأتي حالة التعاون التي يبارك الله فيها الجهود والنتائج.
الحذر من مساعي الفرقة
وشدد السيد على الأشياء المهمة في الوضع الداخلي والتي منها الحذر من مساعي الفرقة، التي يشتغل عليها الأعداء تحت كل العناوين:
- العنوان العنصري: فهذا عنوان يشتغل عليه الأعداء ليلاً ونهاراً؛ لإثارة الفرقة بين أبناء هذا الشعب، الذي له هوية جامعة مقدسة، هي الهوية الإيمانية، وله أيضاً في واقعه الحياتي الواقع الوطني، نحن أبناء وطنٍ واحد، وأمة واحدة، دينها واحد، انتمائها واحد، مصيرها واحد، همها واحدٌ ومشترك، يجب أن نعزز حالة التعاون والأخوّة، وأن ننبذ كل مساعي الفرقة التي يشتغل عليها العدو.
- على المستوى الاجتماعي: فالعدو لا يألو جهداً في أن يستغل أي مشكلة، حتى بين قبيلة وقبيلة أخرى، أي نزاع، نزاع على أرض، نزاع على حدود، نزاع على مشاكل معينة، قضايا معينة، يحاول أن يستغل ذلك في تأجيج نيران الفتن، ويسعى بالدفع بالجميع إلى سفك الدماء، إلى الغرق والانشغال في إطار مشاكل هنا ومشاكل هناك، هذا ما يجب أن يحذره الجميع.
- العناوين المذهبية : فيحاول العدو أن يتحرك لتأجيجها، فيجب أن نسعى جميعاً لترسيخ الهوية الجامعة، والقواسم المشتركة، والروابط العظيمة التي تجمع بين أبناء هذا الشعب، وأن نعي بأساليب الأعداء، التي يعملون من خلالها على تفكيك الجبهة الداخلية؛ للحذر منها والانتباه تجاهها، هذا شيءٌ مهم.
مدرسة الشهداء
وفي نهية الحديث تحدث السيد إلى أهمية الاستفادة من مدرسة الشهداء، هي مدرسة تعالج كل حالات الأنانية، والإحباط، واليأس، والعجز، وضيق الأفق، وضعف الهمة، وهي تحيي الروحية الإيمانية والجهادية، وتبعث العزم، وتحيي الأمل.
أضاف السيد أن الوفاء للشهداء مسؤولية الجميع: مسؤولية أهاليهم، مسؤولية مجتمعهم، مسؤولية الجانب الشعبي والرسمي، مسؤولياتنا جميعاً، الوفاء لهم في الثبات على الموقف الحق، الوفاء لهم في التمسك بالأهداف العظيمة والمقدسة، الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” قال في القرآن الكريم: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا}[الأحزاب: الآية23]، لنسعى لأن نكون في إطار قوله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ}، وألَّا نُبَدِّل.
وتابع قائلا” الشهداء قد فازوا، وتجاوزوا مسألة الاختبار والامتحان، وأمنوا من مسألة الانحراف والتغير، في الطريق الطويل البعض من الناس يتغير، يبدل، تتبدل روحيته، اهتماماته، توجهاته، حتى أهدافه، البعض من الناس تتحول اهتماماته، أهدافه مصلحية، أنانية، شخصية، تتحول إلى أطماع، تتحول إلى أحقاد، تتحول إلى أشياء أخرى، ليحرص الإنسان على أن يكون في إطار قوله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ}، وألَّا يُبَدِّل، أن يبقى وفياً على الطريق، على الموقف الحق، على المبدأ، وفياً لتلك الأهداف العظيمة والمقدَّسة.
كما شدد السيد على ضرورة ألَّا تصيبنا مسألة التضحيات- مهما كانت- بالوهن، بل يجب أن يكون أثرها فينا المزيد من العزم والقوة، وأن نسعى لأن نكون من أولئك الذين قال الله عنهم في القرآن الكريم: {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ}[آل عمران: الآية146]، لنكن من الصابرين، فلا نصاب بالوهن مهما كانت التضحيات، ولا نصاب بالأسف والندم، حتى نتندم على أننا قدَّمنا تضحيات في سبيل الله تعالى، الله يقول في القرآن الكريم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}[آل عمران: الآية156]، لا يجوز أن تكون مسألة التضحيات حسرةً في قلب الإنسان، بل اعتزازاً وشعوراً بالرضى عن الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وتقديساً لهذا العطاء، واحتراماً لهذا العطاء، هو عطاءٌ في محله، يباركه الله، وأجره عظيم.