بعد مرور ثمانية أعوام من العدوان: آثار كارثية لاستهداف القطاع التعليمي
منذ الوهلة الأولى من العدوان الأمريكي الصهيو خليجي على اليمن، عمدت قوى العدوان إلى استهداف الجبهة التعليمية وفق خطط وبرامج مدروسة؛ بغية القضاء على مستقبل أبناء اليمن، والعمل على انحرافهم عن سلاح العلم، لاسيما وأن إيقاف العملية التعليمية وتجهيل الجيل بأكمله من أولويات مخططات العدوان وذلك لكي لا ينهض اليمن بجميع مجالاته ولكي يظل في فقر وجوع ويسهل استهدافه والوصول إليه، بحيث يكون خاضعاً لمخططات دول العدوان.
استهداف مباشر وممنهج للبيئة التعليمية:
على مدى 8 أعوام متتالية وقطاع التعليم في اليمن يتعرض لاستهداف مباشر وممنهج للبيئة التعليمية في محاولة للقضاء على التعليم وإفشال عجلة التعليم وشل نشاطه عن الاستمرار في بناء جيل واعٍ، حيث تسببت غارات العدوان خلال 8 أعوام في تدمير وإلحاق الضرر بـالبنية التحتية لقطاع التعليم.
وفي المؤتمر الصحفي لوزارة حقوق الإنسان والمجلس الأعلى للأمومة بمناسبة مرور ثماني سنوات من العدوان والحصار، استعرضت أمين عام المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، أخلاق الشامي إحصائية صادرة عن وزارة التربية والتعليم، حددت فيها أن ما يقارب من ثلاثة آلاف و 500 مدرسة إما مدمرة أو متضررة مع إغلاق حوالي 27 % من المدارس في كافة أنحاء اليمن، وتضرر 66 % من المدارس بسبب العنف الشديد، واستخدام 7 % من المدارس كمراكز إيواء للنازحين، وكذا توقف رواتب المدرسين منذ عام 2016م، ما يهدد بعدم استمرار التعليم.
أكثر من مليوني طفل خارج المدارس:
تحدث تقرير وزارة التربية والتعليم بحكومة الإنقاذ أن أكثر من مليوني طفل خارج المدارس وقد يرتفع العدد إلى ستة ملايين طفل في حال استمرت ظروف العدوان والحصار ونهب الرواتب والثروات، واستهداف البنى التحتية والمنشآت الخدمية، في حين أن 8.1 ملايين طفل بحاجة إلى مساعدات تعليمية طارئة في جميع أنحاء البلاد.
ونال قطاع التعليم النصيب الأوفر من التدمير والقتل جراء استهدافهم المتعمد للعملية التعليمية بغرض شل وإيقاف حركتها من خلال ضرب وتدمير المبنى المدرسي في جميع المحافظات وإيقاف صرف رواتب المعلمين منذ السنة الأولى للعدوان ومنع استيراد ووصول الأوراق المدرسية لطباعة الكتاب المدرسي بغرض إيقاف العملية التعليمية .
ارتفاع نسبة تسرّب الطلبة من المدارس:
وبحسب إحصائية صادرة عن وزارة التربية والتعليم، قالت الشامي أن 31% من فتيات اليمن أصبحن خارج نطاق التعليم نتيجة الأوضاع الإنسانية المتدهورة وعدم قدرة الأسر على توفير احتياجات التعليم الأساسية.
ووفقاً للتقرير السنوي للفريق الوطني للتواصل الخارجي، فقد تسبب العدوان في نشر الرعب والخوف لدى عددٍ كبيرٍ من الأسر من إلحاق أطفالهم في التعليم، حيث بلغت نسبة تسرّب الطلبة من المدارس ما يقارب (50 %).
الآثار نفسية على الطلاب والكادر التربوي:
لم تتوقف تأثيرات العدوان على الأضرار المادية للمنشات التعليمية فقط، بل تركت آثاراً نفسيةً على الطلبة والمعلمين على حدٍ سواء، حيث أجبرت الكثير من الأسر على ترك منازلها، والانتقال إلى مناطق أخرى بحثاً عن الأمان، الأمر الذي يفرض على الطلاب النازحين التكيُّف مع الواقع جديد في مناطق النزوح واللجوء.
تدهور الظروف المعيشية للكادر التربوي:
كان من أبرز آثار وانعكاسات قرار نقل البنك المركزي من العاصمة صنعاء إلى محافظة عدن توقف صرف مرتبات الموظفين لما يقارب مليوناً و 250 ألفاً من موظفي الخدمة العامة، ووفقاً لتقارير وزارة التربية والتعليم، فقد تسبب قرار نقل البنك المركزي من العاصمة صنعاء إلى عدن في قطع مرتبات (196,197) من القوى العاملة في مجال التربية والتعليم منذ أغسطس 2016م وحتى عام 2021م، وتمثل نسبة القوى العاملة المنقطعة رواتبهم (64.7%) من إجمالي القوى العاملة.
صمود وثبات الجبهة التربوية رغم هالة الخراب والدمار:
بالنظر إلى حجم الخسائر الفادحة التي ألحقها العدوان الأمريكي الصهيو خليجي بالقطاع التعليمي في الأعوام الثمانية الماضية، ورغم كل ذلك لا تزال الجبهة التربوية في طليعة جبهات العزة والكرامة المتصدية بكل بسالة للعدوان الجائر على اليمن، وإسقاط مخططاته الشيطانية الرامية الى تجهيل المجتمع اليمني، وحرمان اليمنيين من حقهم في التعليم.
وبعونٍ الله عز وجل، وبجهود الكوادر التعليمية الأكاديمية والتربوية وصمودهم المستمر في أداء رسالتهم رغم كل الصعوبات والتحديات وفي مقدمتها قطع رواتبهم، فقد استطاعوا أن يمثلوا نموذج الصمود والصبر خلال ثمانية أعوام من الصمود في المجال التعليمي، حيث سطَّر التربويون أروع الملاحم البطولية من الثبات والصمود الأسطوري ولايزالون يسطَّرون اسمى معاني التفاني والإخلاص في القيام بواجباتهم المهنية والتربوية متعالين فوق كل الظروف والعقبات الصعبة التي أوجدها العدوان الغاشم، فهم جبهة لا تقل عن جبهات الدفاع عن الوطن، فلولا صمودهم لانهارت المنظومة التعليمية، لاسيما وأن ذلك الاستهداف الغاشم لن يزيد الجبهة التعليمية والتربوية إلا صموداً وثباتاً رغم كثافة وبشاعة القصف والدمار الذي طالها وما خلف من خسائر مادية وبشرية جسيمة.