البراءة من الأعداء .. موقف جهادي ومسؤولية دينية
تعد البراءة من أعداء الله مبدأً إسلامياً وموقفاً جهادياً ومسؤوليةً دينية، وعملاً صالحاً يرضي الله تعالى، وهي مما أرشد الله إليه في القرآن الكريم في مواجهة أعدائه، قال تعالى: ﴿وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إلى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأكبر أن اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ﴾ (التوبة: من الآية3)، وإعلان البراءة من أعداء الله يعتبر من التأسي والاقتداء بالأنبياء والمرسلين ومنهم خليل الله ونبيه إبراهيم (عليه السلام) والمؤمنون معه ﴿إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾(الممتحنة: من الآية4)، ومن هنا فإن الجهر بالبراءة من أعداء الله وإعلان الموقف المباين والمعادي لهم هو الخيار الصحيح الذي ينسجم مع القرآن الكريم، ويمثل استجابةً حقيقية وصادقة لتوجيهات الله سبحانه وتعالى، ويتطابق مع مقتضيات مبادئ الإسلام وأخلاقه ومع قِيَمِه، واقتداءً حقيقياً وصادقاً برسول الله صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله.
ولهذا الموقف أهميته الايمانية في إبعاد الإنسان عن الظلم وعن خط الظالمين، فلو لم يكن لنا من هذا الموقف إلا أننا لن نكون شركاء للمجرمين في جرائمهم التي لا تنتهي عند حد، ولن نكون مسؤولين عن معاناة المجاهدين والأجيال الذين سيأتون من بعدنا، لأن المتخاذلين والمقصرين هم من يصنعون المعاناة للأجيال المتعاقبة، ولن نتحمل آثار التقصير ونتائج الظلم التي يرتكبها الظلمة والطواغيت وفي مقدمتهم الأمريكيون والإسرائيليون وأولياؤهم، يقول الله جل شأنه ﴿إِنَّا نَحْنُ نُحْىِ ٱلْمَوْتَىٰ وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُواْ وَءَاثَٰرَهُمْ﴾ (سورة يس الاية 12)
ومن هذا المنطلق، أطلق السيدُ حسين بدر الدين الحوثي الصرخةَ – شعار (الله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام) كإعلان براءة من هؤلاء الأعداء، وإعلاناً للموقف منهم، والهتاف بها يعني أننا نعتبرهم أعداءً، وسنتعامل معهم كأعداء؛ إيماناً منا بأن خيار موقف البراءة والمباينة لأعداء الأمة والسعي للتصدي لمؤامراتهم التدميرية والمضرة بالأمة هو انسجامٌ مع القرآن الكريم، وانسجامٌ مع الإسلام، وثباتٌ على هذا الدين ومبادئه وقيمه وأخلاقه، ويحفظ لهذه الأمة حريتها، أن تكون أمـةً حرةً مستقلة متحررة من التبعية لأعدائها وبعيدةً عن التولي والارتهان والعمالة والخيانة، ويحفظ لها مصالحَها الحقيقية، ويدفعُ عنها الإذلالَ والقهر والاستعباد والاسترخاص والاستغلال، ويحفظ لها هُـوِيتها وثروتها وأرضها وعرضها وشرفها وكرامتها.
يقول الشهيد القائد -رضوان الله عليه-: (نحن نقول للناس: يجب علينا، يجب علينا أن يكون لنا مواقف أولاً لنفك عن أنفسنا الذلة والسخط الإلهي، هناك ذله إلهية هناك ذلة إلهية- فيما أعتقد – قد ضربت علينا جميعا نحن وعلماؤنا، نحن ودولتنا الكل قد ضربت عليهم ذلة. يجب أن يكون لنا موقف في مواجهة هؤلاء حتى نرضي الله سبحانه وتعالى عنا، وأضعف موقف وأقل موقف هو أن تردد هذا الشعار بعد صلاة الجمعة حتى يعرف الأمريكيون أن هناك من يكرههم وهناك من يسخط عليهم. وحتى لا تكون لا شيء في الحياة، حتى لا تكون ميت الأحياء يتحرك اليهود والنصارى فيملأون بحار الدنيا وبرها وأنت المسلم لا ترفع حتى ولا كلمة ضدهم وأنت من كان يجب أن تكون أنت من تحتل تلك المواقع التي هم فيها)( ) وبما أن الموقف من العدو هو هدف رئيسي للصرخة فإن هنالك أهدافا أخرى من اهمها ما يلي:
1- تحطيم جدار الصمت
منذ بداية الهجمة الأمريكية على أمتنا عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر2001م كان واضحاً أن من أهم أهدافها فرض حالة الصمت والسكوت والجمود وتكميم الأفواه من أن تنطق ضد أمريكا وإسرائيل، و كل من يعارض مصالحهم ويفضح مؤامراتهم، سيكون -وفق توصيفهم- إرهابياً، وسيضرب، وقد أرادوا من ذلك أن يفرضوا على شعوب أمتنا حالةً من الخضوع والاستسلام والتدجين والقبول بإملاءاتهم وتنفيذ ما يقرّرونه دون اعتراض، بحيث تبقى الشعوب في مقابل ذلك التحرك الأمريكي والإسرائيلي صامتة، ليس لها أي موقف يناهض الهيمنة الأمريكية والإسرائيلية ويتصدى لها!!. يقول الشهيد القائد -رضوان الله عليه-: ” أين رغبة الأمريكيين، أن نكونَ متحركين وواعين ومحاربين، وضد مؤامراتهم أو أن نكونَ ساكتين؟ بالطبع رغبتهم أن يكونَ الناس ساكتين، هم يعرفوا أن السكوت هو الذي يخدمهم”( )وغير مسموح آنذاك لأحد أن يكون له صوتٌ أو موقفٌ مغايرٌ للمواقف الرسمية العربية المستجيبة للسياسات الأمريكية والمنضوية تحت الراية الأمريكية.
ومن هنا فإن تحطيم جدار الصمت وإخراج الأمة من حالة السكوت إلى (الموقف) كان هدفاً رئيسيّاً لذلك الشعار الذي أطلقه الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي، بدلاً عَـن أن تبقى الأمة صامتةً دون موقف لها أو تحَرك، وتبقى على النحو الذي يريده أعداؤها، فيضربوننا دون أن يكون هنالك أي موقف أو ردة فعل ويقتلوننا ونتقبل ذلك بأعصاب باردة، وينهبون ثرواتنا ويستذلوننا ونحن نصفق لهم، فكان مما قاله في محاضرته التي أطلق فيها الصرخة (محاضرة الصرخة في وجه المستكبرين): (حتى تتبخر كل محاولة لتكميم الأفواه، كل محاولة لأن يسود الصمت ويعيدوا اللحاف من جديد على أعيننا، لقد تجلى في هذا الزمن أن كُشفت الأقنعة عن الكثير فهل نأتي نحن لنضع الأقنعة على وجوهنا ونغمض عيوننا بعد أن تجلت الحقائق، وكُشفت الأقنعة عن وجوه الآخرين؟ لا يجوز هذا) ( )
والخلاصةُ أن الصرخة -مع ما يترافق معها من توعيةٍ ومواقف عملية- تهدف إلى مواجهة فرض حالة الصمت والسكوت التي واكبت الهجمة الأمريكية والإسرائيلية الشرسة على أمتنا- وما زالت إلى اليوم-، وكسر القيود التي تكبل الشعوب وتهيئ الأمة لسيطرة أعدائها دون أي كلفة، ولأهميّة هذه القضية فإن الشهيد القائد وباستمرار كان يؤكد على عدم الصمت والسكوت ويكشف مخاطر الصمت وعواقبه.
2- تحصين الأمة من التلبيس والخداع
شعار البراءة وما يترافق معه من مواقف عملية وتربوية وما يقدم معه من توعية بطبيعة وأسلوب تحرك الأعداء، ومستوى خطورة تحركهم، هو من أهم ما نحتاجه اليوم في مواجهة أعدائنا من اليهود والنصارى المخادعين والمزيّـفين الذين قال الله عنهم: ﴿يَا أهل الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ (آل عمران: 71) فالأمريكيون اليوم يتحركون بأساليب متعددة وتحت عناوين جذابة ومخادعة، يجعلون منها غطاءً لخداع الشعوب والأنظمة، حتى يخترقوا ساحتنا الداخلية، ويعملون على تطويعنا كأنظمة وكشعوب لنكون متقبلين لهم، وفي اللحظات التي يدخلون فيها محتلّين ننظر إليهم كمنقذين ومساعدين، ونسلّم لهم بالتدخل في كل شؤوننا، ونعطيهم في ذلك الحـق.
ونجد اليوم في ساحتنا العربية والإسلامية التضليل والخداع، عبر أبواقهم الإعلامية والخطاب الديني، حيث يجعلون من التحرك لخدمة أمريكا ولضرب القوى الحرة في المنطقة جهاداً مقـدساً، ويستغلون العناوين القومية والطائفية للتلبيس على الناس وتوظيفهم في خدمة الأعداء، وضرب من يشكل خطورة على الأمريكيين والإسرائيليين، فيدفعون ببعض الأنظمة العربية لتبني المواقف العدائية ضد أبناء أمتهم، والتصدي لكل المشاريع المناهضة للهيمنة الأمريكية والاحتلال الإسرائيلي، ومن ذلك قتل أبناء الشعب اليمني بدون حَـق، فتقومُ هذه الأطراف بالـمهـمة بدلاً عنهم، تتلقى السخط واللوم والجفاء ويبقى الأمريكي في الصورة بعيداً رغم أنه هو من يستخدم هذه الأنظمة كأدوات وقفازات وأقنعة يتستر خلفها، وما قام به النظام اليمني الظالم عندما شن ست حروب ضد أبناء المسيرة القرآنية هو من هذا القبيل، وما جرى ويجري في وقائع عدوان النظام السعودي والإماراتي على اليمن في الوقت الراهن هو تجسيد لهذه السياسة، وما تقوم به الجماعات التكفيرية بحق أبناء الأمة جزء منه يهدف إلى تحويل سخطها إليهم ويبقى الأمريكي في موقع الوسيط والراعي للسلام والمدافع عن حقوق الإنسان وموقع المتزعم لمحاربة ما يسمى بالإرهاب.
وما يحصل من تعبئة ضد إيران وحزب الله في لبنان وضد المسيرة القرآنية في اليمن، وضد الأحرار والمجاهدين في فلسطين وضد الرافضين للهيمنة الأمريكية والاحتلال الإسرائيلي في العراق وسوريا هو من أبرز تجليات السياسات والاستراتيجيات التضليلية للأعداء، حيث يكثفون حملاتهم الفكرية والإعلامية التي تصورهم بأنهم (الخطُر الأكبر على المسلمين)، وأنهم (الرافضة والمجوس وأنهم كفارٌ)، وتثار الدعايات والأكاذيب والافتراءات لشيطنتهم وتشويههم، وكل ذلك إنما هو تنفيذ لمخططات العدو؛ بهدف صرف العداوة لجهات أُخرى، ومن أساليبهم في الخداع والتلبيس والتضليل أنهم يصنعون لنا رموزاً مزيفة وقدوات وهمية، ويضعون لنا أعلاماً وقادةً يشدون الأمة إليهم ويلمعون صورهم حتى ننخدع بهم.
وقد ترافق مع إطلاق الصرخة محاضرات ودروس من هدي القرآن الكريم، فقد كان من الـمهـم جِـداً أن يكون لدى الناس الوعي الكافي بالواقع والوعي بمؤامرات الأعداء والمعرفة بمسؤولياتهم ومعرفة الحلول بشكل عام حتى لا يكونوا عرضة للتضليل والخداع، وحتى يؤدوا دورهم ويقوموا بمسؤوليتهم بجدية وبإدراكٍ تام لأهـميتها، وبالتأكيد فإن القرآن الكريم هو النور والبصيرة الذي يقدم الوعي اللازم والرؤية الصحيحة والتشخيص الدقيق للأحداث وللأعداء وللواقع من حولنا؛ لذلك فإن (شعار الصرخة) هو عنوان لمشروع قرآني عملي ولم يأت منفصلاً أو مستقلاً بذاته عن الثقافة القرآنية، ولا يجدي إذا لم يترافق معه التوعية والتربية التي تضمن استمرارية العمل بفاعلية ووفقَ أســسٍ صحيحة، بحيث يتم توجيه السخط والعداء إلى العدو الحقيقي الذي يسعى في الأرض فساداً في كل المجالات.
إن شعار الحرية وهتاف البراءة بثقافته القرآنية كفيل بإبعاد الأمة عن فخ الانخداع بطبيعة العناوين التي تتحرك من خلالها أمريكا ويرسخ في أنفسنا أنـهم مصدر الشر والإرهاب والإفساد وأنـهم لا يمكن أن يقدموا خيراً للأمة.
وقد كان من أول الإيجابيات للشعار أنه كشف طبيعة الخداع والتلبيس فيما يتعلق بعنوان الهجمة الأمريكية المسمى “محاربة الإرهاب”، حيث قدم الوعي اللازم بأنهم منابع الفساد والإجرام وأنهم لا يمكن أن يحاربوا أي (إرهاب) وأنـهم هم من يدعم (الإرهاب)، وقد كشفت الأحداث المتتالية أَن الجماعات التكفيرية مجرد أدوات يضرب بها الأمريكي أعداءَه الحقيقيين وخصومه المؤثرين، في تناقض واضح مع تلك العناوين التي بدأوا حملتهم بها وهي محاربة القاعدة وأخواتها والحرب على الإرهاب.
كما أن هتاف البراءة يعبر عن حالة السخط التي يجب أن تسود الأمة حتى لا تحلَّ محلها حالة الرضا التي تمهّد لقبول الهيمنة والاحتلال والسيطرة على المقدرات وتمهد لتقبُّل ما يأتي من جانبهم مهما كانت خطورته.
كما يعبر عن حالة السخط التي تبقي بوصلة العداء متجهة صوب منبع الخطورة الحقيقي إلى (العدو الإسرائيلي) ولفت نظر وانتباه الناس إلى (الإرهاب الأمريكي)، وإلى مؤامرات أمريكا ومؤامرات العدو الإسرائيلي، وما يتحركون به على كل المستويات؛ على المستوي السياسيّ والاقتصادي والأمني والعسكريّ في داخل الأمة، وتحصينها من تلبيسهم وخداعهم.
3- تحصين الأمة من الخيانة والتبعية
منذُ اليومِ الأول للهجمة الأمريكية على شعوب أمتنا رمت أمريكا بكل ثقلِها وطاقاتها وإمْكَاناتها، وإلى جانبها الغرب والصهيونية العالمية، وعملوا جميعاً بكل الأساليب والوسائل لاستهداف الأمة على كل المستويات، وفي المقابل كان معظم أبناء الأمة الإسلامية لا يحظون بالمنعة والحصانة في وجه تلك الهجمة، ومنذ إعلان التحالف العالمي بقيادة أمريكا وانخراط الحكومات والأنظمة العربية ضمنه، كان العدو يبني استراتيجيته على المستوى الأمني والعسكريّ بأن يكون أبناء الأمة الإسلامية هم وقود معركته من خلال ضرب بعضهم ببعض، وتجنيدهم لخوض معركته، وهو ما حدث بالفعل بدءاً من أفغانستان والعراق وحتى فلسطين، مُروراً بسوريا وليبيا واليمن.
فالعدو لم يكتف بالسيطرة على الجغرافيا والثروات، بل يطمح إلى السيطرة على البشر ويحولهم إلى جنودٍ تحت رايته يتحركون لقتل إخوانهم؛ تنفيذاً لمخطّطاته وذلك ما كان الشهيد القائد يحسب له ألف حساب وحذر منه مراراً وتكراراً، حتى لا يتكرر ما حصل في التاريخ عندما خاض الأمريكيون معركتهم ضد الاتحاد السوفييتي في أفغانستان بالعرب في ثمانيات القرن المنصرم، وكما خاض البريطانيون معركتهم ضد الأتراك بالعرب في الحرب العالمية الأولى.
الشيء الآخر أن الأعداء لم يقتصروا في هجمتهم على المجال العسكري أو الأمني فقد كان من الواضح أن الأعداء سيبذلون جهداً كَبيراً لاختراق كيان الأمة، وسيكون لهم نشاطٌ واسعٌ يتجه إلى التأثير الفكري والسياسيّ، والتأثير فيما يتعلق بالولاء في داخل هذه الأمة، وتطويع حكوماتها للتبعية لهم، وتحويل أبنائها إلى مجندين وعملاء لهم يخدمونهم في مختلف المجالات سواء في الإعلام أو الثقافة او غيرها.
وعندما نعود إلى القرآن الكريم نجده -في سورة البقرة أو آل عمران، المائدة، وسورة النساء، وفي كثيرٍ من سور القرآن المباركة-، يركز على أن أكبر ما يشكل خطورةً على هذه الأمة من أُولئك الأعداء هو التأثير على أبنائها في مسألة الولاء والتبعية والتطويع للإنسان المسلم.
وهذا الذي يظهر اليوم وبشكلٍ كبير وواضح ما يؤكـد من أنه لا بد من عمل يحصن الأمة من الداخل من هذا الاختراق الذي يهدف إلى تطويع أبناء الأمة واستغلالهم والتحكم في ولاءاتهم، وتوجيه العداء نحو من يعادي أمريكا وإسرائيل، ومن يناهض الهيمنة والسيطرة، والسياسة الأمريكية التدميرية والعدائية، وله موقف مبدئي وحاسم من العدو الإسرائيلي.
فنجد اليوم أن الكثير من الأنظمة العربية لم يكتفوا بأن يكونوا في موقع الخيانة وفي مسار الولاء والتبعية لأمريكا وإسرائيل، إنما يحاولون أن يفرضوا التطبيع على بقية أبناء الأمة، ويسعون إلى أن يخضعوا كل الأمة لأعدائها معهم وبكل الوسائل والأساليب؛ بأساليب الترغيب لمن يتمكنون من شرائه بالثمن مقابل الخيانة، والبيع للمبادئ والقيم، والتنصل والتفريط في قضايا الأمة الكبرى.
أو على مستوى الترهيب ومعاداة من يعادي إسرائيل، ومن يناهض أمريكا، تتم معاداته بكل وضوح، كما هو الحال في عدوانهم على الشعب اليمني المسلم، والذي تعتبر المشكلة الرئيسيّة لهم، أن هذا الشعب اختار الموقف المبدئي وأراد أن يكونَ شعباً مستقلاً حراً متمسكاً بقضايا أمته الكبرى، وعلى رأسها القضية الفلسطينية ومـقدسات الأمة في فلسطين، ورفض هذه التبعية وهذا الولاء لأعداء الأمة، ولم يقبل بهذا الولاء المحرم شرعاً، الذي يقول الله عنه في القرآن الكريم: ﴿وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإنه مِنْهُمْ﴾[المائدة: من الآية51].
ومن هنا فإن الشعار يهدف إلى إيجاد المنعة الداخلية للأمـة وحمايتها من السقوط في مستنقع العمالة والارتهان، وبناء واقعٍ محصن من الاختراق، وعصي على الهيمنة في مقابل المحاولات المستمرّة لتهيئة المجال وإيجاد بيئة خصبة وقابلة للعمالة والخيانة والهيمنة والسيطرة لمصلحة الأعداء والذي أصبح واضحاً ويتم الترويج له بشكل صريح حتى أصبحت العمالة لدى البعض محط افتخار واعتزاز.
وبناء على ذلك فإن الشعار بثقافته القرآنية يوفر حالةً من المنعة المجتمعية، وحالةً من السخط والعداء للأعداء تحمي الداخلَ المجتمعي لشعبنا ولأمتنا، من العمالة، فعندما تتحول مجتمعاتنا إلى بيئة معادية للأعداء ولها موقفٌ معروفٌ منهم، تصبح العمالة والخيانة مسألةً خطيرةً وغير مقبولة، ويحسب العملاء والخونة ألف حساب قبل أن يتورطوا في ذلك، لكن إذَا كان الواقع مهيَّأً وخالياً من أي نشاط عدائي ومن أي موقف يكون هذا الواقع مشجعاً للكثير من ضعيفي الإيمان وعديمي الضمير.