سفارات أمريكا… بؤر الصراعات وتفكيك المجتمعات
موقع أنصار الله الرسمي_ محمد المطري
لسنوات عديدة ضلت الولايات المتحدة الأمريكية متحكمة بزمام الأمور في اليمن تخطط وتوجه وتعمل كل ما يحقق مصالحها في البلد.
النظام الحاكم والأحزاب المعارضة طوال الفترات الماضية كانت تربطهم كلهم علاقة وثيقة بالولايات المتحدة الأمريكية يتسابقون في خدمتها بكل تفان وإخلاص.
مع اندلاع ثورة الشباب السلمية في الحادي عشر من فبراير 2011م أدركت الولايات المتحدة الأمريكية أن نجاح الثورة سيقضي على مصالحها وينهي هيمنتها على البلد الأمر الذي دفعها لاختراق الثورة وتقويضها بمختلف الوسائل والطرق، وهذا ما كشفت عنه خلية التجسس الأمريكية الإسرائيلية خلال الأيام الماضية.
خلية التجسس الأمريكية كشفت استهداف الولايات المتحدة الأمريكية للوضع السياسي في اليمن منذ تسعينات القرن الماضي مع تفكك الاتحاد الأوروبي، عبر استقطاب قادة الأحزاب السياسية وأصحاب القرار السيادي في البلد، إضافة لاستقطاب أعضاء البرلمان اليمني، والإمساك بزمام الوضع السياسي قبل أن تندلع ثورة 11 من فبراير 2011م، لتوسع واشنطن استهدافها بالالتفاف على الثورة واستقطاب قادتها، وصولاً إلى السيطرة على مؤتمر الحوار الوطني الذي أعقب ثورة الشباب.
وفي هذا الصدد يؤكد سياسيون أن الولايات المتحدة الأمريكية سعت لحرف مسار ثورة الشباب السلمية التي كان يحملها شباب المجتمع اليمني النير الذي سعى من خلال الثورة لإحداث تغيير في النظام السياسي لصنع دولة مدنية حديثة ذات كفاءة وعدالة وانصاف تلبي طموح وآمال وتطلعات كافة الشعب اليمني بلا استثناء.
ويوضحوا أن الولايات المتحدة الأمريكية أفشلت ثورة الحادي عشر من فبراير من خلال اختراقها عبر الأحزاب وبعض المكونات السياسية التي تماهت مع أمريكا لمصالح شخصية بحتة قدمت على حساب المصلحة العامة للوطن، مؤكدين أن ثبات ووعي شباب الثورة جعلتهم يواصلون ثورتهم الشعبية والتي تكللت بإعلان ثورة الحادي وعشرين من سبتمبر 2014م التي انهت الوصاية الخارجية على البلد محققة هزيمة مدوية لأمريكا وعملائها.
ويبين السياسيون أن ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر أعادت المكانة الحقيقية لليمن ومؤسسات الدولة التي دمرت قبيل ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر لاسيما المؤسسة الأمنية والمؤسسة العسكرية، مؤكدين أن ثورة الحادي وعشرين تجاوزت التحديات والصعاب التي صنعها الأعداء للوطن لتصبح بعد عشرة أعوام من المواجهة مع أعداء الداخل والخارج قوة إقليمية في المنطقة.
مساع أمريكية لتغطية الصراع في البلد
ويقول الناشط السياسي عبدالعزيز أبو طالب “عادة ما تلجأ الولايات المتحدة إلى تفعيل سفاراتها في دول المنطقة لتوجيه مسار العلمية السياسية بما يخدم مصالحها في تفكيك المجتمعات وإثارة الصراعات وتغذيتها”.
ويضيف في تصريح خاص لموقع أنصار الله الرسمي :”في ثورة الشباب ٢٠١١ كان السفير الأمريكي حاضرا لإعادة ترتيب الأوراق بما يضمن توجيه مسار الثورة خوفا من أن تخرج عن السيطرة وتتحول الى ثورة تقتلع أيادي الخيانة والعمالة وبالتالي استعادة القرار والاستقلال بما يخدم الشعب اليمني فعلا وهو ما يثير قلق وجنون الإدارة الأمريكية”.
ويذكر أبوطالب أن في ثورة الشباب السلمية 2011م كان السفير الأمريكي جيرالد فايرستاين آنذاك يحرص على اللقاء بالمكونات السياسية الحاكمة والمعارضة في آن واحد وذلك لصنع واقع جديد لا يخرج عن الهيمنة الأميركية، مؤكدا أن الأمريكان يدركون جيدا أهمية الشباب غير المتلوث بالعمالة والخيانة وقدرته على مواجهة المؤامرات التي تحاك ضد أوطانهم.
ويبن أبو طالب أن اعترافات الخلية حول التدخل الأمريكي في ثورة الشباب السلمية تثبت المساعي الأمريكية في الهيمنة على البلد والتحكم بقرارها السيادي ، موضحا كيف مارس السفير الأمريكي أساليب التأليب بين القوى السياسية لكي يعمق من شرخ الصراع السياسي ويحوله إلى صدامات عسكرية.
تغذية الصراعات
ويشير أبوطالب إلى أن أمريكا تعمدت تغذية الصراع السياسي ليضمن ولاء كل طرف لحاجتهم للدعم الأمريكي مقابل تنازلات كبيرة في جانب سيادة اليمن والمزيد من التبعية.
ويلفت إلى أن أمريكا سعت بمختلف الوسائل والطرق لإفشال الثورة وتقويضها، موضحا أن أمريكا لعبت دورا كبيرا في الانتخابات الأحادية للخائن عبدربه منصور هادي واختيار الحكومة التي يرتبط غالبية أعضائها ارتباطا وثيقا بالولايات المتحدة الأمريكية ، مستدلا باعترافات شبكة التجسس الأمريكية التي كشفت عن استقطاب أمريكا لأبرز النخب السياسية البارزة في ثورة الشباب السلمية كصخر الوجيه وعلي محسن الأحمر وتوكل كرمان وحميد الأحمر وغيرهم من الشخصيات البارزة في حزب الإصلاح.
ويتطرق إلى أن وعي شباب الصمود وثباتهم على مبادى الثورة جعلهم ثابتون في الساحات رغم خذلان العديد من المكونات السياسية التي غادرت الساحة بمجرد حصولها على مكاسب شخصية ضئيلة ، مؤكدا أن غالبية المكونات السياسية المشاركة في الثورة بمجرد وصولهم للسلطة تخلت عن ثورة الشاب السلمية ولم يقتصر دورها على خذلان شباب الثورة وحسب وانما سعت لقمع شباب الثورة السلمية وملاحقتهم خدمة لأمريكا.
ويشدد ابو طالب على أن ثبات شباب الصمود على مبادئ الثورة الشبابية ووفائهم لوطنهم وصولا الى ثورة ٢١سبتمبر 2014م التي اقتلعت أركان النظام السابق وأجبرت السفارة الأمريكية على الرحيل ودخول مرحلة جديدة في طريق الاستقلال الحقيقي بما له من مزايا وتبعات.
ويختتم أبو طالب حديثه بالقول ” ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر 2014م لم تكتفي بإنهاء الوصاية على البلد وحسب وانما توجهت بخطى حثيثة وإرادة صادقة لبناء البلد وإعادة البناء المؤسسي للدولة بعد أن دمرها عملاء الأمريكان لاسيما المؤسسة الأمنية والمؤسسة العسكرية”.
ويضيف ” يعلم جميع الشعب اليمني أن الانهيار الأمني قبل ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر وصل للهاوية لاسيما وقد وصلت التفجيرات الإرهابية إلى العاصمة صنعاء إضافة إلى إضعاف الجيش من خلال هيكلته وتدمير اسلحته وغيرها من الأعمار التدميرية التي لحقت المؤسسات الاقتصادية والزراعة والخدمية وبالرغم من المؤامرات الكبيرة المحاكة ضد ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر استطاعت الثورة النهوض بالبلد من خلال تفعيل المؤسسة الأمنية والعسكرية والتي وصلت اليوم بعد عشر سنوات من عمر الثورة إلى القمة لتصنف المؤسسة الأمنية والعسكرية ضمن المؤسسات الأنجح على مستوى الدولي والإقليمي.
مساع أمريكية لتجيير ثورة الشباب السلمية
بدروه يؤكد الناشط السياسي أنس القاضي أن الولايات المتحدة الأمريكية تعتبر التدخل السياسي في بلدان ودول العالم من المهمات الضرورية التي ينبغي على أمريكا القيام بها حفاظا على مصالحها الخاصة.
ويبين في تصريح خاص لموقع أنصار الله الرسمي أن الولايات المتحدة الأمريكية تعتبر التدخلات الأخرى كالعسكرية والثقافية تأتي في سياق تثبيت قواعد سياسية معينة تلبي الرغبة الاستعمارية الأمريكية في مختلف دول العالم.
ويضيف ” اليمن كغيرها من بلدان العالم تعاني من التدخل الأمريكي منذ عقود من الزمن فأمريكا تحافظ على مصالحها من خلال ربط العلاقات وكسب الولاءات للنافذين في الدولة”.
ويوضح القاضي أن أمريكا كان لها حضور سياسي بارز وقوي أثناء حكم علي عبدالله صالح إلى أن اندلعت ثورة الحادي عشر من فبراير حينها حست أمريكا بتعرض مصالحها للخطر الأمر الذي دفعها للتنسيق مع النظام الحاكم وايهامه بأن أمريكا ستقدم له الدعم اللازم لإبقائه في السلطة وكذا التنسيق مع المكونات السياسية الثائرة وايهامهم أن أمريكا تدعم مسار التغيير وكل تلك التحركات هي في سبيل ضمان المصالح الأمريكية في البلد.
ويقول القاضي” كان هناك تدخل أمريكي في مواجهة الثورة الشعبية في العام 2011م وصولا إلى العام 2014م هذا التدخل كان ضمن مساعي الولايات المتحدة الأمريكية لتوجيه النشاط الثوري والاحتجاجات الشعبية في مسار أخر يتناقض مع تطلعات الشعب اليمني ومع احتياجات وشعارات الحركة الجماهيرية الشعبية”.
المبادرة الخليجية
ويضيف ” عندما قامت الثورة الشعبية في اليمن ما الذي حدث؟ تمت المبادرة الخليجية ومن المعروف أن المبادرة الخليجية حاولت أن تتعامل مع الثورة الشعبية في اليمن باعتبارها خلافا سياسيا ما بين الحزب الحاكم ممثلا بالمؤتمر الشعبي العام وما بين أحزاب اللقاء المشترك”، مردفا القول ” إذ أن السعودي ومن خلفه الولايات المتحدة الأمريكية في ظل إدارة أوباما اتخذت سياسة التوجيه من الخلف عبر دول الخليج فكانت تملي التوجيهات من تحت الطاولة ومجلس التعاون الخليجي يقوم بتنفيذها علنا”.
ويشير إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية استطاعت من خلال التنسيق بين النظام الحاكم بقيادة المؤتمر وبين الأنظمة المعارضة ممثلا بأحزاب اللقاء المشترك وبالذات حزب الإصلاح على تصوير ثورة الشباب السلمية أنها مجرد أزمة سياسية بين النظام الحاكم والأحزاب المعارضة متجاهلين الهدف الحقيقي من ثورة الشباب السلمية والتي كانت تهدف لصنع دولة مدنية حديثة تواكب تطلعات وآمال الشعب اليمني بعيدا عن المحاصصة الحزبية.
ويلفت إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية استشعرت الخطر على مصالحها ومصالح حلفائها في اليمن بمضي ثورة الشباب السلمية والتي كان يحملها شباب المجتمع اليمني المتعلم والنير والذي لم يكن جزء من النظام الحاكم ولا جزء من الأنظمة المعارضة وانما حركة شبابية جماهيرية نيرة تصبوا نحو احداث تتغير جذري في النظام السياسي أكثر عدالة وأكثر انصاف نظام يحافظ على السيادة الوطنية.
ويختتم القاضي حديثه بالقول “هذه القيم وهذه المبادئ تعارض بشكل كبير توجهات الولايات المتحدة الامريكية اذا حاولت الولايات المتحدة الامريكية الأمر الذي دفعها للتدخل في ثورة الشباب السلمية واختراقها من خلال بعض المكونات السياسية والشخصيات البارزة في الساحة وذلك من أجل السيطرة على فئة الشباب وحرف مسارها وفق ما يتلائم مع المصالح الأمريكية.
ويضيف” وهذا ما حدث للأسف مع ثورة 2011م تم اختطافها وتم تجييىرها وتوجيهها باتجاه مخالف لما كان يرغب به الشباب والمجتمع اليمني إلا أن ثورة الواحد وعشرين من سبتمبر في العام 2014م جاءت لتستكمل هذه الثورة متجاوزة العراقيل والخاطر التي وضعتها الولايات المتحدة الأمريكية عبر سفارتها في العاصمة والتي انتهت بالخروج المهين والمذل للأمريكان لتنهي بذلك الوصاية الخارجية على البلد.