كربلاء الأمس واليوم.. ثورة مُستمرّة وانتصارُ الدم على السيف

  في صحراء كربلاء سُفِك الدم الطاهر، لا ليروي تراب الأرض، بل ليُزهر في وجدان الأحرار ثورة لا تخمد، ورسالة لا تموت. سُفك الدم الطاهرُ على الرمال الطاهرة، وقامت على دماء الحسين إمبراطوريات وممالك أرادت أن تزيف التاريخ وأن تطفئ نور الله لكن يأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون. لقد مرّت القرون، وتبدلت الوجوه، ولكن كربلاء لم تُغلق كتابها. فهذا الحسين منارًا إلى ضوءه يهتدي الباحثون عن الكرامة، وملاذًا يحتمي بأسواره التواقون إلى الح...

الحسين.. صوت الحق في كُـلّ زمان، ونهج المقاومة في وجه الطغيان

  لم يكن الإمام الحسين عليه السلام رجل لحظة ولا قائد ثورة محلية، بل كان صوت الإسلام الصافي، وصدى الرسالة المحمدية الممتد في وجه الطغيان إلى آخر الزمان. لقد قدّم نفسه للأُمَّـة كشخصية ثورية إسلامية عالمية، أسّس مدرسة متكاملة لمواجهة الظلم والظالمين، وبنى بمعاناته واستشهاده معالم نهجٍ خالد، لا تحدّه حدود الجغرافيا، ولا تقيده ظروف التاريخ. وفي وقفته في كربلاء تجسدت كُـلّ المعاني التي بها تُعرف الثورات وتُقاس المبادئ وتوزن العزائم، فهو الذي و...

روح الطفّ ومدامع الشهادة تستنطق من عاشوراء ميثاقَها المتجدد

  حدَّثنا حارسُ التاريخِ ومُوقظُ الضمائر المستنيرة، وكان من أرباب الوعي والبصيرة؛ فقال: يا صاحِ، اقرأ بلسانِ البلغاءِ صَفحَةً من كربلاء، تلك التي ما برحت تنسجُ خيوطَها من نينوى حتى غزة، ومن شامِ العزة إلى يمنِ الإباء؛ فإن كنتَ من طينةِ الأحرار، فاسمعْ حديثَ المقامِ، حديثَ سيدٍ ما انحنى، ولا جَبُن، ولا استكان. رأيتُهُ، بأبي هو وأمي، قد أشهر دمَهُ في وجهِ الطاغوت، وسلّ سيفَ الفداء من غمدِ التاريخ؛ فظل نجمُهُ خريطةً يهتدي بها المجاهدون في...

عاشوراء.. شهادة التاريخ المتكرّرة على انحراف الأُمَّــة

  في العاشر من محرم الحرام من كُـلّ عام، تجثم على صدور المؤمنين فاجعة كربلاء، تلك الحادثة الأليمة، بأحوالها وأهوالها الرهيبة العظيمة، وما ارتُكب فيها بحق آل البيت عليهم السلام، من أبشع المجازر وعمليات الإبادة المهولة، بتلك الصورة الإجرامية الوحشية القذرة، التي لا تمت إلى الإسلام بصلة، ولا يجيزها الدين حتى بحق الأعداء والمحاربين، ناهيك عن المسلمين - فيما بينهم - من أبناء الملة الواحدة، ناهيك عن آل بيت رسول الله -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَع...

صعدة تُحيي الحسين: كربلاء لا تموت.. والمشروع مُستمرّ

  الحسين في صعدة.. من الطف إلى كُـلّ زمان لم تكن مسيرة مدينة صعدة مُجَـرّد إحياء لذكرى استشهاد الإمام الحسين عليه السلام، بل كانت صرخة وعي وبصيرة في وجه الطغيان الممتد. خرجت الجماهير من باب المشروع والرسالة، لتقول إن الحسين لم يُغتَل في كربلاء، بل وُلد في كُـلّ أرض ترفض الذل، وتنهض لمواجهة الظلم. وفي صعدة، كان الحسين حاضرًا بصوته وموقفه، وسيفه الذي لم يُغمد. مشروع لا يُهزم.. من كربلاء إلى فلسطين واليمن كربلاء لم تكن حادثة عابرة، ...

خطورة الاحتلال الغربي على الوجود العربي

  تخضع مساحة كبيرةٌ من جغرافيا الشعوب العربية لاحتلال عسكري غير معلَن، حَيثُ تتواجد عشرات القواعد العسكرية الأمريكية بحرية وبرية وجوية، في نطاقات متعددة من هذه الجغرافيا، تحديدًا تلك التي تزخر بثروات نفطية وغازية ومعدنية. ولأن هذا الاحتلال العسكري المباشر للجغرافيا العربية يأتي بعناوينَ زائفة ومخادعة، فـإنَّه لا يتعرض لأية مقاومة شعبيّة، خُصُوصًا مع ترويج الأنظمة الحاكمة في الشعوب العربية لعناوين التعاون والتدريب ومكافحة الإرهاب والتحا...

مِنَ الطُّفِّ إِلَى غَزَّةَ .. كُلُّ يَوْمٍ عَاشُورَاءُ

    مَا كَانَ لِأُمَّةٍ أَنْ تَضِلَّ عَنِ الْهُدَى وَتَنْحَرِفَ عَنِ الْمَسَارِ بَعْدَ إِذْ هَدَاهَا اللهُ وَأَعَزَّهَا بِدِينِ الْإِسْلَامِ وَالْقُرْآنِ وَالنَّبِيِّ الْخَاتَمِ الْمُخْتَارِ، وَمِنْ بَعْدِهِ وَرَثَةُ الْكِتَابِ الْأَئِمَّةُ الْأَطْهَارُ، لَوْلَا أَنْ قَابَلَتِ الْحَقَّ وَالْيَقِينَ بِالْجُحُودِ وَالْإِنْكَارِ.  إِنَّهَا أُمَّةٌ انْقَلَبَتْ عَلَى أَعْقَابِهَا بِالْهَجْرِ لِقُرْآنِ رَبِّهَا وَتَعَالِيمِ نَ...

"مساعدات" أمريكية مغمَّسة بالدم

  تتواصل فصول المأساة الإنسانية في قطاع غزة، ويُطلّ شبح المجاعة بوجهه القبيح على شعب محاصَر، فيما تتكشف يومًا بعد يوم أبعاد الدور الأمريكي في هذا السيناريو الدموي. لم تعد المسألة مُجَـرّد فشل في إيصال المساعدات، بل هي تواطؤ مباشر، وتحويل متعمد للمساعدات الضرورية إلى أدَاة لزيادة المعاناة، وفي أسوأ الأحوال، إلى وسيلة للقتل المتعمد. ما يحدث ليس "تقصيرًا" أمريكيًّا، بل هو جريمةٌ متكاملةُ الأركان تتجلى في كُـلّ حبة قمح تُمنَع، وف...

كل أرض كربلاء، وكل يوم عاشوراء!!

    في العاشر من محرم الحرام، عام 61 للهجرة، لم تكن واقعة كربلاء محطة عابرة في صفحات التاريخ الإسلامي، بل كانت ثورة مدوية قادها الإمام الحسين بن علي، سبط رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، في وجه الفساد والانحراف عن قيم الإسلام ومبادئه الأصيلة. لقد مثلت هذه الثورة نقطة تحول مفصلية، بين الحق والباطل، العدل والظلم.   لقد وصل حكم بني أمية،  إلى مستويات غير مسبوقة من الاستبداد والترف. فالأموال التي كان من المفترض أن ...

اليقظة ضرورة وطنية

  في ظل التصاعد الخطير للمخطّطات الأمريكية الصهيونية ضد اليمن، بات من الضروري أن يتحَرّك الشعب اليمني بكافة مكوناته، قيادة وشعبًا، بوعي عالٍ واستعداد دائم لمواجهة هذه التحديات. العدوّ لا ينام، ولا يتوقف عن العمل ليلَ نهارَ؛ بهَدفِ النيلِ من السيادة، وتمزيق الجبهة الداخلية، واستهداف القيادات الوطنية كما فعل في دولٍ أُخرى وعلى رأسها الجمهورية الإسلامية الإيرانية.   محاضرات السيد القائد: بُوصلة الوعي والنجاة من أبرز ما يميز الح...

ازدواجية المعايير وصناعة الجرائم المغفورة

  لا تزال السياسةُ الدولية محكومةً بموازين المصالح والقوة، حَيثُ تتوارى الشعارات الزائفة خلف الأجندات الحقيقية للقوى الكبرى؛ فلا حديث عن حقوق الإنسان أَو الحرية إلا إذَا توافقت مع أهداف الهيمنة ونهب الثروات وفرض السيطرة، حتى وإن كان الثمن دماء الأبرياء وأشلاء الشعوب المستضعفة. الأخطرُ أن هذه القوى لم تعد تعمل وحدها، بل وجدت ضالتها في أنظمة عربية وإسلامية تحوّلت إلى أدوات مطيعة، تنفّذ تعليماتها وتعمل كجسر لتمرير مشاريع الاستعمار الحديث....

عاشوراء.. الدرس المتجدّد

  في مثل هذا اليوم العاشر من محرم تُفتح ذاكرة الأُمَّــة على جرحها الأكبر على الفاجعة التي لم يكن يجب أن تقع في ظل راية الإسلام لكنها وقعت. وقعت لا في غياهب الجاهلية ولا على أيدي عبدة الأصنام بل في قلب الساحة الإسلامية وتحت شعارات دينية وعلى يد من يُحسبون على الإسلام بل من تصدّروا اسمه وتحدثوا بلسانه. فما الذي حدث لتتحوّل الساحة التي شهدت نزول القرآن ورفرفت فيها راية رسول الله محمد (صلوات الله عليه وعلى آله) إلى مسرح لواحدة من أبشع الج...

غزة والوسطاء

  تواجه غزة منذ ما يقرب من عامَين -وَفقًا للترويج المضلل للماكينة الإعلامية الناطقة بالعربية- حربًا إسرائيلية! فعناوين تناولات الشبكات الإعلامية التابعة لهذه الماكينة الناطقة لا تتعدى (الحرب الإسرائيلية على عزة) وَ(حرب "إسرائيل" على حماس) وَ(حرب غزة) وغيرها من العناوين التي لا تخرج عن وصف الحالة في غزة بأنها (حرب) أحد طرفيها (إسرائيل) والطرف الآخر حماس، هذه هي تناولات الماكينة الإعلامية الناطقة بالعربية، التي ضللت بها الرأي العا...

تحالف مع الشيطان.. من يُسقِطُ آخرَ أوراق التوت؟

  لم تعد الخيانة وجهة نظر، ولا العمالة مُجَـرّد تهمة تُرمى في وجه الخصوم. إنها واقع موثّق تعترف به ألسنة العدوّ نفسه، لا من باب الإدانة، بل من باب الفخر! فصحيفة "إسرائيل هيوم" الصهيونية، لم تتردّد في الكشف عن "تعاون غير مسبوق" شاركت فيه دول عربية كالسعوديّة والأردن، إلى جانب أمريكا وفرنسا وبريطانيا، للتصدي للمسيّرات الإيرانية خلال اثني عشر يومًا من المواجهة. من كانت تمثّل هذه المسيّرات؟ من كانت تنتصر له؟ من كانت تقت...

عاشوراء.. ملحمة تجسّد قيم العزة والكرامة

  تتجاوز ذكرى عاشوراء كونها مُجَـرّد حدث تاريخي جرى قبل قرون، لتصبح في عمق الوعي الإنساني، وفي وجدان الأُمَّــة، ملحمة خالدة تتجدد معانيها وتتوهج قيمها مع كُـلّ جيل. إنها ليست قصة ألم وحسب، بل هي سِفر عظيم خطّه الإمام الحسين (عليه السلام) بدمه الطاهر؛ ليجسِّدَ أسمى معاني العزة والكرامة، ويشكّل منارةً لا تخبو في درب المستضعفين والباحثين عن الحق والعدل. في ثنايا هذه الملحمة، تتجلى العزة كقيمة أَسَاسية، لا بمعناها المتعارف عليه كقوة ما...

في ذكرى الثورة الإسلامية الأولى.. ثورة الحسين

  من الشقاء أن تجدَ البعضَ اليوم يدافعون مستميتين عن (يزيد)، وهم في الأصل لا يعلمون من هو (يزيد)، ولا من هو الحسين..؟ أو ما الذي فعله (يزيد) بالحسين..؟! فجريمة قتل (يزيد) للحسين، في اعتقادي، أشدُّ وأفظع من جريمة قتل قابيل لأخيه هابيل على جُرمها وفظاعتها..! على الأقل، قابيل نَدِمَ مباشرةً بعد قتله لأخيه وقام بمواراة سَوءته بدون أن يُمَثِّلَ أَو يعبَثَ بها، أما (يزيد) فقد علم الناس أجمعون بما قام به من التمثيل بجثة الحسين وحز رأسِه...

ما بين كربلاء وغزة خيط واحد

  من كربلاء الطفّ إلى غزة فلسطين، تمتدُّ خيوطُ الدم والشهادة، ويُعاد رسم المشهد التراجيدي الأكبر في ذاكرة الإنسانية، حَيثُ لا يزال الحقّ يُذبح، والماء والغذاء يُمنَع، والخيامُ تُحرق، والأبطال تسفك دماؤهم، والأطفال يُذبحون في حجور آبائهم، تحت سمع العالم وبصره. إنها ليست مقارنةً عبثيةً بين حادثتين متباعدتين زمانًا ومكانًا؛ بل هي مرآةُ الوجع الذي يتكرّر بذات البشاعة، ويتّحد في الجوهر وإن اختلفت الأدوات والطغاة المجرمين. الزمان يدور، وا...

الأمانة في الولاية ركيزة العدل ومعراج الإصلاح فمِن جهاد الإمام علي والحسين إلى مقاومة الظلم اليوم

  (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأماناتِ إلى أَهْلِها وَإذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ) فمن لزم الأمانة صلحت أعماله واستقامت أحواله، ومن أدّاها أطاع ربه، وصلح أمره. والأمانة هي كُـلّ ما يؤتمن عليه من أمر ونهي، وعبادة، وإدارة شؤون الحياة، وقد أثنى الله على من يؤدي الأمانة: (وَالَّذِينَ هُمْ لِأماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ). والأمانة في الولايات عظيمة، فمن استعملها في ولايته عدل. وحينما ح...

من الداخل؟ حين يحاول العدوّ اختراق ما لا يُخترق

  قالها وزير الحرب الصهيوني دون أن يرف له جفن: "سنتعامل مع اليمن كما تعاملنا مع إيران". لم تكن جملة عابرة أَو تهديدًا في الهواء، بل كانت خريطة طريق، رسمها بصلافة، تحت ضوء الكاميرات، وبلغة لا تحتمل التأويل: لن نخوض حربًا شاملة، بل سنضرب صنعاء من داخلها. وفي لحظة من لحظات الوضوح القاتل، بدا العدوّ كما هو؛ ليس عاجزًا عن قراءة واقع اليمن فحسب، بل مصابًا بوهم أن "الداخل اليمني" يشبه بيئات رخوة تعوّد على اختراقها، من خلال...

أوهنُ البيوت

  حدّد اللهُ -سُبحانَه وتَعَالى- للأُمَّـة العربية طريقَ العزة والكرامة والمنعة والقوة، وبيّن لها عواقبَ الانحراف عن هذا الطريق القويم المستقيم، وقص عليها القرآن الكريم قصصًا كثيرةً للاعتبار بما انتهى إليه مصير الضالين المنحرفين، الطغاة المجرمين المستكبرين من الأمم الغابرة على مدى تاريخ الإنسانية الممتد عبر قرون خلت من الزمن، ورفع الله -سُبحانَه وتَعَالى- شأن الأُمَّــة العربية على سائر أمم الأرض؛ فقال عز من قائل: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّـة...