القوة الصاروخية اليمنية: مفاوضات أولي البأس الشديد..

موقع أنصار الله || تقارير || فؤاد الجنيد

 

بعد الضربات الباليستية اليمنية التي دشن بها اليمنيون عامهم الرابع، تبدو فرص الحل السياسي وشيكة، فالبديل أمام مملكة الشر هو المزيد من استهداف عمقها، والمزيد من عجز منظومتها الدفاعية التي اثبتت فشلها، أضف إلى ذلك تهديدات اليمنيين بمزيد من المفاجآت التي ستطال منشآت نفطية ومراكز حيوية ومشاريع كبرى، في حال لم تراجع الرياض حساباتها، وتستمر في حماقات مراهقيها التي سقطت وتسقط أمام رجولة أولي البأس الشديد من اليمنيين.

 

ورقة رابحة

 

لم تستخدم وزارة الدفاع اليمنية الصواريخ الباليستية أبداً منذ بداية العدوان رغم جهوزيتها، بل انتظرت حتى أعلن “العدوان” بنبرة زهو قضاءه على تلك الترسانة نهائياً. حينها، فاجأت الجميع بدخول القوة الصاروخية إلى ميدان المعركة بإحداثيات دقيقة وأهداف نوعية مباشرة. وبالرغم من القصف الجوي المتواصل والمكثف على كل الأراضي اليمنية بحجة وجود منصات صواريخ باليستية أو مخازن أسلحة، إلا أن الصواريخ واصلت انطلاقها موجعة الداخل السعودي بصفعة تلو أخرى وباعتراف “العدوان” نفسه، الذي كان يكتفي بالحديث عن اعتراضه صواريخ باليستية قبل تحقيق أهدافها، وهذا في حد ذاته اعتراف كافٍ بأن الصواريخ الباليستية ما زالت موجودة.

 

إستراتيجية متسلسلة

 

لم تكن عملية إطلاق الصواريخ الباليستية من الأراضي اليمنية لأغراض دفاعية، أو لأهداف عسكرية طارئة، ولم تكن تضع لحجم التدمير أو عدد الضحايا أي اعتبار، بل كان هدفها في كل عملية إطلاق هو المسافة الجغرافية التي تعبرها وتجتازها لتصل هدفها دونما اعتراض. ومع كل عملية يفتح الستار على منظومة جديدة بمدى جديد أبعد من سابقه، حتى انتهى بها المطاف إلى دك أربعة مطارات سعودية في آن واحد، واختراق منظومة الباتريوت التي اكتفت بالمناورة والتحليق والعودة على رؤوس المواطنين الذين وثقوا تلك المشاهد بمقاطع الفيديو.

 

سلاح فتاك

 

اعتمدت القوة الصاروخية اليمنية على الباليستيات المتوسطة لصد الزحوفات ونسف التجمعات والتعزيزات البرية، فكانت بمثابة الورقة الرابحة التي آتت أكلها وبعثرت أكثر من ترسانة ودكت أكثر من موقع. لكن الباليستيات البعيدة المدى كان بمثابة الورقة الرابحة للضغط في أي تسوية سياسية محتملة قد تسعى لابتزاز الطرف اليمني تحت معيار الضعف، فبدأت بجيزان ونجران وعسير، ثم أبها وجدة، واخرها الرياض وأبو ظبي، قبل أن تصعق الأسرة السلولية الحاكمة بصاروخ بركان الذي حل ضيفا ثقيلا على قصر يمامة الرياض بالتزامن مع مرور اليوم الألف من العدوان.

 

رسائل سياسية

 

لم تكن رسائل القوة الصاروخية رسائل عسكرية بقدر ما كانت استراتيجية سياسية توضح القدرات القتالية المتطورة رغم الحصار والقتل والحرق والتدمير على مدار الساعة، وتؤكد أنه لا زال في جعبة اليمنيين الكثير والكثير من مقومات قلب أي معادلة تحت أي سقف وفي أي توقيت، وأن هناك نفساً طويلاً لخوض حرب استنزاف طويلة المدى لا تعترف بحجم الإمكانات ولا بمقدار المال وفارق التسليح، بقدر اعترافها بقوة الإيمان بالدفاع عن النفس، وعمق القضية وصدق الرسالة الوطنية.

 

خطابات باليستية

 

شكلت خطابات قائد المسيرة السيد عبدالملك الحوثي تهديدا كبيرا منذ الوهلة الأولى لإنطلاق العدوان، وحذرت من غضب الحليم، فإلى جانب كونها إجراءً رادعا للعدو الذي بدأ الحرب، حملت في طياتها إتمام الحجة مع المعتدين، وحملتهم العواقب الوخيمة التي ستلحق بهم في حال استمروا في غيهم وعدوانهم. ومع كل خطاب كان السيد القائد يكشف عن إستراتيجية جديدة تقض مضجع العدو، ويترجم الأقوال إلى أفعال تذهل العالم، وفي كل مرة يرتفع سقف الأهداف، ويبعد مدى الصواريخ، حتى وصلت إلى الرياض وما بعد الرياض. ولم يقف الحد عند العدو السعودي فحسب، بل أقام الحجة بتهديده العلني بإستهداف الأراضي الإماراتية التي كانت خارج قواميس الإستهداف، في حال افراطها وعبثها في الحرب العدوانية على اليمن، وأكد محذرا، أن الأمارات ستكون في مرمى صواريخ رجال اليمن، وقد اثبت ذلك فعليا بإستهداف مفاعل في العمق الإماراتي.

 

معادلة جديدة

 

وضعت القوة الصاروخية اليمنية وانتصارات اليمنيين المنطقة أمام معادلة جديدة، أساسها أن اللعبة الإقليمية قد تغيرت فعلا، وأن اليمن الذي حُصر في قمقم لعقود، منذ سيطرة مملكة الشر عليه بشكل شبه مباشر عقب مقتل الرئيس إبراهيم الحمدي، قد خرج عن الطوق عمليا برغم العدوان والحصار الذي تفرضه أمريكا وإسرائيل عبر أداتهما القذرتين في المنطقة، السعودية والإمارات ومرتزقتهما. واليمن في سبيل ذلك، مستعدة للمواجهة والتضحية بالغالي والنفيس، فثمن الحرية عند اليمنيين غالٍ، ومن ذاق العزة والكرامة والتحرر لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يفرط فيها، أو أن يعود إلى عهد الوصاية والعبودية والإذلال. وفي المقابل أكدت على أن المعادلة المتغيرة أفرزت لليمن حلفاء جدد لا تطيقهم دول الإستكبار وأدواتها من الأنظمة، وهم واضحون من خلال مواقفهم

الوفية مع اليمن ومظلوميته.

 

الوفاء بالوفاء

 

بعثت انتصارات اليمنيين وقوتهم الصاروخية للحلفاء في محور المقاومة وتحديدا حزب الله الذي كان له الموقف الواضح والصريح من العدوان على اليمن، رسائلا مفادها، أن اليمنيين يبادلون الوفاء بالوفاء مهما كانت قساوة الظروف، ووحشية الحرب المفروضة عليهم، وأنهم حليف يركن إليه في الشدائد. هذه الرسائل في حد ذاتها تطرق أبواب تل أبيب بأن حزب الله والمقاومة الفلسطينية لن يكونا وحيدين في معركتهما معها، فلديهم من أرض اليمن مددا لا قبل لتل أبيب بمواجهته، وأن الشعب الجبار الذي خاض مواجهة أمام عدوان عشري عالمي وكوني، غير عاجز مطلقا عن مواجهة كيان عاري ومنفرد لا تطيقه الشعوب، ولا تقبل به الأديان.

 

قد يعجبك ايضا