حقائق قرآنية تتطلب الإيمان واليقين

 

أيضًا نأتي إلى حقائق قرآنية مهمة تتعلق بالمسؤولية، تتعلق بواقع الحياة، تتعلق بما نعمله، ما نتركه، حقائق كثيرة في القرآن إذا لم نتجاوز مرحلة الإقرار والاعتراف إلى مسألة الإيمان واليقين والقطع والتصديق والوثوق، فأزمة الثقة ستؤثر على مدى الإتباع للقرآن، وعلى مدى التمسك بالقرآن، وعلى مدى الاهتداء بالقرآن؛ ثم ينتج عن ذلك عصيان لله، أو عدم التفاعل مع تلك الحقائق؛ ينتج عنه مخالفات في الواقع العملي، تودي بالأمة، تهلك الأمة، تجر على الأمة الويلات والنكبات والمآسي؛ لأنها تصرفات ومخالفات ينتج عنها آثار سيئة جدًّا في واقع الناس، في واقع الأمة.

تلك الحقائق، أين المشكلة، مثلًا: نأتي إلى أمثلة، حينما يقول الله -سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى- في كتابه الكريم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمد: من الآية7]، الله -سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى- يقدِّم لنا في هذه الآية المباركة طريقة معينة إذا سرنا عليها يتحقق لنا النصر في مواجهة أعدائنا، ونحن أمة لنا أعداء، أعداء حاقدون عليها، أعداء طامعون بها، أعداء متآمرون عليها، أعداء يحاربونها بكل الوسائل والأساليب، أعداء هجمتهم عليها هجمة رهيبة وهائلة في كل زمن، ليس في هذا العصر فقط، منذ صدر الإسلام وإلى اليوم ما مرَّ بهذه الأمة قرنٌ من الزمان إلا وهناك عدو خارجي، وهناك أعداء من الداخل، أعداء من الخارج والداخل.

لله يقدِّم لنا طريقة، ويعدنا بوعده الصادق الذي لا يتخلف ولا يتبدل، أننا إن أخذنا بها انتصرنا، ينصرنا هو، وهو القائل- أيضًا– في آيةٍ أخرى: {إِن يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ} [آل عمران: من الآية160]، هذه حقائق مهمة، والأمة التي تواجه التحديات والأخطار الكبيرة جدًّا، وتعصف بها الأخطار من كل اتجاه، هي في أمسِّ الحاجة إلى نصر الله، إلى معونة الله، إلى أن يدفع الله عنها أعداءها وتلك الأخطار. فالله -جلَّ شأنه- يقدِّم لنا في كتابه الكريم طريقة معينة، إن أخذنا بها نصرنا، الكثير من أبناء الأمة عندهم أزمة ثقة بالنصر الإلهي، أو حتى غفلة إلى أن هذه وسيلة إن أخذت الأمة بها انتصرت- حتمًا- بنصرٍ من الله، الذي إن نصرها لن يستطيع أي عدوٍ أن يغلبها، {إِن يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ}.

 

ما الذي دفع كيانات من داخل الأمة، أنظمة، دول، جماعات، إلى الارتماء في أحضان أعداء الأمة، إلى الولاء لأمريكا وإسرائيل؟ لم يؤمنوا بهذه الحقائق، رأوا في أمريكا عدوًا لا يمكن أن تنتصر الأمة في مواجهته، عدوًا لا يقهر، ورأوا في إسرائيل- كذلك- عدوًا لا يمكن أن يقهر، ورأوا أن خيارهم هو النفاق، الخيار النفاقي، الولاء لأعداء الأمة، الارتماء في أحضانهم، الارتباط بأجندتهم، سياسة الاسترضاء لهم، الله يقول في آيةٍ أخرى: {وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} [البقرة: من الآية120]، حقيقة من الحقائق المهمة جدًّا، هم يعتمدون سياسة الاسترضاء، وسياسة الاسترضاء لأمريكا هي فكرة قائمة عند كثيرٍ من أبناء الأمة، الكثير من أبناء الأمة يرى بأنها هي الطريقة المجدية، المفيدة، التي يمكن أن تدفع خطر الأمريكيين عن الأمة، هذه فكرة يؤمن بها الكثير من أبناء الأمة: سياسيون كُثر، إعلاميون كُثر، زعماء وقادة كُثر، عامة كُثر، يؤمنون ويحملون هذه النظرة وهذه القناعة، حالة القناعة هي حالة إيمان، في اتجاه صحيح، أو في اتجاه غلط.

فأن يحملوا هذه النظرة كقناعة: أن سياسة الاسترضاء سياسة مجدية ومفيدة، ويمكن أن تحقق نتائج إيجابية للأمة، هي قناعة لدى الكثير من الناس، يعني: هم يؤمنون بها، هذه القناعة هي- في نفس الوقت- تتناقض كليًا مع الحقيقة القرآنية، فالله يقول: {وَلَن تَرْضَى}، أنت في قناعتك [إلَّا]، في قناعتك أنهم سيرضون، وأنه بالإمكان إرضاءهم، بسياسات معينة، بعلاقات معينة، بإجراءات معينة، بمواقف معينة يتحقق بها إرضاؤهم، وهم لن يرضوا لن يرضوا، والكثير من زعماء هذه الأمة قدَّموا أكبر الخدمات وأقصى ما يستطيعون في خدمة أمريكا، وفي لحظة معينة تخلت أمريكا عنهم، أمثلة واضحة، في هذا الزمن: فلان، فلان، فلان، زعماء عرب قالوا هم عن أنفسهم وحكوا عن أنفسهم ما فعلوه لأمريكا ثم تخلت عنهم في مرحلة معينة، لم تكن وفيةً معهم.

كثير من الحقائق القرآنية خارجة عن إطار التفاعل معها في واقع الأمة، والكثير معني- كل من ينتسب للإسلام- لأن يتعامل ويتفاعل، ومتحمل مسؤولية في موقفه من تلك الحقائق القرآنية: ما يتصل منها بحقائق مستقبلية، ما يتصل منها بعالم الآخرة، ما يتصل منها بعالم الدنيا، ما يتصل منها بالمسؤولية، ما يتصل منها بالسلوكيات، ما يتصل منها بأمور كثيرة في واقع الحياة…

 

الله أكبر
الموت لأمريكا
الموت لإسرائيل
اللعنة على اليهود
النصر للإسلام

 

السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي

السلسلة الرمضانية 1439هـ – المحاضرة الثالثة عشر

 

قد يعجبك ايضا