السيد القائد : أن نكون في مواجهة مباشرة ضد أمريكا و”إسرائيل” وبريطانيا فهذه نعمة كبيرة
أكد السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي أن هناك تحرَّك- بحمد الله، بتوفيق الله- في اليمن لحمل راية الجهاد، وأن الشعب اليمني هو اليوم عملياً في حالة جهاد، وموقف فعلي، وموقف عملي، وموقف مواجهة مع الأعداء.
جاء ذلك في المحاضرة الرمضانية الرابعة عشرة للسيد عبدالملك الحوثي والتي واصل فيها الحديث عن معركة بدر الكبرى.
وأكد السيد أن مواجهة ثلاثي الشر أمريكا و”إسرائيل” وبريطانيا تعتبر نعمة كبيرة جداً جداً، موضحا أن هناك ذنب كبير جداً في التخاذل، والتفريط، والتنصل عن المسؤولية، أمام هذه الفرصة التي قد هيَّأها الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”؛ ولذلك ينبغي أن نستشعر نعمة الله علينا، وأن نتَّجه بشكل أكثر إخلاصاً لله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وجداً، واهتماماً، والتزاماً، التزاماً في بقية المجالات: على المستوى السلوكي والعملي بتعليمات الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، واهتماماً ببقية المجالات، التي فيها قصور مُعَيَّن، أن نتلمس مواطن القصور؛ لنهتم بها، ونتفادى تقصيرنا فيها.
في ذات السياق استكمل السيد الحديث عن غزوة بدرٍ الكبرى، التي كان لها تأثيرٌ كبيرٌ جداً في تاريخ المسلمين، ولها أهميةٌ كبيرة في صناعة فارقٍ كبير على مستوى تاريخ البشرية بشكلٍ عام، ويبين السيد القائد أنه عندما اصطف الطرفان للقتال في بدر، خرج ثلاثةٌ قبل البدء بالاشتباك من أبطال المشركين، هم: عتبة بن ربيعة، وأخوه شيبة، وابنه الوليد، وفي المقابل أخرج رسول الله “صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّم” علياً، وحمزة، وعبيدة بن الحارث بن عبد المطلب “رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِم”، لمبارزتهم، وبدأ القتال بين الطرفين.
ويؤكد يبين السيد القائد أنه كان هذا القتال له أهمية كبيرة جداً لما بعده، فالذين خرجوا من جهة المشركين من أبرز الشخصيات المهمة في صف المشركين، والذين خرجوا في صف المسلمين كذلك هم أبرز المجاهدين في صف المسلمين؛ ولذلك سيكون للنتيجة، للمبارزة فيما بين هؤلاء، أهمية وتأثير معنوي فيما بعده، ويبين أنه لأهمية هذه المواجهة التي بدأت في مقدمة معركة بدر، فقد نزل قول الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} ليكون أولئك هم المصاديق الأولى لهذا الاختصام، ولهؤلاء المتخاصمين.
ويبين السيد القائد انه عندما حصلت المبارزة بين الذين خرجوا من صف المشركين، والذين خرجوا من صف المسلمين، كانت النتيجة انتصاراً مهماً للمسلمين، حيث قُتِل الثلاثة الأبطال الذين خرجوا من صف المشركين بكلهم، ومن جانب المسلمين استُشِهد عبيدة، فكان هذا له أثره الكبير في معنويات المسلمين من جهة، وتفاؤلهم بالنصر، وترسيخ ثقتهم بوعد الله الحق الذي لا يتخلف؛ أمَّا في جانب المشركين فقد كان لمقتل الثلاثة الذين خرجوا انعكاس على هبوط معنوياتهم وتشاؤمهم، ومثَّل صفعةً مهمةً لهم.
ويبين السيد أنه تحقق الانتصار الإلهي العظيم للمسلمين، وكان نصراً قوياً، فاجأ الأعداء، وفاجأ المتربصين، سواءً من كانوا متربصين في المدينة، من المنافقين، والذين في قلوبهم مرض، واليائسين، وضعاف الإيمان؛ أو من البقية، من المحيطين بالمجتمع المسلم، مثلما هو الحال بالنسبة لليهود، وبقية القبائل العربية الأخرى، الذين فوجئوا جميعاً بذلك الانتصار العظيم، وتلك الهزيمة المُرَّة والنكبة الكبيرة للمشركين من قريش، وأن الله أسس بهذا الانتصار لمرحلةٍ جديدة، أصبح للمسلمين فيها هيبتهم وعزتهم، وأعزهم الله بذلك النصر بعد الاستضعاف الكبير، كما قال الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}.
ويشير السيد القائد إلى أن من أهم الدروس والعبر المتعلقة بغزوة بدر ما ذكره الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” في سورة الأنفال التي قدَّمت أهم توثيق لغزوة بدر، وقرنته بالدروس والعبر والمعارف المهمة جداً، والكبيرة التي تبني هذه الأمة، ليكون لديها رؤية متكاملة في الجهاد في سبيل الله، وفي التحرك في إدارة الصراع مع أعداء الله بشكلٍ صحيح، ومن كل الجوانب؛ لأن سورة الأنفال تذكر كل الجوانب الروحية، المعنوية، العملية، الاجتماعية.
ويؤكد أن المسلمون في هذا العصر في أمسِّ الحاجة لاستلهام الدروس والعبر من سيرة رسول الله “صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّم” وجهاده؛ لأنه فيما بعد غزوة بدر استمرت السرايا، والغزوات، والحروب، والمعارك الكبرى، مع المشركين بمختلف فئاتهم ، وكلها حقق الله فيها نتائج مهمة للمسلمين: ثبَّتت قواعد الإسلام، وكذلك مكَّنت المجتمع الإسلامي من النهوض، وأن يبني نفسه؛ ليكون له دوره العالمي في إطار الرسالة الإلهية؛ فكان لها النتائج المهمة جداً.
وفي هذا السياق، يؤكد السيد القائد بأن المسلمون بحاجة إلى فهم صحيح لفريضة الجهاد في سبيل الله؛ لأنها فريضة استُهدِفت بالتهميش والتغييب، وغاب وقَلَّ الحديث عنها، سواءً في المناهج التعليمية، أو الإعلام والبرامج الإعلامية، أو على المستوى التثقيفي والفكري، ويبين أنه من جهة أخرى فقد تعرضت هذه الفريضة العظيمة المقدَّسة المهمة للتشويه من جانب التكفيريين، وبعض الأنظمة التي تدعمهم بإشرافٍ أمريكي، وتوجيهٍ غربي، وتمثل التشويه من جوانب كثيرة جداً سواءً في تحديد من هو العدو، أو في الممارسات الوحشية والإجرامية: من قتلٍ للأبرياء، من عمليات انتحارية في المساجد، في الطرقات، في الأسواق، في المستشفيات، وتوجيه بوصلة العداء إلى غير الأعداء.
ويبين السيد القائد أنه عندما نتحدث عن الجهاد في سبيل الله، على ضوء الدروس المستفادة من سيرة النبي “صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّم”، ومن الآيات القرآنية، فإن الرسول “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَـيْهِ وَعَلَى آلِه” كان لديه اهتمام كبير جداً بالجهاد، وأخذ مساحةً كبيرة من اهتماماته، وكان حاضراً في مقدمة أولوياته، ويعطيه أهميةً بارزةً وكبيرةً جداً، فهو استمر في الغزوات، والسرايا، والعمليات الاستطلاعية، ومختلف الأعمال المتعلقة بذلك، حتى كان على فراش الموت، ويشير السيد القائد إلى أنه نتحدث عن بعض من الدروس المستفادة من مسيرة النبي “صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّم” وجهاده، والآيات القرآنية المتعلقة بفريضة الجهاد في سبيل الله فإنه يتضح لنا من خلال النصوص القرآنية، والاهتمام الكبير جداً لرسول الله “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَـيْهِ وَعَلَى آلِه” بضرورة الجهاد، ويؤكد السيد القائد أن هذا من أهم ما ينبغي أن نستوعبه أنه لابدَّ من الجهاد، وأنه من الضروريات التي نحتاج إليها؛ لأن الصراع حالة قائمة في واقع البشر، وأن الصراع هو جزءٌ من حياة المجتمع البشري، وحالة قائمة في الواقع، ومستمرة، فلابدَّ من الجهاد؛ لدفع شرهم، وخطرهم، ولذلك يقول الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” في القرآن الكريم: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ}.
ويشير السيد القائد إلى أن الجهاد في سبيل الله ضروريٌ من حيث أنه عامل بناءٍ مهم، وحافز لنهضة الأمة، لتسعَ لتكون قويةً في كل المجالات، ويبين أن وهذه المسألة معروفة في مختلف الأمم والبلدان بأنَّ التحدي يعتبر حافزاً مهماً، وأن حالة الصراع، والمخاطر، والمخاوف، التي تُحَرِّك الأمة عملياً لتبني نفسها لتكون قوية، هي من أهم الدوافع والعوامل لبناء أي أُمَّة، وأن الصراع بنفسه هو حافز مهم للبناء، وللنهضة، والسعي للقوة.
كما يؤكد السيد القائد بأن الجهاد ضروريٌ لتحرر الأمة واستقلالها، وإلَّا أخضعها أعداؤها، وأذلوها، وسيطروا عليها، واستغلوها، واستعبدوها، ويبين أن هذه مسألة معروفة في واقع البشر ، ولدى مختلف أممها وشعوبها وبلدانها، في أن مصلحة أي شعب أن لا يكون شعباً ضعيفاً، عاجزاً، ولا يمتلك القوة، ولا القدرة العسكرية.
ويشير السيد القائد إلى أن الجهاد في سبيل الله بقدر ما هو ضرورة، وحاجة واقعية وفعلية، فإنه فريضة دينية، وأن القرآن الكريم أعطى مساحة للحديث عن هذه الفريضة واسعة جداً، أكثر من أي فريضةٍ أخرى، في الحث عليها، والإلزام بها، والتأكيد عليها، وصيغ الأمر، والصِّيَّغ التي تُبَيِّن أنها من فرائض الدين، وأنها إلزامية، والمساحة الكبيرة في القرآن للحديث عن الجهاد واضحة، في سور بأكملها، مثلما هو الحال بالنسبة لـ(سورة الأنفال، وسورة التوبة، وسورة محمد، وسورة الفتح)، ومساحة في السور الأخرى، مساحة واسعة مثلما هو الحال في (سورة البقرة، وآل عمران، وسورة النساء، والمائدة، في سورة الحج كذلك).
ويشير السيد القائد إلى أن الله جعله معياراً يُبيِّن مصداقية الإنسان في انتمائه الإيماني، هل هو مؤمن أم لا؟ ولهذا يقول الله في الرد على الأعراب،: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا} وردَّ الله عليهم: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ}، وأنه شرط للفوز والنجاح: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ}، كما أن الله ربط به النصر والتمكين للأمة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} وأنه لا يمكن للأمة بدون الجهاد في سبيل الله أن تنتصر، وتدفع الخطر عنها، وتدفع شر أعدائها.
في السياق الإيماني نفسه، يؤكد السيد القائد على أهمية الجهاد في التربية الإيمانية، وصلاح النفوس؛ لأن الجهاد يعتمد أساساً على الإيمان، ولابدَّ فيه من الثقة بالله، والتوكل على الله، والمحبة لله، والخوف من الله، وهذه ركائز يبنى عليها الجهاد، وإلَّا لا تستطيع الأمة أن تتحرك للقيام بهذه الفريضة بدون ذلك، كما يؤكد السيد القائد على أهمية الجهاد على المستوى التربوي؛ لأنه يربيك على العزة، والكرامة، والإباء، وينمِّي فيك هذه المشاعر على الحريَّة؛ وإلَّا هانت النفوس بدون ذلك، وتروَّضت على الهوان، وهبطت المعنويات، الاهتمامات، وكذلك يبين السيد القائد على أهمية الجهاد في الارتقاء بالاهتمامات، والتفكير، والأعمال، والبرامج، في أن الأمة تكبر اهتماماتها، تتجه لما يبنيها لتكون قوية، بدلاً من أن تغرق في الأمور التافهة، والسيئة، والدنيئة، والرذائل، والمفاسد.