محاضرات السيد القائد.. مشروع نهوض

  لم تكن المرة الأولى التي جلستُ فيها أستمعُ إلى إحدى محاضرات السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي، لكنها كانت المرةَ التي شعرتُ فيها أن الكلماتِ لم تعد موجهة إلى الناس عمومًا، بل إليّ شخصيًا. كنت في مكتبي، والهدوء يلف المكان، إلا من صوت القائد يخترق جدران الروتين الإداري، ويوقظ في داخلي سؤالًا ظل يطرق رأسي لأيام: "هل نحن نكتفي بالاستماع؟ أم نترجم هذا المشروع القرآني إلى واقعٍ في مؤسساتنا؟" كانت محاضراته تتكرر أمامي ...

بصيرةُ الإمام زيد في البحر الأحمر.. صرخةُ العزّة في وجه الهيمنة

  "البصيرةَ البصيرةَ، ثم الجهاد".. لم يكن هذا الشعار عند الإمام زيد (عليه السلام) مُجَـرّد ترتيبٍ للفضائل، بل قانونَ تحَرّك، ومفتاحَ وعيٍ، وصراطَ نجاةٍ في زمنِ التيه. واليوم، حين اشتدّت المعركة وتشابكت الغايات في البحر الأحمر، أصبحت البصيرة هي البحر ذاته، وصار فهمُ مياهه، وتحليل تحالفاته، وكشفُ باطله، هو الجهاد الأول، ومن لم يُبصرْ البحر، ضلّ في البرّ، وسقط في فخّ الهيمنة باسم الحياد. إنها لحظة يتقدّم فيها الوعي على السلاح...

حروب نتنياهو وحلفائه.. غياب أهداف وتصاعد هزائم

  مما لا شك فيه، أن تحديد ووضوح بنك الأهداف، عامل مهم جِـدًّا، عند خوض أية حرب. على الأقل بما يوفر المعرفة الكافية، بأبعادها وتداعياتها، وتحديد زمن ومكان وطبيعة معاركها. بحيث يكون بنك الأهداف، هو إحدى المكاسب الافتراضية المسبقة، لتلك الحرب. بالإضافة إلى هدف تحقيق عامل الهيمنة، على الطرف الآخر المعادي. ولذلك طالما اجتهد قادة الحروب - عبر التاريخ - في تقديم المبرّرات/ الأسباب، الداعية والموجبة لخوض الحروب، بشكل ضروري وفوري. و...

اليمن... حيث تهتف الجراح لفلسطين: دلالات المسيرات المليونية ورسائلها السياسية العميقة

    في مشهد يعجز الوصف عن احتوائه، تخرج الجموع اليمنية في ساحات متعددة أسبوعيا ، رغم الجراح العميقة والحصار الخانق، لترسم معادلة جديدة في الوعي الشعبي والسياسي، وتؤكد أن بوصلتها ما تزال تسير بثبات نحو فلسطين. هذه المسيرات المليونية لم تكن مجرد تظاهرات عابرة، بل تحمل في طياتها دلالات ورسائل عميقة على المستويين المحلي والدولي، تستدعي الوقوف أمامها وتأمل أبعادها.  السياق السياسي للمسيرات 1. السياق الداخلي: صمود يتجاوز...

صالح أبو عزة

كاتب فلسطيني

بين صلابة المقاومة الفلسطينية ومتاهات وقف إطلاق النار

  تبدأ المفاوضات على طاولةٍ مستديرةٍ في واشنطن، وتنتهي إلى غرفتين معزولتين في الدوحة. لا يعني شكلية مباحثاتها التي توصف بالمعقّدة، الدقيقة، البطيئة، في آنٍ معًا، بقدر إدراك جميع أطراف التفاوض والوساطة؛ أنّ ما ينجزه ترامب، بعصاه أَو جزرته، وبسياساته نحو خفض التصعيد في المنطقة، أَو استمرار المعارك المتنقلة؛ يدفع نتنياهو لاتِّخاذ مواقفَ تنعكس مباشرةً على طاولة المفاوضات غير المباشرة في قطر. وهذا الذي دفعَ موفد الوساطة القطرية، مؤخّرًا، لل...

اليمن.. من الصمود إلى التأثير الإقليمي والعالمي

  حين تتحدث مراكز الدراسات الغربية عن اليمنيين، فهي لا تفعل ذلك مجاملة ولا تعبيرًا عن عاطفة طارئة، بل انطلاقا من قراءات استراتيجية دقيقة وتحليلات عميقة لموازين القوى المتحَرّكة في المنطقة. ومن أبرز تلك المؤسّسات شركة "أزور للاستشارات الاستراتيجية" البريطانية، التي وصفت في سلسلة تقارير حديثة التحول اليمني الجذري، من حالة الدفاع تحت ضغط العدوان، إلى موقع الفعل والتأثير في قلب الصراع الدولي، وخُصُوصًا في البحر الأحمر. وما أوصل ا...

نظافة العُملة.. سرُّ قوتها وهيبة الدولة

  في الوقت الذي تخوض فيه البلاد تحديات اقتصادية معقدة، يبقى احترام العملة الوطنية أحد أهم مظاهر السيادة والانضباط العام، بل هو مؤشر مباشر على وعي المجتمع وثقته بنفسه واقتصاده. فالعملة ليست مُجَـرّد ورقة نتداولها في الأسواق، بل هي وجه الوطن، ومرآة تعكس مدى احترامنا لمؤسّساتنا الاقتصادية. للأسف، ما نراه اليوم من عبث بالعملة —كتابة، تمزيق، طي، لصق، ورسم— يفقدها هيبتها ويمهد لإضعاف الثقة بها حتى في نفوسنا كمواطنين. من الم...

من معجزات الأنبياء إلى الصواريخ اليمنية

  لطالما شكّل "الإيمانُ" تجربةً تتجاوز حدود البرهان الحسي والمعجزة المادية. فمنذ أن وَطِئَت أقدامُ الإنسان الأرض، تناقلت البشريةُ رواياتٍ عن معجزاتٍ خارقة خرقت قوانين الطبيعة، كأن يُنشق البحر، أَو تُبعث الحياة في الموتى، أَو تُحرق نارٌ فلا تحرق. ومع ذلك، بقي التكذيب والعناد والصد عن سبيل الله سلوكًا يتكرّر مع كُـلّ أُمَّـة ورسالٍة. فما الذي يحدّد استجابةَ الإنسان: صدقُ البرهان أم صفاءُ القلب؟ وهل تكفي المعجزةُ لتوليد الإيم...

من أطفال الحجارة إلى فرسان الصواريخ

  من قلب حصون الصهاينة، ومن سُبات أوهامهم، من كُـلّ شبر يظنونه محصَّنًا، تخرج لهم أشبال بصرخة حق تذكرهم أن هذه الأرض تلفظهم، غضبنا يغلي كالجمر تحت الرماد، وأن الصمت وإن طال فإن لهٌ رجالًا تصول وتجول وتصنع المعجزات، وأن من ينجو من لهيب غزة من جنودهم، سيحل عليه القصاص، في القدس وكل بقعة من الأرض المحتلّة، فهذه البلاد لا تعقر عن إنجاب الأبطال.. وما الصمت إلا صبر يغسل القلوب في ساعة الثأر والقصاص. رمز المقاومة وأشبال صرخة الحق و"أطفال...

جيلُ الصرخة والحجارة.. يُغيِّـرُ قواعد الصراع

  بالأمس كان المشهد في فلسطين عنوانًا لملحمة البراءة الثائرة: أطفال حفاة، بقمصان ممزقة، يحملون الحجارة في مواجهة جرافات الاحتلال، يُطارِدون جنديًّا مدجّجًا بالسلاح بحجرٍ صغير وإيمانٍ عظيم... هؤلاء هم أطفال الحجارة الذين أذهلوا العالم وأربكوا آلة الحرب الصهيونية بثباتهم. واليوم، أُولئك الأطفال لم يغيبوا، بل كَبُروا، وتحوّلوا إلى فرسان "حجارة داوود"، رجالٌ أشداءُ يديرون المعركةَ بصواريخَ دقيقة، وخطط محكمة، وتكتيكات أدهشت حتى خص...

ثورة الإمام زيد .. مشروع إنقاذ مستمر لمواجهة الطغيان والاستكبار

  في زمنٍ تكالبت فيه قوى الاستكبار على الأمة، وتهاوت أمام سطوتها حصون الأنظمة العربية والإسلامية، يعود بنا التاريخ الى ثورة الإمام زيد بن علي عليه السلام لتعيد الأمة الإسلامية معنى الثورة الواعية، فهي ثورة تحمل مشروعًا تحرريًا أصيلًا استمدت جذورها من القرآن الكريم والنبوة وآل البيت، ومشروعًا إصلاحيًا متكاملًا حمل همّ الأمة في مواجهة الانحراف والضلال، وكانت إمتداد طبيعي من ثورة الإمام الحسين عليه السلام، كلاهما جسّد المبدأ الواحد "هيه...

بالحسابات المادية.. تكلفة انتصار غزة أقل بكثير من ثمن هزيمة (إسرائيل)

  خمسة تريليونات دولار، كانت هي "الغُرم" الباهظ، الذي تقاسمته أنظمة الحكم، في دويلات الخليج، حَيثُ سارعت كُـلُّ دولة، في أداء ما تقرّر من حصتها. معبِّرين عن سعادتهم الغامرة، بتسليم تلك الجزية الهائلة، إلى أوليائهم من اليهود والنصارى. من خلال تنافُسِهم في تقديم الهدايا الفخمة، وغير المسبوقة في تاريخ العلاقات الدولية. وليس ذلك من قبيل الكرم العربي؛ فهم أبعدُ ما يكونون عن العروبة. لا من باب الإحسان في الإسلام، فهم لا يم...

لماذا انتصرنا؟

  في معرض حديث مجلسنا اليومي الذي نرتشف فيه الوعيَ والبصيرةَ من محاضرات الشهيد القائد المؤسس السيد الحسين بن بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه،  وعقب الدرس توجهت إلى الحاضرين متسائلاً:  لماذا، وبماذا انتصرنا على الأعداء رغم إمكاناتهم الهائلة مقابل إمكاناتنا المحدودة، في عدوانهم المستمر منذ عشر سنوات، مع ما رافقه من حصار خانق حتى اليوم؟  ثم تَلاه طوفانُ غزة، الذي سارعنا لتقديم الدعم والإسناد لأبطال غزة، وفرضنا حصارًا على...

خرائط الدم مقابل خرائط التحرير..غزة تمحو مشروع الاحتلال بثمن لم يحسبه الغرب..!!

  في مشهد يكرّر أقسى فصول التاريخ جرمًا وظلمًا، تذوب مبادئ الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي في دهاليز المصالح الغربية، لا شيء تغير في المشهد الفلسطيني، دماء الأطفال والنساء في غزة تسكب كالماء، والأجساد تدفن تحت الأنقاض بلا رحمة، وحصار خانق تحول إلى سلاح إبادة جماعية وبغطاء أمريكي أُورُوبي، والمفاوضات في الدوحة ليست سوى ستار دخان لتمرير المزيد من المذابح، وما يسميه كيان الاحتلال "خرائط انسحاب" هو في حقيقة الأمر احتلال جديد لـ 40٪...

مضامين الشعار.. تجليات الرؤية القرآنية في مواجهة الهيمنة

  شعار "الله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام" ليس مُجَـرّد كلمات تُردّد، بل هو بيانٌ جامعٌ وميثاقٌ قرآنيٌّ وصرخةُ حقٍّ مدوّيةٌ في وجه طغيان العصر. إنه تجسيدٌ عميقٌ لرؤيةٍ قرآنيةٍ متكاملة، ومنهجِ حياةٍ، وقوةٍ دافعةٍ للأُمَّـة في مواجهة التحديات الكبرى التي تُثار راهنًا. "الله أكبر" هي الركيزة الأَسَاسية للشعار، ومنبعُ قوته الروحية والمعنوية. إنها إعلانٌ للتوحيد الخالص بأن ا...

العدوان "الإسرائيلي" والازدواجيةُ الدولية

  منذ عقود طويلة، تستمرُّ آلةُ العدوان الإسرائيلي في ارتكاب انتهاكات صارخة ضد الشعب الفلسطيني، تتجلى في القصف العشوائي للمنازل، واغتيال المدنيين، وتدمير البنية التحتية، وفرض الحصار، وتهجير السكان قَسْرًا من أراضيهم. مشهد يعكس واحدة من أفظع صور الاحتلال والعنصرية في العصر الحديث. لكن ما يزيد هذه الجرائم فظاعة هو الصمتُ الدولي المريب، الذي يرقى في كثير من الأحيان إلى مستوى التواطؤ، تحت شعارات زائفة مثل "حق الدفاع عن النفس" أَو ...

باب المندب قال كلمته لأجل فلسطين.. فهل يتكلّم هرمز وتتحَرّك السويس؟

  بين الممرات والمعبرات: لماذا لا يُغلق هرمز كما أُغلق باب المندب؟ في زمنٍ تتسلّط فيه قوى الطغيان على الممرات البحرية، وتحوّلها إلى أدوات للحصار والتجويع، يعود السؤال الوجودي إلى الواجهة: هل نملك الجغرافيا… ونفرّط في القرار؟ هل أنعم الله علينا بمواقع تُطلّ على العالم… لنجعلها جسورًا لعبور القتلة لا منابر لنصرة المستضعفين؟ بين باب المندب الذي نطق بالإيمان، ومضيق هرمز الذي لا يزال يلتزم الصمت، تنكشف معادلة واضحة: ...

أنظمة النفاق والتطبيع.. جرأةُ الخيانة وقبحُ الذرائع

  كانت الخطوة التالية - الأكثر جرأة وقُبحًا - لأنظمة النفاق والتطبيع، هي فتحُهم كُـلَّ الحدود مع العدوّ الإسرائيلي، وتشكيلُ خطوط إمدَاد برية وبحرية، لنقل مئات الشحنات من المواد الغذائية والتجارية، إلى عمق الأراضي المحتلّة. يشاركهم في ذلك النظام التركي والإماراتي والسعوديّ، لمساعدة الكيان على تجاوز تداعيات الانهيار الاقتصادي، الناتج عن الحصار البحري والجوي اليمني. ولم يكن لهذه الخطوة أي مبرّر، سوى أنها كانت تعبيرًا واضحًا لطبيعتهم ال...

الإمام زيد.. حين تتجدّد الثورة في زمن الخضوع والصمت

  لم يكن استشهادُ الإمام زيد بن علي -عليه السلام- مُجَـرّدَ صفحة من صفحات التاريخ، بل هو ومضة نور ما زالت تشقُّ طريقَها في وجدان الأحرار، وتنبّه الغافلين إلى حقيقة الإسلام الذي لا يعرف الذلَّ ولا يقبل الخنوع. تحَرّك الإمام زيد في مرحلةٍ كانت الأُمَّــة فيها تعيشُ نوعًا من الخَدَر الجماعي، وكان الطغاة قد أحكموا سيطرتهم على مقاليد الحكم، وبدأت ملامح الانحراف عن خط النبوة تتضح جليًّا، لكن القليل فقط من امتلكوا شجاعة المواجهة. واليوم، و...

خالد بركات

كاتب فلسطين

عن الأسرى الصهاينة وعائلات الأسرى الفلسطينيين في سجون العدوّ

  منذ اللحظة التي أعلنت فيها المقاومةُ الفلسطينية في غزّة عن أسرِ عددٍ من الجنود والمستوطنين الصهاينة خلال معركة "طوفان الأقصى" المجيدة، تحوّلت قضيّةُ "الرهائن" الصهاينة إلى محور اهتمام عالمي تُخصَّصُ لها الساعاتِ الطويلةَ على شاشات التلفاز، وتُبذَلُ الضغوطُ السياسية، وتُنصَبُ الخيام في الساحات، وتُسكَبُ الدموع على من تصفُهم وسائلُ الإعلام بأنهم "ضحايا أبرياء". في المقابل، يقبعُ أكثر من 10،800 أسير وأسيرة ...