في ذكرى الثورة الإسلامية الأولى.. ثورة الحسين

  من الشقاء أن تجدَ البعضَ اليوم يدافعون مستميتين عن (يزيد)، وهم في الأصل لا يعلمون من هو (يزيد)، ولا من هو الحسين..؟ أو ما الذي فعله (يزيد) بالحسين..؟! فجريمة قتل (يزيد) للحسين، في اعتقادي، أشدُّ وأفظع من جريمة قتل قابيل لأخيه هابيل على جُرمها وفظاعتها..! على الأقل، قابيل نَدِمَ مباشرةً بعد قتله لأخيه وقام بمواراة سَوءته بدون أن يُمَثِّلَ أَو يعبَثَ بها، أما (يزيد) فقد علم الناس أجمعون بما قام به من التمثيل بجثة الحسين وحز رأسِه...

ما بين كربلاء وغزة خيط واحد

  من كربلاء الطفّ إلى غزة فلسطين، تمتدُّ خيوطُ الدم والشهادة، ويُعاد رسم المشهد التراجيدي الأكبر في ذاكرة الإنسانية، حَيثُ لا يزال الحقّ يُذبح، والماء والغذاء يُمنَع، والخيامُ تُحرق، والأبطال تسفك دماؤهم، والأطفال يُذبحون في حجور آبائهم، تحت سمع العالم وبصره. إنها ليست مقارنةً عبثيةً بين حادثتين متباعدتين زمانًا ومكانًا؛ بل هي مرآةُ الوجع الذي يتكرّر بذات البشاعة، ويتّحد في الجوهر وإن اختلفت الأدوات والطغاة المجرمين. الزمان يدور، وا...

الأمانة في الولاية ركيزة العدل ومعراج الإصلاح فمِن جهاد الإمام علي والحسين إلى مقاومة الظلم اليوم

  (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأماناتِ إلى أَهْلِها وَإذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ) فمن لزم الأمانة صلحت أعماله واستقامت أحواله، ومن أدّاها أطاع ربه، وصلح أمره. والأمانة هي كُـلّ ما يؤتمن عليه من أمر ونهي، وعبادة، وإدارة شؤون الحياة، وقد أثنى الله على من يؤدي الأمانة: (وَالَّذِينَ هُمْ لِأماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ). والأمانة في الولايات عظيمة، فمن استعملها في ولايته عدل. وحينما ح...

من الداخل؟ حين يحاول العدوّ اختراق ما لا يُخترق

  قالها وزير الحرب الصهيوني دون أن يرف له جفن: "سنتعامل مع اليمن كما تعاملنا مع إيران". لم تكن جملة عابرة أَو تهديدًا في الهواء، بل كانت خريطة طريق، رسمها بصلافة، تحت ضوء الكاميرات، وبلغة لا تحتمل التأويل: لن نخوض حربًا شاملة، بل سنضرب صنعاء من داخلها. وفي لحظة من لحظات الوضوح القاتل، بدا العدوّ كما هو؛ ليس عاجزًا عن قراءة واقع اليمن فحسب، بل مصابًا بوهم أن "الداخل اليمني" يشبه بيئات رخوة تعوّد على اختراقها، من خلال...

أوهنُ البيوت

  حدّد اللهُ -سُبحانَه وتَعَالى- للأُمَّـة العربية طريقَ العزة والكرامة والمنعة والقوة، وبيّن لها عواقبَ الانحراف عن هذا الطريق القويم المستقيم، وقص عليها القرآن الكريم قصصًا كثيرةً للاعتبار بما انتهى إليه مصير الضالين المنحرفين، الطغاة المجرمين المستكبرين من الأمم الغابرة على مدى تاريخ الإنسانية الممتد عبر قرون خلت من الزمن، ورفع الله -سُبحانَه وتَعَالى- شأن الأُمَّــة العربية على سائر أمم الأرض؛ فقال عز من قائل: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّـة...

حروب العصر: مواجهةٌ فكرية واستراتيجياتٌ مقاوِمة

  في عالم القرن الحادي والعشرين، شهدت الحروبُ تحولاتٍ جذرية تجاوزت أشكالَها التقليدية من دبابات وصواريخ وجنود على الأرض إلى فضاءات أكبرَ تعقيدًا وأكثر تأثيرًا: إنها الحروبُ الفكرية. حروبٌ ليست مُجَـرّد ظاهرة عابرة، بل أصبحت أدَاة فعالة ضمن أسلحة الدول العظمى للتأثير والسيطرة، حَيثُ تستهدفُ العقول بدلًا عن الأجساد، والثقافات بدلًا عن الأراضي. تبرز الولايات المتحدة و(إسرائيل) كأبرز اللاعبين في تطوير وتنفيذ استراتيجيات الحروب الفكرية، ...

كربلاء اليمن.. حَيثُ تتجدّد عاشوراء كُـلّ يوم

  لم تكن كربلاء مُجَـرّد واقعة طواها الزمن، بل كانت بداية، لا نهاية. وكانت بذرةً، لا حصادًا. ولهذا، فَــإنَّ كربلاء لا تُختزل في العاشر من المحرم، بل تعيش في كُـلّ زمانٍ ومكان يعلو فيه صوت الحقّ ويُستنهض فيه الموقف. ولعلّ من أشدّ المواضع صدًى لنداء الحسين هو اليمن، هذه الأرض التي لا تزال ترضع أبناءها من ثدي الكرامة، وتُرضعهم الشجاعة كما تُرضعهم اللبن. في اليمن، لم تكن عاشوراء ذكرى تُحيا بالبكاء، بل مدرسة تُعاد صياغتها بالدم والتضحية وا...

بيعٌ بلا ثمن

  عارٌ وأيُّ عارٍ بيعُ شرف الأُمَّــة وكرامة وعزة شعوبها مهما بلغ الثمن، وهذا النوع من البيوع المحرمة تجاره وسماسرته الحكام وليس عامة الأفراد، والبيع في مثل هذه الحالات لا يكون إلا للعدو؛ فالعدوُّ هو المعنيُّ أَسَاسًا بامتهان الأُمَّــة وسلبها كرامة وشرف وعزة شعوبها، ليسهل عليه إذلالها وامتهانها واستعبادها، وتحت عناوين زائفة تنافس الحكام العرب في تقديم عروض البيع لأعداء الأُمَّــة، وإيهام الشعوب بتوسيع علاقات التعاون مع الأصدقاء تحديدًا ا...

ذكرى كربلاء وواقع أمتنا

  لأنَّنا أمام يزيد جديد بثوب معاصر، نحتاج أن نعيد قراءة كربلاء لا كقصة بل كخريطة طريق، أن ننصر المظلوم ولو كنا بلا سلاح. في مثل هذه الأيام من كُـلّ عام، تهتزّ مشاعر الأُمَّــة، وتغمرنا ذكرى لا تزال تنبض بالحق رغم مرور أكثر من ألف عام… إنها عاشوراء، ذكرى استشهاد الإمام الحسين بن علي، سيد شباب أهل الجنة، وحفيد نبي هذه الأُمَّــة -صلوات الله عليه وعلى آله- لكنها ليست مُجَـرّد ذكرى دينية نمر بها كُـلّ عام، بل هي حكاية ثورة ودرس خال...

خالد بركات

كاتب فلسطيني

كيف تحوّل اليمن إلى نموذج ثوري عالمي؟

  في زمن الهزائمِ والتطبيعِ والانكسار أمامَ منظوماتِ الاستعمار والإمبريالية، يبرزُ اليمن، البلدُ الأعرق في شبهِ الجزيرةِ العربية، كأحدِ أكثرِ النماذجِ الثوريةِ إلهامًا واستثنائيةً في العالمِ اليوم. لم يعُد اليمن مجرّد ساحة صراعٍ أو "قضيةٍ إنسانية" كما حاول الإعلام الغربيُّ تصويرَه، بل بات، بفضلِ صموده وجرأتِه، قلبًا نابضًا في جبهة المقاومة، وشعلةً متقدةً في مواجهةِ الهيمنةِ الأمريكيةِ والصهيونية. إذ يُقدِّم اليمن -بشعبِه وقيادتِ...

من كربلاء إلى غزة.. يتكرّر الحسين في وجه الطغيان

  في كُـلّ زمانٍ يُولد كربلاء جديد. ليست كربلاء واقعة منتهية في التاريخ بل روح متكرّرة تختبر ضمير الأُمَّــة وتقيس مدى صدقها في مواجهة الطغيان والوقوف مع المظلوم. واليوم تقف غزة في قلب كربلاء المعاصرة والدم الفلسطيني يسيل على درب الحسين متحديًا جبروت يزيد العصر: الكيان الصهيوني. كربلاء لم تكن معركةً عسكرية فقط بل كانت صرخة في وجه الاستسلام والذل ثورة على الانحراف الثقافي والسياسي والأخلاقي الذي أصاب الأُمَّــة بعد رحيل النبي (صلى الله ...

اليمن بين نيران الحقد ومصابيح الوعي

  حين تُفشِل القيادة الربَّانية مؤامراتِ الداخل والخارج.. في زمن انكشفت فيه الأقنعة، واصطفت فيه الشعوب الحرة في وجه الطغيان الصهيوني، اختار اليمن موقفًا بطوليًّا ثابتًا، إلى جانب أهله في غزة، ليؤكّـد أنه ليس مُجَـرّد بلد جريح، بل روح أُمَّـة وضمير مقاوم. لكن هذا الموقف التاريخي والمشرّف لم يمرّ دون ثمن. فقد كثرت المؤامرات وتعددت الوجوه المتآمرة، من صهاينة، إلى عرب انبطاحيين، إلى خونة الداخل المأجورين. ورغم ذلك، تكسّرت كُـلّ هذ...

يا أُمَّـةَ القرآن.. لا تخذلوا الحسينَ من جديد!

  إنَّ التفريط في زمننا هذا، على وجه التحديد، ليس كأي تفريط، بل هو تفريط في زمنٍ يتكشّف فيه العدوّ بكل وضوح، وتتموضع فيه المعركة في أوضح صورها بين معسكر الإيمان ومعسكر اليهود، بين جبهة المستضعفين وجبهة أمريكا و"إسرائيل". والتراجع في هذا السياق ليس تراجعًا عابرًا، بل هو تراجعٌ أمام اليهود، وتخاذلٌ يخدمهم بصورة مباشرة، حتى وإن لم يُدرِك البعض عاقبته. ومن يفرِّط ْاليوم في مسؤوليته، أَو يضعُفْ عن نصرة قضايا أمته، فإنه يُسهِمُ &nd...

حقائقُ مُــرة تجاهلُها أشدُّ مرارة

  الجغرافيا العربية الممتدة من العراق شرقًا إلى موريتانيا غربًا، كانت إلى ما قبل أكثر من سبعة عقود من الزمن متصلة لا تعترض أبناء الشعوب العربية المتنقلين عبرها أيةُ عوائق طبيعية تحول دون انتقالهم بحرية في هذه الجغرافيا. وهذه الميزة المهمة جهلها أَو تجاهلها العرب -حكامًا وشعوبًا-، وتنبَّه لها الغربُ الاستعماري، الذي أدرك صعوبة السيطرة على هذه الجغرافيا طالما ظلت متمتعة بميزة الاتصال من شرقها إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها، ولتعطيل هذه ...

من كربلاء إلى صنعاء.. هل تعلَّمنا ألا نَخْذِلَ العظماء؟

  في كربلاء، لم تكن الدماء وحدَها هي التي سُفكت، بل سُفك معها آخر ما تبقّى من ماء وجه الأُمَّــة. كان الحسين عليه السلام ينادي في صحراءٍ ملأى بالآذان، لكنها آذان لا تسمع، وقلوب لا تعقل، وألسنة آثرت الصمت. فهل تغيّر الزمن؟ ربما تبدّلت الأزياء، وتحولت الجِمال إلى طائرات، والسيوف إلى صواريخ، لكن خيانة العظماء لم تتبدّل. فما يزال في الأُمَّــة رجال كالحسين، يحملون رايات الحق، ويصدحون به، ويتقدّمون الصفوف، ومع ذلك يُخذَلون، يُطعنون، يُتّ...

صمتُكم عن الحسين.. يتكرّر بوجه فلسطين.. والنتيجة تمكينُ الطُّغاة!

  الإمام الحسين عليه السلام لم يكن شخصًا منفصلًا عن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ-، بل كان قطعةً منه، وروحًا امتدّت من روحه، وموقفًا متجذرًا في رسالته. هذا الارتباط لم يكن ارتباطًا عاطفيًا مُجَـرّدًا، بل ارتباطًا بنيويًا عميقًا، عبّر عنه النبي -صلوات الله عليه وعلى آله- بقوله: «حسين مني وأنا من حسين، أحب الله من أحب حسينًا»، وهو قول يختصر أسمى درجات الاتّحاد بين الروح النبوية والامتداد الرسالي. فحركة ...

قادمون يا «طهران»..

  هل تعلمون ما أقوى وأخطر وأفتك سلاح كشف عنه «الإيرانيون» وفاجأوا به العدوَّين «الأمريكي والصهيوني» خلال حرب الاثني عشر يومًا..؟! السلاح الذي لولاه، لما تمكّن «الإيرانيون» من أن يفشلوا مخطّطاتِ الأعداء ويسقطوا رهاناتهم، أَو أن يحسموا المعركة لصالحهم بهذه السرعة.. بصراحة، لم يكن صاروخ «فتَّاح» ولا صاروخ «خيبر».. ولا حتى صاروخ «خرمشهر» الفتاك.. أقوى وأخطر...

الإمام الحسين وصرخةُ الضمير الحي.. من كربلاء إلى غزة

  كربلاء ستبقى الميزان، وغزة هي الامتحان، والصمت اليوم خيانة كما كان بالأمس، والموقف الحق باقٍ، لا يزول. في العاشر من محرّم، يُعاد مشهد الألم والدم والتخاذل… يُعاد مشهد كربلاء في كُـلّ زمن، وتتجدد صرخة الإمام الحسين عليه السلام: "هيهات منا الذلة". استُشهد سبط النبي محمد -صلى الله عليه وآله وسلم-، الحسين بن علي، مظلومًا، عطشانَ، محاصَرًا مع أهل بيته ورفاقه، لا لذنب اقترفوه، بل لأنهم رفضوا بيعةَ الطاغية يزيد بن معاوية...

المؤامرة الكبرى لتصفية القضية الفلسطينية

  في هذا الزمن الذي تتسارع فيه الأحداث، تتكشف مؤامرة كبرى تستهدف جوهر الوجود الفلسطيني، متجاوزةً كل الخطوط الحمراء والقيم الإنسانية. إنها ليست مجرد محاولة لإدارة صراع، بل هي عملية ممنهجة لتصفية القضية الفلسطينية. ويسعى العدو الإسرائيلي ومعه الأمريكي إلى تحويله قطاع غزة إلى منطقة غير صالحة للعيش. منذ السابع من أكتوبر 2023، لم يدّخر العدو الإسرائيلي جهداً في قصف وتدمير مقومات الحياة في غزة، وارتكاب جرائم إبادة جماعية. ورغم كل ذلك، لا ي...

حين تصيرُ البصيرةَ جُرحًا... وتمشي بها نحوَ الله

  في هذا الزمن المليء بالصخب والخِذلان قد تستيقظ صباحا لتشاهد من نافذتك سماء ملبَّدة بالكذب، وواقعًا يصفِّقُ للجلاد، ويبصقُ على الضحية. تفتح هاتفك فتنهال عليك صور الشهداء من غزة، ودماء الأطفال في الخيام، وتسمع عن حصار، وخذلان، وخيانة عربية توقّع بمداد النفط والعار. تنظر من حولك، فتجد أن الحق يحاصَر، والمظلوم ينسى، والطغاة يصفق لهم في المحافل، ويحتفى بهم في الشاشات. في هذا الوقت… يشعر المؤمن أن قلبه يتمزق، وأن البصيرة ليست ...