{حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ}
موقع أنصار الله || أخبار محلية ||
{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ} البأساء والضراء معناها المصائب فيما يتعلق بالأجسام، وفيما يتعلق بالممتلكات، شدائد، {لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ}، عسى أن يتذكروا من خلال ما أصابهم فيرجعون إلى الله.
{فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ} (الأنعام43) هلاّ إذ جاءهم بأس الله تضرعوا إلى الله، ورجعوا إليه؛ لأنه اكتشف لهم بأنه ما استطاعت آلهتهم أن تدفع، ولا يستطيعون هم أن يدفعوا، شيء يعلمون أنه من جهة الله، أشياء محدودة ليس العذاب الذي يأتي، عذاب التنكيل، {فَلَوْلا} يعني لو أنهم تضرعوا عندما جاءهم هذا البأس {وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (الأنعام43) متى ما قست قلوب الناس لا تعد تنفع معهم الآيات مهما كانت.
{فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ} (الأنعام44) في هذا يتبين لنا سنة إلهية، الناس بحاجة إلى معرفتها بشكل واسع، هنا تحسنت أحوالهم، وبدا لهم وكأن الأمور صلحت، وكأنه لم يعد عليهم شيء {فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ}، خيرات أموال، وأشياء من هذه، لكن ليست إلا ماذا؟ في طريق أن تكون الضربة عليهم شديدة. {حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ} هنا يتأكد الإنسان بأنه فقط النعم التي يجب أن ترتاح لها، وتطمأن إليها، النعم التي هي من الله سبحانه وتعالى؛ لاستقامة الناس على طريقته، أما نعم أخرى فاعتبر ما هي إلا ماذا؟ وسيلة من وسائل العذاب فعلاً، وهذا ـ مثلما نقول ـ إنه فعلاً تقطع على الكثير من الناس، لأنه فعلاً للأسف الكثير من الناس عندهم هذه القضية يعني من السهل أن يميل عن الحق، يميل عن مواقف حق، يمشي بعد الباطل مع أهل الباطل؛ لأجل يحصل على مصالح، وحصل له بيت، حصل له كذا، حصل له أشياء، وعنده صلحت له الأمور {وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ} (المائدة من الآية71) مثلما قال سابقاً.
لا، لا يمكن في عدل الله سبحانه وتعالى ـ على ما يتبين من خلال الكثير من الآيات في القرآن الكريم ـ أن يترك الآخرين وكأنهم متنعمين ومرتاحين، وهناك بالنسبة لأوليائه يقول لهم أن يضحوا بأنفسهم وأموالهم، وإن لحقهم بأساء وضراء فلا يبالوا، فهل سيترك الآخرين أن يتنعموا، يتركهم يتنعموا؟ لا، هي على هذه الطريقة، وهي تعتبر فترة قصيرة، والإنسان بطبيعته عندما تمر به مثلاً ثلاثين سنة من عمره في أعلى نعيم يتصوره في هذه الحياة، هو يعتبره حلم، أليس حلماً؟ هل الإنسان يتذكر الماضي، نعم في الماضي؟ لا، تصبح وكأنها حلم، تكون الضربة عليه شديدة جدا مثلما قال في آية أخرى {فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ} (التوبة55).
هنا تكون المسألة قد هي عبارة عن ماذا؟ عن ما يسمى استدراج، أو إمداد، تصبح أنت يقسو قلبك، وتبتعد عن الهدى أكثر، وعندك [ما هناك خلة، وها أنت هذا ما أصابك شيء بسبب أنك ما مشيت بعد طريقة حق، ما لحقك شيء، وهي هذه أمورك سابر، وأمورك مستقيمة] بل قد تحاول تقول لآخرين [تعال معنا، لاحظ معنا أشياء والدنيا سابرة، لا تمشي مع ذولا عندك الصعاليك، ما معهم شيء] هنا أليس الإنسان يبتعد عن الهدى، ويتمادى في غيه؟ في الأخير لتكون الضربة شديدة عليه.
وفعلاً متى ما كان لدى الإنسان ممتلكات تكون الضربة شديدة جداً عليه، إذا أنت فقير ليس بيدك شيء تكون المسألة طبيعية عندك، مثل حالتنا الآن، هل أحد منا متألم مثلا أنه انقلبت عليه قاطرة؟ الآن هل يوجد أحد؟ لا يوجد. لو أنه كان لديك قاطرة، وانقلبت عليك القاطرة، كيف ستكون أنت الآن؟ ستكون في حالة، لا يهنيك القات، ولا تعرف ماذا يقول الناس، وفي حالة سيئة، وتبحث كيف إذا بالإمكان أن يحصل لك من أي جهة مساعدات أو …. المهم ألم شديد، أليس ألألم سيكون شديداً؟ الآن لا يوجد.
هي هكذا، الإنسان قد يدخل في مواقف باطلة، وقد يستجيب لأهل الباطل، وقد تعرض عليه إغراءات، وفجأة ما عرفت إلا وقد استطاع أن يبني له بيتاً، ولا عرفت إلا وقد اشترى له سيارة، وما تدري إلا وقد معه كذا، وما تدري بعد ويضربه الباري ضربة شديدة، يرى نفسه كلما كان معه وإذا هو ليس إلا كمثل من يجمع الفحم حوله؛ ليكون الإحتراق كبيراً، ليكون الإحتراق من حوله، احتراق النار شديد، يلتهب بشكل أشد.
{فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ} هو غني، ثم في الأخير يرى نفسه بأنه سيفوت عليه كذا، وسيفوت عليه كذا، وسيفوت عليه كذا، وسيفوت ويفوت، ويعدد، ويكون هو يتعذب أمام كل قضية لوحدها.
الآن حسب تصورنا كيف ستكون الآن نفسيات كثير من الحكام العرب، والمسئولين الكبار، والتجار الكبار الآن في المرحلة هذه؟ كيف سيكونون؟ أصحاب المناصب الكبيرة، والممتلكات الكبيرة، والأشياء الكثيرة …. عندما يتذكر أن أمريكا متجهة عليهم، وأمريكا هذه لم يعد هناك من يردعها، وفي الأخير يتذكر منصبه، ويتذكر أنه في يوم من الأيام قد يكون إما يقتلونه، أو يصبح منفياً في أي بلد آخر، مطرود من بلده، أو يرى نفسه أن القصور التي هو فيها يمكن أن يفارقها، السيارة التي يركبها يرى بأنه ممكن يفارقها، حدائقه، مزارعه، وإذا هو يرى كل ما الإنسان يعتبره نعمة قد صار يراه، وينظر إليه بشكل يتألم، يتألم كلما رأى شيئا تألم؛ لأنه سيفارقه.
وتحصل أمثلة في الحياة، لاحظ صدام كيف كانت قصته قصة غريبة، قصة رهيبة جداً، يصل الأمريكيون والبريطانيون إلى داخل قصوره، ويعبثون بها وبأثاثها، ويحطمون صوره، ويحرقونها، المهم قضية نعوذ بالله أصبحت حتى الصورة التي كان يحاول يعممها في كل مكان، أصبحت وسيلة لتعذيبه، خزي، أصبحت الصورة نفسها، لأن صدام فعلاً عندما زرنا العراق عنده اهتمام بقضية صوره، في كل مكان حتى في بعض الصحاري خارج في الطرق ما بين المدن يكون هناك صورة موجودة لوحدها مثل أكبر جدار، ومعها مولد كهرباء لوحدها، وشبك من هناك محيط بها لوحدها، وكشافات! المهم كم يمكن أن تكلف الصورة لوحدها، وفي الأخير ترى ألماً، تتحول تلك الصور نفسها إلى وسيلة خزي له؟ هكذا تكون العواقب، لأنه هكذا بالنسبة للقرآن الكريم قطع كل المجالات أمام الناس جميعاً، أمام من يفكر تفكيرات أخرى، يجب أن يفهم بأنها كلها خسارة؛ لأنه قدم كل شيء هو عدول عن هداه هو خسارة لا شك فيها كيفما كنت أنك ستخسر. {حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا} وأشد الأسى والحزن الذي يأتيك في حالة فرح، فرح بما أوتي [قد الأمور سابر] {أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ}، مفلسون، آيسون، {فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمالَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (الأنعام45).
دروس من هدي القرآن الكريم.
الدرس الخامس والعشرون من دروس رمضان .
ألقاها السيد حسين بدر الدين الحوثي / رضوان الله عليه.
بتاريخ 25 رمضان 1424هـ
الموافق 19112003م