بين التحشيد الإيماني للميادين والتحشيد للملاجئ رعبًا من الصواريخ

  ما بال أمةِ المليارَيْ مُسْلِمٍ، أمةٌ اصطفاها اللهُ سبحانهُ وتعالى من بينِ الأممِ، فاختصَّها بالإسلامِ والقرآنِ والقادةِ الأعلامِ، ووهبَها من أسبابِ وعواملِ النصرِ والتمكينِ والغلبةِ على أعدائِها في آياتِ كتابهِ الكريمِ بأوضحِ تفصيلٍ وبيانٍ؟  غيرَ أنها قابلتْ ذلكَ الفضلَ والإكرامَ بالهجرِ والجحودِ والنكرانِ!  فإذا بألدِّ أعدائِها – كيانٌ غاصبٌ لقيطٌ، ضربَ اللهُ عليهِ الذلةَ والمسكنةَ والصغارَ – يحتلُّ أرضَه...

صراع الإرادات في البحر الأحمر: اليقين اليمني يكسر وهم القوى العظمى

  في دهاليز البحر الأحمر، وعلى مسطحه الملتهب، تتجلى اليوم ملحمة صراع الإرادات التي تعيد تشكيل الخارطة الجيوسياسية للعالم، وتُسقط الأقنعة عن زيف هيمنة القوى العظمى المزعومة. لم يعد البحر الأحمر مُجَـرّد ممر مائي حيوي، بل بات ساحة تكشف حقيقة الضعف الذي ينخر كيان الاستكبار العالمي أمام صلابة اليقين اليمني المتجذر في القرآن الكريم. منذ عقود، اعتادت أمريكا وحلفاؤها على رسم الخطوط الحمراء، وتحديد مسارات الملاحة، وفرض إرادتها بالقوة الغاشمة ع...

ساحر البحار

  تعدَّدت الوقائعُ المفاجئة التي أربكت التحضيرات المسبقة للقاء ثنائي جريمة الإبادة الجماعية، ترامب ونتن ياهو في وكر الجريمة العالمية المسمى البيت الأبيض، وأفسدت تلك الوقائع اللمسات الأخيرة لسيناريو الإخراج الهوليودي للترتيبات الاحتفائية بوَهْمِ الإنجاز، الذي ترتب على عملية "عربات جدعون" في غزة، وجريمة العدوان على الجمهورية الإسلامية الإيرانية؛ فالجميع محليًّا وخارجيًّا مدرك تمامًا أنه لا إنجاز، بل إخفاق، وأن الرغبة الأمريكية الت...

غزة و"الوسيط" الأمريكي المنحاز.. مخادعات لا مفاوضات!

  تتصاعد في هذه الأيّام وتيرة الحديث عن مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة، وسط دمار هائل ومعاناة إنسانية غير مسبوقة يعيشها أبناء الشعب الفلسطيني. وبينما تتواصل الغارات الصهيونية على الأحياء السكنية وتُرتكب المجازر في وضح النهار، تتحَرّك بعض الأطراف الإقليمية والدولية للبحث عن تهدئة مؤقَّتة، يحاولون من خلالها تهدئةَ الأجواء لا أكثر، دون معالجة جذور الأزمة. المقاومة الفلسطينية، التي تقاتل دفاعًا عن أرضها وكرامة شعبها، ترى أن أيَّ اتّفاق لا ...

صفحة يمنية في عمق البحر

  ليس مُجَـرّد صاروخٍ عبر البحر. ليس مُجَـرّد سفينةٍ غارقة، ولا اسم يُضاف إلى قائمة الاستهداف. ما جرى اليوم بإغراق السفينة الثانية "إتيرنتي سي" خلال أسبوع واحد ليس عملًا عسكريًّا عاديًّا، بل هو صوت الأُمَّــة وهي تنهض، هو النبض اليمني الصاعد من ركام الحصار ليرتفع عاليًا فوق أمواج البحر، معلنًا أن الردع أصبح في يد من صدقوا ما عاهدوا الله عليه. اليمن لا يرسل رسائل رمزية، ولا يطلق صرخات احتجاجية. اليمن اليوم يكتب بلغة الحديد وال...

أ.د عبدالعزيز بن حبتور

عضو المجلس السياسي الأعلى

لن تكُونَ عَدن والمُحافظاتُ الجنُوبية مِرتعاً للغزاة الأجانبِ مرَّةً أخرى

      هي حكايةٌ سياسيَّةٌ ذاتُ أبعادٍ أخلاقيَّةٍ، وقيميَّةٍ، وإنسانيَّةٍ نتداولُها اليومَ؛ بوصفِها قضيَّةً يوميَّةً في وسائلِ الإعلام، وفي الحِواراتِ المُباشِرةِ بينَ الأفرادِ، والجماعاتِ، وحتى داخلَ الأسرةِ الواحِدةِ، ويبرزُ فيها انقسامُ الأشخاصِ، والجماعاتِ، حتَّى بينَ أفرادِ الأسرةِ الواحدةِ ذاتِها، ذلك الانقسامُ، والتَّمزُّقُ مردُّه إلى الآتي: إمَّا أن يكُونَ مصدرُ الخلافِ، ومرجعُه حولَ تلك القضايا سياسيَّاً، أو د...

مقامة الغرق في يمِّ العزة.. وقيامة اليمن لغزة

  رُوِيَ عن البحر أنه تنفَّس ذات مساءٍ بشهيق البرق، واهتزَّ لجلال المشهدِ كما تهتزُّ المآذنُ لنداء الواحد الأحد، وفي ثنايا الموج الأحمر، وقف حارسُه اليمنيُّ كالأشتر، مزمجرًا لا مرتجفًا، وباسلًا لا متردّدًا، وقال فقالت الحقيقة: "لن تمروا.. ولو سارت عليكم الأنهارُ ركوعًا". يا صاحِ.. هُناك رأيتُ الأفق اهتزّ، لا من ريحٍ ولا من مَدٍّ؛ بل من هيبةِ الرجالِ إذَا أرعدوا، ومن بأسهم إن اشتدّوا، ومن صرخةٍ يمنية، دوَّت في وجه غطرسة ملتوية...

توهَّـم الردع.. فسقط في الفخ

  الكيان الصهيوني توعّد ونفّذ.. لكن اليمن أجهض الهجومَ وأشعل البحرَ والعمقَ برسالة لا تُنسى. الحسابات الخاطئة لم تكن الضربة الجوية التي نفّذها الكيان الصهيوني ضد اليمن إلا فصلًا جديدًا من سلسلة الأوهام الأمنية التي يعيشها قادة تل أبيب. راهنوا على الخوف، وعلى الضربة السريعة، وظنوا أن اليمن سيرتبك تحت وقع القصف، لكن ما حدث كان العكس تمامًا.   الهجوم الجوي... تكسّر على جدار الجهوزية الضرباتُ الجوية التي استهدفت بعض الم...

حفلة شواء

  استعدت المقاومة الإسلامية في قطاع غزة لليوم الذي يلتقي فيه ثنائي الجريمة ترامب ونتن ياهو في العاصمة الأمريكية واشنطن في وكر الجريمة المسمى البيت الأبيض، وكانت الأفعال المؤثرة للمقاومة الإسلامية في قطاع غزة هي الدافع الأَسَاس لذلك الترويج الواسع عن الرغبة الترامبية الأمريكية لمسمى وقف إطلاق النار في قطاع غزة، من خلال الماكينة الإعلامية المكلَّفة بتغطية أفعال جريمة الإبادة الجماعية، تلك الرغبة تهدف أَسَاسًا إلى إخراج نتن ياهو وجيشه المتها...

اتّفاق «هدنة غزة»: فخٌّ استراتيجي أم فرصة سلام؟ قراءة نقدية للمقترح ونتائجه المتوقعة

  في خضمِّ الحربِ الوحشية المُستمرّة على غزة، تتوالى المبادراتُ الدولية التي تدعو إلى وقف إطلاق نار «مؤقت» لمدة 60 يومًا، مثلما تروج له وساطة بورما وغيرها من القوى الإقليمية والدولية. هذا المقترح يبدو للوهلة الأولى «نافذة إنسانية» لإنقاذ أرواح المدنيين، لكن تحليلًا أعمقَ يكشف عن كونه قد يكون فخًّا استراتيجيًّا خطيرًا يهدّد المقاومة الفلسطينية ومستقبل القضية برمتها.   هدنة من طرف واحد؟ الأَسَاس في أي ا...

الاستراتيجية الوحيدة المتاحة لتحييد اليمن..

  لقد بات من الواضح أن العدوَّ الصهيوني في تعامله مع جبهات الدعم والإسناد قد اعتمد الاستراتيجية القائمة على أَسَاس التحييد، وليس على أَسَاس الردع.. ليس لأنه يريد ذلك طبعًا.. ولكن لأنه وجد نفسَه مضطرًّا إلى ذلك.. وأن لا خيارَ أمامه سوى ذلك.. فبعد أن بدأ هذا العدوّ عدوانَه الغاشم والظالم على «غزة» على خلفية عملية السابع من أُكتوبر، وجد نفسَه أمام متغير جديد لم يكن في حسبانه وهو انخراطُ محور المقاومة ودخوله على خط الم...

"الراية السوداء".. التي خنقت صاحبَها!

  "الرايةُ السوداء" هكذا عنون العدوُّ الصهيوني عدوانَه على اليمن، وكأنّها راية نصر أَو جولة هيبة، لكنّها لم تكن سوى كفنٍ رمزيٍّ لحلمٍ خائب، سَرعانَ ما انقلب كابوسًا يطارده في عرض البحر وتحت سماء اليمن لم تكن "الراية السوداء" سوى غيمة توهّمها العدوّ غطاءً لجرائمه، فإذا بها تنقلب سحابة صيف تتبخّر تحت شمس الباس اليماني لتتحوّل إلى رماد يُذرَّى في بحر العرب ومضيق باب المندب. تخيَّلوا الغطرسة: كَيانٌ بُنِيَ على القتل ...

صرخة الحق في زمن السقوط العظيم

  سقطت الأقنعة، وتكشّفت الوجوهُ المزيّفة، وبان العفن المتكدّس تحت عروش الزيف العربي؛ فما عاد هناك شكّ أن أكثر "الأنظمة" ليست سوى عبء على الأُمَّــة، سكين في خاصرة فلسطين، وخنجر صدئ في ظهر غزة. بينما يُذبح أطفال غزة على موائد الصمت، وتُسحق النساء تحت ركام البيوت، وتُدفن الإنسانية تحت أنقاض الكذب الأممي، ينبثق من جبال اليمن رجالٌ... لا يملكون طائرات F16، ولا قواعد أمريكية، ولا يخضعون لغرف عمليات "العار"، بل يملكون إيم...

اليمن.. ميدان الركلات الأخيرة

  لم يكن اليمن يومًا محطةً عابرة في مسار الأحداث ولا مهبطًا لرياح الشعارات الزائفة والضجيج العابر. إنه بلد الموقف أرض الثبات التي ما انحنت يومًا إلا لله وما خضعت لغير الله. بلدٌ إذَا صمت صمت بحكمة وَإذَا نطق دوّت كلماتُه من منابر الوعي إلى ميادين النار. لقد قرّر اليمن أن يُدوّنَ موقفَه بلُغةٍ لا تعرفُ المجاملة، لغة الصواريخ الفرط صوتية التي حملت على رؤوسها موقفًا لا يعرف التردّد ورسالة لم تعد الكلمات قادرة على إيصالها. في زمنٍ يتساق...

ثنائي الجريمة

  التقى اليوَم ثنائيُّ جريمة الإبادة الجماعية، ترامب رأس الإجرام في الإدارة الأمريكية، ونتن ياهو كبير مجرمي الكيان الصهيوني، يأتي هذا اللقاء بعد ترويج إعلامي لأكثرَ من أسبوع، حول فرصة الاتّفاق التي يمكن أن يخرج بها لقاء هذين المجرمين، وخلال الأسبوع الماضي تضمن الترويج الإشارة إلى ما يمكن أن يمارسه المجرم ترامب من ضغوط على المجرم نتن ياهو للوصول إلى ما يصفونه بوقف إطلاق النار في قطاع غزة، وفي حقيقة الأمر لا يمكن لمجرم أن يتوقف طوعًا عن أفع...

كربلاء الأمس واليوم.. ثورة مُستمرّة وانتصارُ الدم على السيف

  في صحراء كربلاء سُفِك الدم الطاهر، لا ليروي تراب الأرض، بل ليُزهر في وجدان الأحرار ثورة لا تخمد، ورسالة لا تموت. سُفك الدم الطاهرُ على الرمال الطاهرة، وقامت على دماء الحسين إمبراطوريات وممالك أرادت أن تزيف التاريخ وأن تطفئ نور الله لكن يأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون. لقد مرّت القرون، وتبدلت الوجوه، ولكن كربلاء لم تُغلق كتابها. فهذا الحسين منارًا إلى ضوءه يهتدي الباحثون عن الكرامة، وملاذًا يحتمي بأسواره التواقون إلى الح...

الحسين.. صوت الحق في كُـلّ زمان، ونهج المقاومة في وجه الطغيان

  لم يكن الإمام الحسين عليه السلام رجل لحظة ولا قائد ثورة محلية، بل كان صوت الإسلام الصافي، وصدى الرسالة المحمدية الممتد في وجه الطغيان إلى آخر الزمان. لقد قدّم نفسه للأُمَّـة كشخصية ثورية إسلامية عالمية، أسّس مدرسة متكاملة لمواجهة الظلم والظالمين، وبنى بمعاناته واستشهاده معالم نهجٍ خالد، لا تحدّه حدود الجغرافيا، ولا تقيده ظروف التاريخ. وفي وقفته في كربلاء تجسدت كُـلّ المعاني التي بها تُعرف الثورات وتُقاس المبادئ وتوزن العزائم، فهو الذي و...

روح الطفّ ومدامع الشهادة تستنطق من عاشوراء ميثاقَها المتجدد

  حدَّثنا حارسُ التاريخِ ومُوقظُ الضمائر المستنيرة، وكان من أرباب الوعي والبصيرة؛ فقال: يا صاحِ، اقرأ بلسانِ البلغاءِ صَفحَةً من كربلاء، تلك التي ما برحت تنسجُ خيوطَها من نينوى حتى غزة، ومن شامِ العزة إلى يمنِ الإباء؛ فإن كنتَ من طينةِ الأحرار، فاسمعْ حديثَ المقامِ، حديثَ سيدٍ ما انحنى، ولا جَبُن، ولا استكان. رأيتُهُ، بأبي هو وأمي، قد أشهر دمَهُ في وجهِ الطاغوت، وسلّ سيفَ الفداء من غمدِ التاريخ؛ فظل نجمُهُ خريطةً يهتدي بها المجاهدون في...

عاشوراء.. شهادة التاريخ المتكرّرة على انحراف الأُمَّــة

  في العاشر من محرم الحرام من كُـلّ عام، تجثم على صدور المؤمنين فاجعة كربلاء، تلك الحادثة الأليمة، بأحوالها وأهوالها الرهيبة العظيمة، وما ارتُكب فيها بحق آل البيت عليهم السلام، من أبشع المجازر وعمليات الإبادة المهولة، بتلك الصورة الإجرامية الوحشية القذرة، التي لا تمت إلى الإسلام بصلة، ولا يجيزها الدين حتى بحق الأعداء والمحاربين، ناهيك عن المسلمين - فيما بينهم - من أبناء الملة الواحدة، ناهيك عن آل بيت رسول الله -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَع...

صعدة تُحيي الحسين: كربلاء لا تموت.. والمشروع مُستمرّ

  الحسين في صعدة.. من الطف إلى كُـلّ زمان لم تكن مسيرة مدينة صعدة مُجَـرّد إحياء لذكرى استشهاد الإمام الحسين عليه السلام، بل كانت صرخة وعي وبصيرة في وجه الطغيان الممتد. خرجت الجماهير من باب المشروع والرسالة، لتقول إن الحسين لم يُغتَل في كربلاء، بل وُلد في كُـلّ أرض ترفض الذل، وتنهض لمواجهة الظلم. وفي صعدة، كان الحسين حاضرًا بصوته وموقفه، وسيفه الذي لم يُغمد. مشروع لا يُهزم.. من كربلاء إلى فلسطين واليمن كربلاء لم تكن حادثة عابرة، ...