دلالات وأبعاد خطاب السيد القائد في مناسبة المولد النبوي الشريف 1444هـ (1)

 

ترافقت هداية الله سبحانه وتعالى، وتعاليمه المباركة للإنسان منذ بداية الوجود البشري، وكانت النعم المادية والمعنوية – ولا تزال- ضرورية لنجاح الإنسان في أداء مسؤولياته في الاستخلاف في الأرض، وإقامة القسط والعدل، وإقامة الحضارة الراقية، التي تبنى على أساسٍ من المبادئ والقيم الإلهية، ويعيش الإنسان بها الحياة الطيبة.

وفي كلمته بمناسبة المولد النبوي الشريف للعام 1444هـ تطرق السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي إلى قضية هامة جداً، حيث أكد أن الانحراف في مسيرة البشر عن هدى الله عزَّ وجلّ، وتعاليمه هو سبب الشقاء والتعب والعناء للإنسان، فالله سبحانه وتعالى قد كرَّم الانسان وسخَّر له النعم في السماوات والأرض، وكلما تجاهل الانسان هذه النعم فإن عاقبته هي الخسران والعياذ بالله، إذ إن البديل عن هداية الله عزَّ وجلّ هي غواية الشيطان الرجيم الذي يعتبر عدو الانسان الأول.

على ماذا تعتمد مساعي الشيطان العدائية؟:

يُبيَّن السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي أن الشيطان يعتمد في مساعيه العدائية في الإضلال والإفساد والإغواء على فريق عملٍ من شياطين الإنس والجن، الذين تحوَّلوا إلى مصادر للإضلال والإفساد، كما بيَّن ذلك الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم، بقوله: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا}، وكذلك قاله سبحانه وتعالى: {وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا}.

الارتباط بالشيطان:

يُقدَّم السيد القائد التشخيص الدقيق لتصرفات أولئك الذين أصبح لهم ارتباط بالشيطان من بني البشر الذي وصل إلى مستوى الشراكة في الأموال والأولاد، وفي القوة البشرية والمادية، بأنهم هم أولئك الذين يناوئون الأنبياء والرسل، ويعارضون رسالات الله، ويعملون على الانحراف بالناس عن إتِّباعها، فهم الطاغوت، كما سمَّاهم الله سبحانه وتعالى بذلك في القرآن الكريم في قوله تعالى: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}.

طاغوت العصر:

يسعى طاغوت العصر “الأمريكي والإسرائيلي” -كما يسميه قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي-  إلى تنفيذ كل مساعي الطاغوت والاستكبار، بالعمل على إخراج الناس من النور إلى الظلمات، بكل الوسائل والأساليب، ويمكن توضيح مجمل أعمالهم ومساعيهم على النحو التالي:

  • نشر العقائد والثقافات والمفاهيم الباطلة والخاطئة:

تسعى قوى الطاغوت والاستكبار إلى نشر العقائد والثقافات والمفاهيم الباطلة والخاطئة، المسيئة إلى الله تعالى، والمؤثرة سلباً على العلاقة الإيمانية به، والتصور الخاطئ تجاه امتداد العلاقة الإيمانية بالله تعالى في حياتنا وأعمالنا، حيث يسعون إلى نشر الإلحاد، والترويج للشرك بالله تعالى، ويعملون بكل الوسائل على نشر العقائد المسيئة إلى الله “جلَّ شأنه” ونشر وترويج المفاهيم المغلوطة التي تضرب الإنسان في إيمانه بالله سبحانه وتعالى.

  • فصل الناس وإبعادهم عن كتب الله والأنبياء والرسل:

يسعى الطاغوت والاستكبار إلى فصل الناس وإبعادهم عن الأنبياء والرسل كقادةٍ وقدوة، وفصل الناس وإبعادهم عن كتب الله وتعليماته كمنهجٍ للحياة، وأساسٍ ومرجعٍ للمعرفة، وللهدى والعلم، فمن أسوأ ما يفعلونه في فصل الناس وإبعادهم عن كتب الله والأنبياء والرسل هو تحريفهم لمفاهيم الدين باسم الدين نفسه.

في ظل ما يستجد في واقع الأمة من تحديات وأخطار، يتجلى بوضوح سعي أعداء الأمة لفصلها عن أنبيائها ورسلها، وعن خاتم النبيين، وسيد المرسلين رسول الله محمد “صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله”، بشتى الوسائل، من خلال الأنشطة التضليلية بمختلف أنواعها، على المستوى الثقافي، والفكري، والإعلامي، وبالوسائل المباشرة، والأساليب غير المباشرة.

  • تقويض القيم والأخلاق، ونشر المفاسد والرذائل:

يسعى الطاغوت والاستكبار في عصرنا الذي يمثل الأمريكي والإسرائيلي فيه طاغوت العصر لتقويض القيم والأخلاق، والعفة، والطهارة، والشرف، فعملوا بجد على نشر المفاسد والرذائل، والفواحش، وما يجرُّ إليه من التبرج والفوضى في الاختلاط، والعلاقات المحرَّمة، لضرب زكاء النفوس، وكذلك استهدف اللبنة الأساسية للمجتمع، وهي: الأسرة؛ لتفكيكها، والسعي لنشر جريمة الفاحشة الشنيعة (المثلية)، وكل ما يدنس النفوس، ويفقدها الزكاء، ويدفعها إلى الجريمة، والرذيلة، إضافة إلى نشر الجرائم، والترويج لها بما يساعد على انتشارها، كالخمور والمخدرات، واستباحة المحرمات والخبائث، وإلغاء الانضباط بمسألة الحلال والحرام.

  • منع إقامة القسط والعدل بين الناس:

تسعى قوى الطاغوت والاستكبار ممثلة بأمريكا وإسرائيل بشكلٍ مستمر إلى منع إقامة القسط بين الناس، والعمل على تغييب العدل من الحياة، وتمكين الظالمين لظلم الناس، وتشجيع ارتكاب الجرائم الرهيبة بحق المستضعفين، من القتل الجماعي، والنهب لثرواتهم، وحرمانهم منها، وممارسة كل أشكال الظلم، وانتشار الجرائم، وإذلال الناس واستعبادهم واستغلالهم، واعتماد الهمجية والتوحش والجبروت لإخضاعهم.

  • إماتة الشعور بالمسؤولية لدى الإنسان:

بهدف إفساده الإنسان كوسيلةٍ للسيطرة عليه، فإن قوى الطاغوت والاستكبار “أمريكا وإسرائيل” تحرص بشكلٍ مستمر إماتة الشعور بالمسؤولية بين أوساط الناس، والدفع بالإنسان نحو الانفلات والفوضى في أعماله وتصرفاته، وعدم الاستشعار لعواقب أعماله، وما يترتب عليها من الجزاء.

الطابع الطاغوتي ضحيته الناس:

في ضوء ما سبق، يؤكد السيد القائد أن: “هذا الوضع الذي يطبعونه بذلك الطابع الطاغوتي يسمى في القرآن بالجاهلية، وضحيته هم الناس، وآثاره السيئة في الحياة ملموسةٌ في كل المجالات، في الحاضر المعاصر، وأيضاً معروفةٌ في تاريخ الأمم الغابرة، وفي الجاهلية الأولى، ما قبل بعثة خاتم الأنبياء رسول الله محمد “صلى الله عليه وآله”، وكانت قد وصلت بالمجتمع البشري إلى وضعيةٍ خطيرة، فكانت رحمة الله تعالى بخاتم أنبيائه ورسله محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم، يمتد نسبه إلى نبي الله إسماعيل، ابن نبيه وخليله إبراهيم “عليهما السلام”.

 

 

قد يعجبك ايضا