التهاون في أداء المسؤولية الجهادية ناتج عن قصور في الخوف من الله
الخوف من الله جانب مهم وصمام أمان في اندفاع الإنسان في مسؤوليته بجد واهتمام والتزام، كلما يضعف عند الإنسان جانب الخوف من الله سيترتب على هذا قصور في واقعه، في أدائه لمسؤولياته الجهادية، وتهاون، تهاون.
الإنسان عندما يتهاون في عمله الجهادي هذا ناتج عن ماذا؟ عن قصور في جانب الخوف من الله سبحانه وتعالى، نحن في واقعنا كمجاهدين كمؤمنين لنا قدوات المسيرة الإيمانية، المسيرة في مقدمتها أنبياء الله، هم قدوتها وهم قادتها أنبياء الله.
لو نعود إلى القرآن الكريم لنجد كيف تحدث عن الأنبياء؟ عن روحيتهم؟ عن مشاعرهم؟ عن خوفهم من الله سبحانه وتعالى؟ كيف يتحدث القرآن الكريم حتى عن النبي (صلوات الله عليه وعلى آله)، النبي محمد سيد الأنبياء وخاتم الأنبياء وهو يعلمه أن يقول: {قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ}(الأنعام:15) {قُلْ إِنِّي أَخَافُ} الله سبحانه وتعالى يعلم النبي أن يقول هكذا، لحكاية واقع لحكاية واقع، يعني ما المسألة مسألة أنه يقول له خف من الله أو خف من الله، كن خائفاً، لا. {قُلْ إِنِّي أَخَافُ} يعني: يحكي واقع هذه حالة يعيشها النبي {إِنِّي أَخَافُ}، {إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} يعني: أن الله يأمره بأن يحكي واقعاً يعيشه، نفسية قائمة موجودة، روحية موجودة.
حالة الخوف من الله سبحانه وتعالى وتعلق في هذا التوجيه الإلهي نفسه، فيما يتعلق بالمسؤولية وأداء مسئوليته الرسالية {قُلْ إِنِّي أَخَافُ} النبي (صلوات الله عليه وعلى آله)، في مقامه العظيم في علاقته الكبيرة بالله سبحانه وتعالى في واقعه الإيماني الراقي، إيمان على أرقى درجات الإيمان، وسلوك على أرقى مستوى، {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}(القلم:4) وأداء للمسؤولية باهتمام بالغ جداً {لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلاَّ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ}(الشعراء:3) كان في مقدمة مسؤوليات النبي (صلوات الله عليه وعلى آله) العمل على هداية الناس، فكيف كان مستوى الحرص، الحرص لديه على هذه المسؤولية؟ {لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ} تكاد أن تهلك نفسك، لدرجة أنه يقول له: {طه (1) مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى}(طه:1ـ2)، حالة كبيرة جداً جداً جداً من الاهتمام بالمسؤولية، والحرص الكبير على هذه المسؤولية على أهداف هذه المسؤولية، على غايات هذه المسؤولية، ومع هذا كان يعيش حالة الخوف الكبير من الله سبحانه وتعالى {قُلْ إِنِّي أَخَافُ}.
يحكي القرآن الكريم عن نماذج إيمانية عالية من غير الأنبياء، مثلما حكى في سورة الإنسان عن الإمام علي (عليه السلام) وفاطمة الزهراء النموذج الإيماني الأعلى بعد مستوى الأنبياء {إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا}(الإنسان:10)، حالة كبيرة جداً، حالة بارزة، حالة مؤثرة، حالة دافعة، تدفع الإنسان إلى العمل بمسؤولياته، وحالة تجعل الإنسان ملتزما وحذرا كل الحذر من التقصير من الإهمال من التجاوز إلى ما نهى الله سبحانه وتعالى عنه.
هذا الجانب جانب مهم يعني: عندما أتأمل في واقعي الإيماني وأريد أن أقيم مستوى علاقتي بالله سبحانه وتعالى في مقدمة ذلك أن أقيم مدى خوفي من الله سبحانه وتعالى.
[السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي (حفظه الله)]